الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
المرابين، وأصبح لديه عجز في القيام بحاجاته الضرورية بسبب الربا، كما أن الشركات التي تقترض بالربا عن طريق إصدار السندات عند تعرضها للإفلاس مثلًا لا يعلم على وجه اليقين أن ذلك يقيها من الإفلاس، بل عساه أن يزيدها إفلاسًا.
يقول ابن تيمية في بيان عدم جواز التداوي بالخمر:
«والذين جوزوا التداوي بالمحرم قاسوا ذلك على إباحة المحرمات، كالميتة والدم للمضطر، وهذا ضعيف لوجوه:
أحدها: أن المضطر يحصل مقصوده يقينًا بتناول المحرمات، فإنه إذا أكلها سدت رمقه، وأزالت ضرورته، أما الخبائث بل وغيرها فلا يتيقن حصول الشفاء بها، فما أكثر من يتداوى بها فلا يشفى، ولهذا أباحوا دفع الغصة بالخمر، لحصول المقصود بها، وتعيينها له، بخلاف شربها للعطش، فقد تنازعوا فيه. فإنهم قالوا: إنها لا تروي.
الثاني: أن المضطر لا طريق له إلى إزالة ضرورته إلا الأكل في هذه الأعيان، وأما التداوي فلا يتعين تناول هذا الخبيث طريقًا لشفائه»
(1)
.
فثبت بذلك أن لا ضرورة أصلًا إلى التعامل بالربا طريقًا لحل المشكلات المالية، والله أعلم.
الجواب عن الاحتجاج بمسألة العرايا:
أما الاحتجاج بمسألة العرايا للتوصل بها إلى إباحة الربا للحاجة، فالجواب عنه:
(1)
مجموع الفتاوى (24/ 268).
أولًا: العرايا مقيدة بما دون خمسة أوسق، وليست مطلقة.
ثانيًا: أن العرايا: هو بيع الر طب بالتمر، ولا يقاس عليه غيره، فلم يبح مثلًا بيع الزبيب بالعنب، وإن كان هناك حاجة؛ لأن التمر كان القوت الأساسي في زمن النبوة.
(ح-677) فقد روى الشيخان من طريق عروة.
عن عائشة رضي الله عنها، أنها قالت لعروة: ابن أختي إن كنا لننظر إلى الهلال، ثم الهلال، ثلاثة أهلة في شهرين، وما أوقدت في أبيات رسول الله صلى الله عليه وسلم نار. فقلت: يا خالة ما كان يعيشكم؟ قالت: الأسودان التمر والماء .. الحديث.
(ح-678) ورواه أحمد من مسند أبي هريرة من طريق داود بن فراهيج، قال: سمعت أبا هريرة قال: ما كان لنا على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم طعام إلا الأسودان، التمر والماء
(1)
. وإسناده حسن.
ثالثًا: حتى في العرايا فإن الشارع لم يأذن بالفاضل المتيقن، بل سوغ المساواة بالخرص من أهل الخبرة بالخرص في مقدار قليل تدعو إليه الحاجة، وهو قدر النصاب خمسة أوسق فما دون، والخرص معيار شرعي للتقدير في أمور كثيرة، منها الزكاة بخلاف من يبيح الربا للحاجة.
رابعًا: هو استثناء من ربا الفضل وليس من ربا النسيئة. واعلم أن ربا النسيئة يختلف حكمه عن ربا الفضل من حيث:
-أن ربا النسيئة مجمع على تحريمه، لا خلاف فيه بين الفقهاء، وأما ربا الفضل فقد علمت ما فيه من الخلاف.
(1)
المسند (2/ 416).