الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
فليجعلهما واحدة، وإذا شك في الاثنتين والثلاث فليجعلهما اثنتين، وإذا شك في الثلاث والأربع فليجعلهما ثلاثًا ثم يتم ما بقي من صلاته حتى يكون الوهم في الزيادة، ثم يسجد سجدتين وهو جالس قبل أن يسلم".
قال الحاكم: صحيح على شرط مسلم، شاهد لحديث عبد الرحمن بن ثابت بن ثوبان.
قلت: حديث عبد الرحمن بن ثابت رواه الحاكم من طريق عمار بن مطر الرهاوي، عنه، عن أبيه، عن مكحول، عن كريب مولى ابن عباس عن ابن عباس، عن عبد الرحمن بن عوف، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "من سها في صلاته في ثلاث، أو أربع فليتم، فإن الزيادة خير من النقصان".
وقال: صحيح الإسناد، وتعقبه الذهبي فقال: عمار تركوه.
قلت: مع تدليس ابن إسحاق فإنه اختلف عليه فرواه أحمد (1677) عن إسماعيل ابن علية، عن ابن إسحاق، عن مكحول مرسلًا، قال محمد بن إسحاق: وقال لي حسين بن عبد الله: هل أسنده لك؟ فقلت: لا. فقال: لكنه حدثني أن كريبًا مولى ابن عباس حدَّثه عن ابن عباس قال: جلستُ إلى عمر بن الخطاب فذكر القصة كما مضت، وحسين ضعيف جدَّا، وهكذا أخرجه أيضًا البيهقي (2/ 332) وقال:"فصار وصل الحديث الحسين بن عبد الله وهو ضعيف. إلا أن له شاهدا من حديث مكحول".
وهو يقصد به حديث عبد الرحمن بن ثابت، عن أبيه، عن مكحول كما سبق، ومكحول أيضًا مدلس وقد عنعن.
وللحديث طرق أخرى موصولة إلا أنها كلها ضعيفة ذكرها الحافظ ابن حجر في "التلخيص"(2/ 5) وقال: "هو حديث معلول" فهو يتردد بين انقطاع وموصول ضعيف مع التدليس.
2 - باب ما جاء في سجود السّهو بعد التسليم
• عن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم انصرف من اثنتين. فقال له ذو اليدين: أقَصُرَتِ الصلاةُ أم نسيتَ يا رسول الله؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "أصدق ذو اليدين؟ " فقال الناس: نعم. فقام رسولُ الله صلى الله عليه وسلم، فصَلَّى ركعتين أُخْرَيين، ثم سلَّم، ثم كبَّر فسجد مثل سجوده أو أطول، ثم رفع، ثم كبَّر فسجد مِثل سجوده أو أطولَ، ثم رفع متفق عليه: رواه مالك في الصلاة (58) عن أيوب بن أبي تميمة السختياني، عن محمد بن سيرين، عن أبي هريرة فذكر مثله.
ورواه البخاري في الأذان (714) عن عبد الله بن مسلم، وفي السهو (1228) عن عبد الله بن يوسف، كلاهما عن مالك به مثله، ورواه مسلم في المساجد (573) من طرق عن أيوب به وفيه: صلَّى بنا رسول الله صلى الله عليه وسلم إحدى صلاتَي العَشي. إما الظهرَ وإما العصرَ، فسَلَّم من ركعتين، ثم أتى
جذْعًا في قبلة المسجد فاستند إليها مُغْضَبًا. وفي القوم أبو بكر وعمر فهابا أن يتكلما. وخرج سَرَعَانُ الناس فقالوا: قُصِرت الصلاة. فقام ذو اليدين فذكر مثله.
ورواه البخاري (1229) من طريق يزيد بن إبراهيم، عن محمد بن سيرين به مثله.
ورواه أيضًا مالك (59) عن داود بن الحصين، عن أبي سفيان مولى ابن أبي أحمد أنه قال: سمعتُ أبا هريرة يقول فذكر مثله.
وفيه: "فقام رسول الله صلى الله عليه وسلم فأتم ما بقي من الصلاة، ثم سجد سجدتين بعد التسليم، وهو جالس". ورواه مسلم في المساجد (573/ 99) عن قتيبة بن سعيد، عن مالك به مثله.
