الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وإنْ كان بعض أهل العلم حسن الرأي فيه، قال شعبة: كان صدوق اللسان، ووثقه دحيم.
وكذلك لا يصح ما رواه أبو داود (457)، وابن ماجه (1407)، وأحمد (27626) كلهم من طريق زياد بن أبي سودة، عن أخيه عثمان بن أبي سودة، عن ميمونة مولاة النبي صلى الله عليه وسلم قالت: يا رسول الله! أفْتِنا في بيت المقدس قال: "أرض المحْشَرِ والمنْشَر، ائتُوه فصلوا فيه، فإن صلاةً فيه كألْف صلاةٍ في غيره" قلت: أرأيت إن لم أَستطع أن أتحمل إليه؟ قال: "فتهدي له زيتًا يسرجُ فيه، فمن فعل ذلك فهو كمن أتاه" فهو منكر.
قال الحافظ ابن رجب في فضائل الشام (331): "وإسناده قوي لأن رواته ثقات، لكن قد قيل: إن إسناده منقطع، وفي متنه غرابة".
قلت: وفي إسناده علل منها: زياد بن أبي سودة وإن قال فيه الحافظ: "ثقة" فقد تكلم فيه الذهبي في "الميزان" وأورد له هذا الحديث وقال: في النفس شيء من الاحتجاج به، وقال: هذا حديث منكر جدًّا ونقل عن عبد الحق: ليس هذا الحديث بقوي، وعن ابن القطان: زياد وعثمان ممن يجب التوقف في روايتهما.
ومنها: ميمونة لا يُدري من هي، ولا يعرف لعثمان سماع منها.
ومنها: الاختلاف في ذكر عثمان أبي سودة بين زياد وميمونة، فرواه ابن ماجه وأحمد كما مضى، ورواه أبو داود ولم يذكر عثمان بينهما.
ومنها: أن معنى الحديث لا يستقيم، فإن ألف صلاة خاصة لمسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم ثبت ذلك بالتواتر، ولم يثبت ذلك لأي مسجد آخر.
وكذلك لا يصح ما رواه البهقي في شعب الإيمان (3/ 486) من طريق إبراهيم بن أبي حية، عن عثمان بن الأسود، عن مجاهد، عن جابر بن عبد الله قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "صلاة في المسجد الحرام مائة ألف صلاة، وصلاة في مسجدي ألف صلاة، وفي بيت المقدس خمسمائة صلاة".
فإن فيه إبراهيم بن أبي حية ضعيف جدًّا. قال البخاري: منكر الحديث. وقال الدارقطني: متروك. وقال ابن حبان في المجروحين (13): "واسم أبي حية اليسع بن أسعد من أهل مكة، يروي عن جعفر بن محمد وهشام بن عروة مناكير وأوابد، يسبق إلى القلب أنه المتعمد لها".
تنبيه: وقع في النسخة المطبوعة للبيهقي: "ابن أبي يحيي" وهو خطأ.
وفي معناه أحاديث أخرى، وكلها معلولة، والصحيح فيه حديث أبي ذر كما سبق، والله تعالى أعلم.
21 - باب ما جاء في فضل مسجد قباء، وإتيانه راكبًا وماشيًا، وأداء الركعتين فيه، وأن الصلاة فيه تعدل عمرة
قال الله تعالى: {وَالَّذِينَ اتَّخَذُوا مَسْجِدًا ضِرَارًا وَكُفْرًا وَتَفْرِيقًا بَيْنَ الْمُؤْمِنِينَ
وَإِرْصَادًا لِمَنْ حَارَبَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ مِنْ قَبْلُ وَلَيَحْلِفُنَّ إِنْ أَرَدْنَا إِلَّا الْحُسْنَى وَاللَّهُ يَشْهَدُ إِنَّهُمْ لَكَاذِبُونَ (107) لَا تَقُمْ فِيهِ أَبَدًا لَمَسْجِدٌ أُسِّسَ عَلَى التَّقْوَى مِنْ أَوَّلِ يَوْمٍ أَحَقُّ أَنْ تَقُومَ فِيهِ فِيهِ رِجَالٌ يُحِبُّونَ أَنْ يَتَطَهَّرُوا وَاللَّهُ يُحِبُّ الْمُطَّهِّرِينَ}. [سورة التوبة: 107، 108].
• عن ابن شهاب قال: أخبرني عروة بن الزبير في قصة هجرته
…
فلبث رسول الله صلى الله عليه وسلم في بني عمرو بن عوف بضع عشرة ليلة. وأسس المسجد الذي أسِّس على التقوي، وصلَّى فيه رسول الله صلى الله عليه وسلم، ثم ركب راحلته، فسار يمشي معه الناس، حتي بركت عند مسجد رسول الله بالمدينة
…
صحيح: رواه البخاري في مناقب الأنصار (3906) عن يحيى بن بكير، حدثنا الليث، عن عُقيل قال: ابن شهاب فذكره.
قال الحافظ: صورته مرسل، لكنه وصله الحاكم (3/ 11) أيضًا من طريق معمر، عن الزهري قال: أخبرني عروة، أنه سمع الزبير به وقال أيضًا: والمسجد الذي أسس على التقوى هو مسجد قُباء قال: فهو أول مسجد بني بالمدينة، وهو في التحقيق أول مسجد صلى النبي صلى الله عليه وسلم فيه بأصحابه جماعة ظاهرًا، وأول مسجد بني لجماعة المسلمين عامة.
