الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
المقصود بيع دراهم بدراهم أكثر منها، ولا هو بما يحتمل أن يكون فيه ذلك، فيجوز التفاوت»
(1)
.
ورد هذا الاعتراض:
بأن قوله صلى الله عليه وسلم: (لا تباع حتى تفصل) يدل على أن علة المنع: هي عدم الفصل، وعمومه يدل على عدم الفرق بين الأقل والأكثر والمساوي حيث أطلق النبي صلى الله عليه وسلم الجواب من غير استفسار، فدل على عموم المنع؛ لأن ترك الاستفصال مع قيام الاحتمال ينزل منزلة العموم في المقال، وهذا ما فهمه راوي الحديث صاحب القصة، فإنه لما سئل عن شراء قلادة فيها ذهب، وورق، وجوهر، قال: انزع ذهبها فاجعله في كفة، واجعل ذهبك في كفة، ثم لا تأخذن إلا مثلًا بمثل، فإني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فلا يأخذن إلا مثلًا بمثل. رواه مسلم.
ويجاب على هذا الرد:
قد يقال: إن قوله صلى الله عليه وسلم: (لا تباع حتى تفصل) في حال كان الذهب الذي في القلادة لا يمكن الوصول إلى معرفة مقدراه إلا بالفصل ليتمكن من معرفة مقداره عن طريق الوزن، وإلا فإن الجزم بأن الذهب المفرد كان أقل من الذهب الذي معه القلادة إنما تفرد به الليث بن سعد، عن أبي شجاع سعيد بن يزيد، عن خالد أبي عمران، عن حنش، عن فضالة.
وقد رواه ابن المبارك عن أبي شجاع، ولم يذكر هذه الزيادة، بل ذكر أن الثمن سبعة أو تسعة، وهي أقل من الذهب المفرد الذي اشتري به القلادة على رواية الليث.
(1)
مجموع الفتاوى (29/ 453).
كما رواه جلاح أبو كثير، وعامر بن يحيى المعافري، عن حنش الصنعاني، ولم يذكرا هذه الزيادة.
كما رواه من جود الحديث، وأتقنه، ولم يختلف عليه في لفظه علي بن رباح اللخمي، عن فضالة بن عبيد، ولم يذكر زيادة الليث، فلا يبعد أن تكون زيادة الليث بأن الذهب الذي في القلادة كان أكثر من الذهب المفرد زيادة شاذة، والله أعلم.
ولكن إذا أخذنا الصور الثلاث في مقدار الذهب المفرد من الناحية الفقهية فإنها لا يمكن أن تأخذ حكمًا واحدًا.
فإذا كان الذهب المفرد مساويًا للذهب الذي في القلادة، والقلادة فيها ذهب وخرز، فإن ذلك ممنوع؛ لأن الخرز سوف لا يقابله شيء، وقد ذكرنا في صدر هذه المسألة: بأنه إذا كان الربويان مستويين في المقدار ومع أحدهما عين أخرى؛ كمد ودرهم بمد، فقد اتفق الجميع على المنع؛ لأنها تقابل من أحدهما جزءًا، فيبقى أحدهما أكثر من الآخر
(1)
، فكيف يقال: يشترط أن يكون الذهب الذي في القلادة مساويًا للذهب الذي هو الثمن؟
ومن باب أولى إذا كان الذهب المفرد أقل من الذهب الذي مع الخرز.
أما إذا كان الذهب المفرد أكثر من الذهب الذي مع القلادة، فإما أن يكون الذهب الباقي من الذهب المفرد مساويًا في القيمة للخرز الذي في القلادة، أو أقل منه، فإن لم يكن مساويًا جاز على مذهب الحنفية، وليس بجائز على مذهب أحمد واختيار ابن تيمية؛ لأن ذلك قد يتخذ حيلة على بيع الذهب بالذهب مع التفاضل، فإنه لا يعجز أحد رغب في مبادلة ربوي بجنسه مع زيادة في أحدهما أن يضيف على القليل شيئًا يسيرًا يجعله في مقابلة الزيادة.
(1)
الفروق للقرافي (3/ 252).