ورواه البخاري في الصلاة (482) من وجه آخر عن ابن عون، عن ابن سيرين، عن أبي هريرة قال: صَلَّى بنا رسول الله صلى الله عليه وسلم إحدى صلاتَي العَشِيّ. قال ابن سيرين: سمَّاها أبو هريرة، ولكن نسيتُ أنا، قال: فصلى بنا ركعتين ثم سلَّم، فقام إلى خَشَبةٍ معروضةٍ في المسجد فاتكأَ عليها كأنَّه غضبانُ، ووضع يده اليُمنى على اليُسرى، وشبَّكَ بين أصابعه، ووضع خدَّه الأيمن على ظهر كفَّه اليُسرى، وخرجتِ السَّرعانُ من أبواب المسجد فذكر بقية الحديث مثله.
وفيه بعد قوله: "ثم سلَّم"، "ثم كبَّر وسجد مثل سجوده أو أطول، ثم رفع رأسه وكبَّر، ثم كبَّر وسجد مثل سجوده أو أطول، ثم رفع رأسه وكبَّر، فربما سألوه: ثم سلَّم"؟ فيقول: نبئتُ أن عمران بن حصين قال: "ثم سلَّم".
أي لم يذكر في حديث أبي هريرة التسليم بعد سجدتي السهو، وإنما ذكر في حديث عمران كما سيأتي، وحديث أبي هريرة رواه أيضًا الترمذي (394) من طريق هُشيم، عن هشام بن حسان، عن محمد بن سيرين، عنه ولفظه:"إن النبي صلى الله عليه وسلم سجدهما بعد السلام".
وحديث ذي اليدين رواه أيضًا عمران بن حصين وعبد الله بن عمر كما سيأتي واسمه: الخرباق.
• عن عمران بن حصين أن رسول الله صلى الله عليه وسلم صَلَّى العصر فسلَّم في ثلاث ركعات، ثم دخل منزله، فقام إليه رجل يقال له الخِرباق، وكان في يديه طول، فقال: يا رسول الله! فذكر له صنيعه، وخرج غضبان يجرُّ رداءَه حتى انتهى إلى الناس فقال:"أصدق هذا؟ " قالوا: نعم. فصلَّى ركعةً، ثم سلَّم، ثم سجد سجدتين، ثم سلَّم.
صحيح: رواه مسلم في المساجد (574) من طريق عبد الوهاب الثقفي، وإسماعيل بن إبراهيم (المعروف بابن عُلية) كلاهما عن خالد الحذاء، عن أبي قلابة، عن أبي المهلب، عن عمران بن حصين فذكر مثله.
وشذّ فيه أشعث بن عبد الملك الحمراني فرواه عن محمد بن سيرين، عن خالد الحذاء وزاد فيه:"ثم تشهد ثم سلم"، رواه من طريقه أبو داود (1039)، والترمذي (395) وقال:"حسن غريب"، والحاكم (1/ 323)، وقال: "صحيح على شرط الشيخين، ولم يخرجاه، إنما اتفقا على
حديث خالد الحذاء، عن أبي قلابة، وليس فيه ذكر التشهد لسجدتي السهو".
قلت: فيه أبو المُهَلَّب عم أبي قلابة، لم يخرج له البخاري، وإنما أخرج له مسلم، وأشعث بن عبد الملك وإن كان ثقة إلا أنه خالف الحفّاظ عن ابن سيرين، فإن المحفوظ عن ابن سيرين في حديث عمران ليس فيه ذكر التشهد، ولذا ضعَّفه البيهقي وابن عبد البر، وقال ابن حبان: ما روى ابن سيرين، عن خالد غير هذا الحديث. وروى السراج من طريق سلمة بن علقمة في هذه القصة "قلت لابن سيرين: فالتشهد؟ قال: لم أسمع في التشهد شيئًا، وقال ابن المنذر:"لا أحسب التشهد في سجود السهو يثبت"، وجعل الحافظ زيادة أشعث شاذة. انظر "فتح الباري"(3/ 98، 99).
وبوَّب البخاري بقوله: باب من لم يتشهد في سجدتي السهو وأخرج فيه حديث ذي اليدين وفيه: "فصلَّى اثنتين أخريين ثم سلَّم، ثم كبَّر فسجد مثل سجوده أو أطول، ثم رفع" وقال: حدثنا سليمان بن حرب، حدثنا حماد، عن سلمة بن علقمة قال: قلت لمحمد (ابن سيرين): في سجدتي السهو تشهدٌ؟ قال: ليس في حديث أبي هريرة". انتهى.
