الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
المبحث الثالث
في حكم العقد الأول من عقدي العينة
[م-1196] لم يختلف القائلون بتحريم بيع العينة بأن العقد الثاني بيع فاسد.
قال الحطاب في مواهب الجليل: «أما فسخ الثانية فباتفاق على ما قاله ابن الحاجب وغيره وحكى اللخمي فيه خلافًا ضعيفًا»
(1)
.
إلا أن الحنفية يختلفون مع الجمهور في حكم العقد الفاسد تفريقًا بينه وبين العقد الباطل، فالجمهور يرون أن العقد الفاسد مرادف للباطل.
وأما الحنفية فيرون أن العقد الباطل: ما لم يشرع بأصله، ولا بوصفه، وذلك كبيع الميتة، والخمر، والخنزير. أو ما تطرق الخلل فيه إلى ركن البيع، كبيع المجنون، والصبي غير المميز.
والفاسد: ما شرع بأصله دون وصفه، أو ما كان الخلل فيه لم يتطرق إلى ركن البيع، وإنما اقترن بوصف منهي عنه شرعًا
(2)
.
(1)
مواهب الجليل (4/ 403).
(2)
مجلة الأحكام العدلية، المادة (362، 364، 107، 108، 109، 110).
ومع أن الجمهور جعلوا الفاسد مرادفًا للباطل إلا أنهم في مسائل كثيرة فرقوا بينهما.
ففي باب النكاح فرقوا بين النكاح الفاسد وبين النكاح الباطل، وكذلك في كتاب المناسك، وفي مسائل متفرقة من الفقه، انظر كتاب المنثور في القواعد الفقهية (3/ 15)، القواعد لابن اللحام: القاعدة الحادية والعشرون (1/ 368)، والأشباه والنظائر للسيوطي (ص: 286)، القواعد الفقهية لابن رجب: القاعدة (46)، الموسوعة الكويتية (8/ 114).
وعقد الربا هو عقد مشروع بأصله، وهو البيع، دون وصفه، وهو الزيادة أو التأجيل
(1)
.
قال ابن نجيم: «الربا وسائر البيوع الفاسدة من قبيل ما كان مشروعًا بأصله دون وصفه»
(2)
.
جاء في العناية: «من اشترى شيئًا بألف درهم حالة أو نسيئة، فقبضه، ثم باعه من البائع بخمسمائة قبل نقد الثمن، فالبيع الثاني فاسد»
(3)
.
فقوله (فاسد) إشارة إلى أنه ليس بالباطل.
وقد بحثت هذه المسألة في مبحث خاص تحت عنوان: هل عقد الربا عقد باطل، أو عقد فاسد يمكن تصحيحه، وذكرت دليل الحنفية، فأغنى عن إعادته هنا.
[م-1197] واختلفوا في العقد الأول من حيث الصحة والبطلان.
فقيل: العقد الأول صحيح، وهو مذهب الحنفية
(4)
، وقول في مذهب الحنابلة
(5)
.
وقيل: يصح العقد الأول ما دامت السلعة قائمة عند البائع الأول، وهو المشتري الثاني، فإن فاتت بيده فسخ العقدان جميعًا.
(1)
انظر البحر الرائق (6/ 107)، (6/ 91).
(2)
البحر الرائق (6/ 136).
(3)
العناية شرح الهداية (6/ 433).
(4)
الهداية (3/ 47)، العناية شرح الهداية (6/ 133)، مجمع الأنهر (3/ 60)، درر الحكام شرح غرر الأحكام (2/ 172).
(5)
تهذيب السنن لابن القيم (5/ 107)، الإنصاف (4/ 335)، الفروع (4/ 170).