الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وأما كونه غير جامع; فلأنه يخرج عنه ما لو أجلا العوضين أو أحدهما وتقابضا في المجلس لقصر الأجل، أو للتبرع بالإقباض مع أن فيه الربا.
ويمكن أن يجاب عنه:
بأن المراد بالتأخير في العوضين أو في أحدهما أعم من تأخير استحقاق القبض أو تأخير نفس القبض فليتأمل.
(قوله: أو مع تأخير) يمكن عطفه على غير معلوم التماثل أي: أو واقع مع تأخيره وإن كان معلوم التماثل
(1)
.
تعريف الحنابلة:
عرفه الحنابلة بأنه تفاضل في أشياء، ونساء في أشياء، مختص بأشياء.
فقوله (تفاضل في أشياء) وهي الأموال الربوية من المكيلات بجنسها، والموزونات بجنسها.
وقوله (ونساء في أشياء) هي المكيلات بالمكيلات، ولو من غير جنسها.
(مختص بأشياء) وهي المكيلات والموزونات.
التعريف المختار:
يمكن أن يقال: الربا هو الزيادة المشروطة أو المتعارف عليها في مبادلة كل ربوي بجنسه، وتأخير القبض في الأموال التي يجب فيها التقابض.
الفرق بين المعنى اللغوي والاصطلاحي:
[م-1156] يرى بعض العلماء أن المعنى الاصطلاحي لم يبعد عن المعنى
(1)
انظر تحفة المحتاج (4/ 272)، نهاية المحتاج (3/ 424)، تحفة الحبيب (3/ 18)، شرح البهجة للأنصاري (2/ 412).
اللغوي، فكلاهما يدور حول الزيادة، وإن كان المعنى الاصطلاحي قيدها بكونها زيادة في أشياء مخصوصة، وهذا شأن كل تعريف اصطلاحي مع المعنى اللغوي.
ويرى آخرون: أن الربا أصبح له حقيقة شرعية تختلف عن المعنى اللغوي،
ودليلهم على هذا:
(ث-118) قول عمر إن آية الربا من آخر ما نزل من القرآن، وإن النبي صلى الله عليه وسلم قبض قبل أن يبينه، فدعوا الربا والريبة.
[حسن لغيره]
(1)
.
(1)
رواه الدارمي (129) من طريق الشعبي، عن عمر، وهو منقطع.
ورواه ابن أبي شيبة (22009) والطبري في تفسيره (3/ 114) عن الشعبي به، بلفظ: خطب عمر، فحمد الله، وأثنى عليه، ثم قال: إنا نأمركم بأشياء لعلها لا تصلح لكم، وننهاكم عن أشياء لعلها تصلح لكم، وإن آخر ما عهد إلينا النبي صلى الله عليه وسلم آية الربا، فقبض النبي صلى الله عليه وسلم ولم يبينهن لكم، إنما هو الربا والريبة، فدعو الربا والريبات.
قال الحافظ في الفتح (8/ 205): «أخرجه الطبري بلفظ: كان من آخر ما نزل من القرآن آيات الربا، وهو منقطع، فإن الشعبي لم يلق عمر رضي الله عنه» .
ورواه أحمد (1/ 36)، وإسحاق بن راهوية كما في المطالب العالية (1416)، والمروزي في السنة (197)، والطبري في تفسيره (3/ 114)، وابن ماجه (2276)، وابن قانع في معجم الصحابة (731) والبيهقي في دلائل النبوة (7/ 138) من طريق قتادة، عن سعيد بن المسيب، قال: قال عمر
…
وذكر نحوه.
فيه علتان:
الأولى: اختلف في سماع سعيد من عمر، والجمهور على أنه لم يسمع منه. وعلى التسليم بصحة عدم السماع فإن سعيد بن المسيب عن عمر رضي الله عنه له خصوصية خاصة، فسعيد بن المسيب له عناية بقضاء عمر.
الثانية: أن رواية قتادة عن سعيد بن المسيب فيها كلام، وإن كان له أحاديث مخرجة في الصحيح. وعلى كل حال فالأثر حسن لغيره بمجموع الطريقين، والله أعلم.
قال البوصيري في مصباح الزجاجة (3/ 35): هذا إسناد صحيح، رجاله ثقات.
وسكت عليه ابن رجب في فتح الباري (3/ 263).
وروى عبد الرزاق في المصنف (14161) عن سفيان بن عيينة.
والمروزي في السنة (192) عن وكيع، كلاهما، عن المسعودي، عن القاسم، قال:
قال عمر: إنكم تزعمون أنا نعلم أبواب الربا، ولأن أكون أعلمها أحب إلي من أن يكون لي مثل مصر ومثل كورها، ولكن من ذلك أبواب لا تكاد تخفى على أحد، أن تباع الثمرة وهي مضعفة لما تطب، وأن يباع الذهب بالورق والورق بالذهب نسيئًا.
وذكره في المدونة (3/ 441) من طريق وكيع به. قلت: لم يذكر المزي من شيوخ القاسم عمر ابن الخطاب.
(ث-119) ويشهد له ما رواه الشيخان من طريق أبي حيان، عن الشعبي،
عن ابن عمر قال: سمعت عمر بن الخطاب على منبر رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول:
…
وثلاث وددت أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان عهد إلينا فيهن عهدًا ننتهي إليه: الجد، والكلالة، وأبواب من أبواب الربا
(1)
.
قال الجصاص: «فثبت بذلك أن الربا قد صار اسمًا شرعيًا; لأنه لو كان باقيًا على حكمه في أصل اللغة لما خفي على عمر; لأنه كان عالمًا بأسماء اللغة; لأنه من أهلها. ويدل عليه أن العرب لم تكن تعرف بيع الذهب بالذهب والفضة بالفضة نساء ربا، وهو ربا في الشرع وإذا كان ذلك على ما وصفنا صار بمنزلة سائر الأسماء المجملة المفتقرة إلى البيان وهي الأسماء المنقولة من اللغة إلى الشرع لمعان لم يكن الاسم موضوعًا لها في اللغة نحو الصلاة والصوم والزكاة; فهو مفتقر إلى البيان ولا يصح الاستدلال بعمومه في تحريم شيء من العقود إلا فيما قامت دلالته أنه مسمى في الشرع بذلك
…
»
(2)
.
وقال أيضًا: «كان عمر من أهل اللسان ولم يكن محتاجًا إلى البيان فيما كان
(1)
البخاري (5588)، صحيح مسلم (3032).
(2)
أحكام القرآن للجصاص (1/ 634).