قلت: في الموضوع تفصيل: تبويب البخاري يوافق الحديث الذي رواه من طريق محمد بن سيرينَ عن أبي هريرة قال: إن رسول الله صلى الله عليه وسلم انصرف من اثنتين فقال له ذو اليدين فذكر الحديث فسجد سجدتي السهو بعد السلام ولم يتشهد فيهما.
وروى أبو داود (1010) من طريق سلمة بن علقمة، عن محمد بن سيرين عن أبي هريرة قال: صلى بنا رسول الله صلى الله عليه وسلم بمعنى حماد كله، إلى آخر قوله: نُبِّئْتُ أن عمران بن حصين قال: ثم سَلَّم، قال: قلت: فالتشهد؟ قال: لم أسمع في التشهد، وأحب إلي أن يتشهد.
والعلماء مختلفون في هذا. فحكى الترمذي عن أحمد وإسحاق بأن من سجد سجدتي السهو بعد السلام فإنه يتشهد. وهو قول بعض المالكية والشافعية.
وقال النووي في "الخلاصة"(2229): "إن الأخبار الصحيحة تدل على أنه: وإن سجدهما بعد السلام لم يتشهد لهما"، وأما من سجد سجدتي السهو قبل السلام فالجمهور على أنه لا يتشهد، فإن التشهد الأول يغنيه.
• عن ابن عمر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم سَهَا فَسَلَّم في الركعتين، فقال له رجل يقال له ذو اليدين: يا رسول الله! أَقَصُرتُ أو نَسيتَ؟ قال: "ما قَصُرَتْ وما نسيتُ" قال: إذًا فَصليتَ ركعتين. قال: "أكما يقول ذو اليدين؟ " قالوا: نعم. فتقدم فصلى ركعتين، ثم سلَّم، ثم سجد سجدتي السهو.
صحيح: رواه أبو داود (1017)، وابن ماجة (1213) عن أبي كريب الهمداني، عن أبي أسامة، عن عبيد الله بن عمر، عن نافع، عن ابن عمر فذكر مثله. واللفظ لابن ماجة، لأن أبا داود أحال على لفظ حديث أبي هريرة.
وإسناده صحيح، وأبو أسامة هو: حماد بن أسامة القرشي مولاهم، الكوفي أبو أسامة، مشهور بكنيته من رجال الجماعة.
وأبو كريب هو: محمد بن العلاء بن كُريب الهمداني، أبو كريب، مشهور بكنيته، وهو من رجال الجماعة.
وأخرجه أيضًا ابن خزيمة (1034) عن محمد بن العلاء الهمداني، (أبو كريب)، وبشر بن خالد العسكري، كلاهما عن أبي أسامة به مثله.
وقال: "هذا خبر ما رواه عن أبي أسامة غير أبي كُريب وبشر بن خالد".
قلت: وهو ليس كما قال، فقد رواه أيضًا أحمد بن محمد بن ثابت وهو ثقة - رواه عنه أبو داود، وأحمد بن سنان القطان - وهو من الثقات الأثبات، وعلي بن محمد بن إسحاق الطنافسي ثقة عابد - روى عنهما ابن ماجة.
وقد انتقد الزيلعيُّ الدارقطنيَّ في قوله: لا نعلم حدَّث به غير أحمد بن سنان قائلًا: "والعجب من الدارقطني وعلو مرتبته كيف يقول مثل هذا؟ ، وقد رواه أبو كريب وأحمد بن ثابت وبشر بن خالد، ولكن تخلص بقوله: لا نعلم والله أعلم". انتهى. "نصب الراية"(2/ 68).
وذو اليدين: هو السلمي، يقال له: الخِرباق كما سيأتي في حديث عمران بن حصين عن مسلم، وسُمي بذي اليدين لما في يديه من طول، فكان يعمل بهما، وبقي بعد وفاة النبي صلى الله عليه وسلم يحدث بهذا الحديث. ومات في خلافة عمر.
والذي رواه مالك في الصلاة (60) عن ابن شهاب، عن أبي بكر بن سليمان بن أبي حثمة قال: بلغني أن رسول الله صلى الله عليه وسلم ركع ركعتين من إحدى صلاتي النهار. الظهر أو العصر فسَلَّم من اثنتين. فقال له ذو الشمالين
…
إلخ الحديث.
وذو الشمالين هو: عمير بن عمرو بن غبشان الخزاعي، قتل يوم بدر، وهو غير المتكلم في حديث السهو.
