الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
(1)
.
وحجة هذا القول:
أن كل شيء نص رسول الله صلى الله عليه وسلم على تحريم التفاضل فيه كيلًا، فهو مكيل أبدًا، وإن ترك الناس الكيل فيه؛ لأن النص أقوى من العرف، والأقوى لا يترك للأدنى.
القول الثاني:
ذهب أبو يوسف من الحنفية أن المعتبر هو العرف مطلقًا، في المنصوص عليه وفي غيره؛ وأن ذلك يتبدل بتبدل العرف، كما في سائر الأموال الربوية الأخرى التي لم يرد نص خاص بشأن مقيسها
(2)
.
ويرى أن النص إنما ورد بلزوم التساوي فيها كيلًا أو وزنًا؛ لأن هذا مقياسها المتعارف عليه في عهد النبوة، فلو كان العرف فيها على مقياس آخر لورد النص معتبرًا فيها ذلك المقياس الآخر.
(1)
الإفصاح (5/ 142) وقال ابن دقيق العيد في إحكام الأحكام (2/ 142)«الفقهاء قرروا أنه يجب التماثل بمعيار الشرع، فما كان موزونًا فبالوزن، وما كان مكيلًا فبالكيل» .
(2)
العناية شرح الهداية (7/ 15 - 16)،.
وأرى أن هذا أقوى حجة من الأول، خاصة أن المكاييل والموازين أقرها الإسلام على ما كانت عليه في الجاهلية، اعتبارًا لعرفها، ولم يقدر فيها معيارًا خالف فيه العرف القائم حتى يقال: إن الشرع كان له قصد في تقدير هذا المعيار عن ذاك، والله أعلم.
ولأنهم ربما تعاملوا بالعدد مع أن الفضة معيارها الشرعي هو الوزن
(ح-743) لما رواه مسلم من حديث أبي هريرة رضي الله عنه مرفوعًا: الذهب بالذهب والفضة بالفضة وزنًا بوزن مثلًا بمثل فمن زاد أو استزاد فقد أربى.
ولم يمنع من التعامل بها عددًا، قال تعالى:{وَشَرَوْهُ بِثَمَنٍ بَخْسٍ دَرَاهِمَ مَعْدُودَةٍ} [يوسف:20].
وقالت عائشة لبريرة: إن شاء أهلك أن أعدها لهم عدة واحدة فعلت. تريد الدراهم.
وكانت بريرة قد كاتبت أهلها على تسع أواق، في كل عام أوقية، وكانت قيمة الأوقية أربعين درهمًا، فذكرت عائشة العدد، وإن كان أصل الدين هو الوزن
(1)
.
(ح-744) وروى البخاري في صحيحه زكاة الفضة، وفيه:(وفي الرقة ربع العشر، فإن لم تكن إلا تسعين ومائة فليس فيها شيء إلا أن يشاء ربها)
(2)
.
إلا أن هذه الأدلة جرى التعامل بها بالعدد؛ لأنها إما في مبادلة فضة بسلعة، وهذا ليس فيه ما يوجب معرفة معيارها الشرعي، أو في معرفة مقدار الزكاة، وهو من هذا الباب أيضًا.
(1)
انظر فتح الباري (5/ 187).
(2)
صحيح البخاري (1454).