وقال: فالجمهور على أن المراد به مسجد قُباء، هذا هو الظاهر من الآية، ثم قال: والحق أن كلًّا منهما أُسِّس على التقوى وقوله تعالى:
…
{
…
فِيهِ فِيهِ رِجَالٌ يُحِبُّونَ أَنْ يَتَطَهَّرُوا} يؤيد كون المراد مسجد قُباء، وعند أبي داود بإسناد صحيح عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: نزلت: {
…
فِيهِ فِيهِ رِجَالٌ يُحِبُّونَ أَنْ يَتَطَهَّرُوا}. في أهل قُباء، وعلى هذا فالسر في جوابه بأن المسجد الذي أسس على التقوى مسجده، رفع توهم أن ذلك خاص بمسجد قُباء، قال الداودي وغيره: ليس هذا اختلافًا، لأن كلا منهما أسس على التقوى، وكذا قال السهيلي. وزاد غيره أن قوله تعالى:{مِنْ أَوَّلِ يَوْمٍ} يقتضي أنه مسجد قُباء، لأن تأسيسه كان في أول يوم حلَّ النبي صلى الله عليه وسلم بدار الهجرة"، انظر: "الفتح" (7/ 245).
• عن ابن عمر قال: كان رسول الله يأتي مسجد قُباء راكبًا وماشيًا، فيصلي فيه ركعتين.
متفق عليه: رواه مسلم في الحج (1399/ 516) عن محمد بن عبد الله بن نمير، قال: حدثنا أبي، عن عبيدالله، عن نافع، عن ابن عمر فذكر مثله. والبخاري في كتاب فضل الصلاة في مسجد مكة والمدينة (1194) من طريق يحيي (بن سعيد القطان) عن عبيدالله به إلا أنه لم يذكر ركعتين.
قال البخاري: "زاد ابن نمير، حدثنا عبيد الله، عن نافع فيصلي فيه ركعتين" وهو موصول من طريق مسلم.
ورواه البخاري أيضًا (1191) من طريق أيوب، عن نافع، عن ابن عمر أنه كان لا يُصلي من
الضحى إلا في يومين: يوم يقدم مكة، فإنه كان يقدمها ضُحى فيطوف بالبيت، ثم يُصلي ركعتين خلف المقام، ويوم يأتي مسجد قُباء، فإنه يأتيه كل سبت، فإذا دخل المسجد كره أن يخرج منه حتى يُصلي فيه وكان يُحدِّث أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يزوره راكبًا وماشيًا.
• عن ابن عمر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يأتي قُباء راكبًا وماشيًا.
متفق عليه: رواه مالك في قصر الصلاة (71) عن نافع، عن ابن عمر، وفي رواية أبي مصعب، عن مالك، عن عبد الله بن دينار، عن عبد الله بن عمر فذكر مثله. شرح السنة" (458).
ورواه مسلم في الحج (1399/ 518) عن يحيى بن يحيى، قال: قرأت على مالك، عن عبد الله ابن دينار به مثله، هكذا رواه مسلم عن يحيى، ولم أجد في رواية يحيى طريق عبد الله بن دينار، وإنما فيه طريق نافع كما مضى.
ورواه البخاري في كتاب فضل الصلاة في مسجد مكة والمدينة (1194) عن مسدد، عن يحيي (بن سعيد القطان) عن عبد الله، عن نافع به مثله.
• عن عبد الله بن عمر قال: كان النبي صلى الله عليه وسلم يأتي قُباء كلَّ سبتٍ ماشيًا وراكبًا، وكان عبد الله يفعله.
متفق عليه: رواه البخاري في كتاب فضل الصلاة في مسجد مكة والمدينة (1193)، ومسلم في الحج (1399/ 520) كلاهما من حديث عبد الله بن دينار، عن ابن عمر فذكر الحديث.
• عن سهل بن حُنَيف قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "من خرج حتى يأتي هذا المسجد مسجد قُباء، فصلى فيه كان له عدلَ عمرةٍ".
• حسن: رواه النسائي (699) عن قتيبة، قال: حدثنا مجمع بن يعقوب، عن محمد بن سليمان الكرماني، قال: سمعتُ أبا أمامة بن سهل بن حُنيف قال: قال أبي، فذكره.
ورواه ابن ماجه (1412) من وجه آخر عن محمد بن سليمان الكرماني به ولفظه: "من تطهَّر في بيِتِه، ثم أتي مسجد قُباء فصلَّى فيه صلاة، كان له كأجر عمرةٍ"، وإسناده حسن لأجل محمد بن سليمان الكرماني القباني ذكره ابن حبان في ثقاته (7/ 372) وروى عنه عدد كبير وإن لم أجد من وثَّقه. ورواية العدد الكثير ترفع عنه جهالةَ العين، والنفس تطمئنُّ بقبول روايته، لأنه لم يأت بخبر منكر وقال فيه الذهبي: وُثِّق، وتابعه عبيد بن محصن الأزدي وعقبة بن ميسرة أبو إسماعيل وغيرهما وله أسانيد أُخرى والذي ذكرته أمثلها.
ولذا قال الحاكم في المستدرك" (3/ 12): "هذا حديث صحيح الإسناد ولم يخرجاه".
وفي الموضوع أحاديث عن أسيد بن ظُهير الأنصاري، وابن عمر، وكعب بن عُجرة، وظهير بن رافع الحارثي الأوسي، وأنس بن مالك، وعمر بن الخطاب، وسعد بن أبي وقاص وغيرهم إلا أنَّها لا تخلو من ضعيف أو مجهول، وموقوف وإرسال، وإن البعض منها يُستشهد به عند بعض أهل العلم.