هذا قول الحفاظ إلا الزهري فقال: هو هو. واتفقوا على تغليط الزهري في هذا، وإنه لم يُتابعْه عليه أحد.
قال الحافظ ابن عبد البر: "الزهري وإن كان إمامًا عظيمًا في هذا الشأن، فالغلط لا يسلم منه بشر، والكمال لله تعالى".
وقد تكلمت في تحديد ذي اليدين بإسهاب في "المنة الكبرى"(2/ 476، 479) فارجع إليه إن شئت للمزيد.
• عن عبد الله بن مسعود أن رسول الله صلى الله عليه وسلم صَلَّى الظهر خمسًا، فقيل له: أزيد في الصلاة؟ فقال: "ما ذاك؟ " قال: صلَّيتَ خمسًا. فسجد سجدتين بعد ما سلمَّ.
متفق عليه: رواه البخاري في السهو (1226)، ومسلم في المساجد (91 الرقم الصغير) كلاهما من حديث شعبة، عن الحكم، عن إبراهيم، عن علقمة، عن عبد الله بن مسعود فذكر مثله ولفظهما سواء.
ورواه الشيخان أيضًا - البخاري في الصلاة (401)، ومسلم - كلاهما من حديث جرير، عن منصور، عن إبراهيم به وفيه "فثنى رجليه، واستقبل القبلة، وسجد سجدتين، ثم سلَّم، فلما أقبل علينا بوجهه قال: "إنه لو حدث في الصّلاة شيء لنبَّأتُكم به، ولكن إنما أنا بشر مثلكم، أنسى كما تنسون، فإذا نسيتُ فذكروني. فإذا شك أحدُكم في صلاته فليتحرَّى الصواب. فليُتِمَّ عليه، ثم ليُسلم، ثم يسجد سجدتين".
وفي روايةٍ عند مسلمٍ (95) عن حفص وأبي معاوية، عن الأعمش، عن إبراهيم به. "أن النبي صلى الله عليه وسلم سجد سجْدَتَي السهو بعد السلام والكلام".
قال الترمذي: "والعمل على هذا عند بعض أهل العلم، قالوا: إذا صلَّى الرجلُ الظهرَ خمْسًا فصلاتُه جائزة، وسجد سجدتي السهو، وإن لم يجلس في الرابعة، وهو قول الشافعي وأحمد وإسحاق. وقال بعضهم: إذا صلى الظهر خمسًا، ولم يقعد في الرابعة مقدار التشهد فسدتْ صلاته، وهو قول سفيان الثوري وبعض أهل الكوفة"، "الترمذي"(2/ 239).
وقال الخطابي: "قال أبو حنيفة: إن كان لم يقعد في الرابعة قدر التشهد، وسجد في الخامسة فصلاته فاسِدَة، وعليه أن يستقبل الصلاة. وإن كان قد قعد في الرابعة قدر التشهد فقد تمت له الظهر، والخامسة تطوع وعليه أن يضيف إليها ركعة، ثم يتشهد ويُسلِّم، ويسجد سجدتي السهو وتمت صلاته".
قال: "ومتابعة السنة أولى، وإسناد هذا الحديث إسناد لا مزيد عليه في الجودة في إسناد أهل الكوفة".
وأما ما رُوي عن ثوبان، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:"لكل سهو سجدتان بعد ما يسلم" فهو ضعيف، ضعَّفه الحافظ في بلوغ المرام، وسبقه البيهقي وابن الجوزي وعبد الحق وغيرهم.
قلت: رواه أبو داود (1038) قال: حدثنا عمرو بن عثمان والربيع بن نافع وعثمان بن أبي شيبة، وشجاع بن مَخْلَد - بمعنى الإسناد - أن ابن عياش حدثهم عن عبيد الله بن عبيد الكَلاعي، عن زهير - يعني: ابن سالم العنسِيّ، عن عبد الرحمن بن جُبَير بن نُفَيْر، قال عمرو وحده: عن أبيه، عن ثوبان فذكر مثله.
ورواه ابن ماجة (1219) عن هشام بن عمَّار وعثمان بن أبي شيبة قالا: حدثنا إسماعيل بن عياش به مثله.
وزهير بن سالم العَنسِيّ لم يوثقه غير ابن حبان: وقال الدارقطني: "حمصي منكر الحديث، روي عن ثوبان ولم يسمع منه".
وقال البيهقي (2/ 337): وهذا إسناد فيه ضَعف، وحديث أبي هريرة وعمران وغيرهما في