الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الثالث: أن الزيادة شرط في ربا الفضل، وليست شرطًا في ربا النسيئة، فبيع الذهب بالذهب مثلًا بمثل مع التأجيل من ربا النسيئة فقط، وليس فيه من ربا الفضل، وقد يجتمعان كما لو باع الذهب بالذهب مع التفاضل والتأجيل.
الرابع: ذكر بعض أهل العلم أن ربا النسيئة محرم تحريم مقاصد، ولذلك قال صلى الله عليه وسلم في الحديث المتفق عليه من حديث أسامة:(لا ربا إلا في النسيئة)
(1)
.
وأما تحريم ربا الفضل فإنه حرم حتى لا يكون ذريعة إلى ربا النسيئة.
وجه كونه ذريعة إلى ربا النسيئة:
(2)
.
ويقول شيخنا ابن عثيمين: وجه ذلك أنه إذا جاز الزيادة من أجل الوصف، انتقل الذهن إلى جواز الزيادة من أجل التأجيل فوقع في ربا النسيئة
(3)
. اهـ
(1)
رواه البخاري (2179)،مسلم (1596).
(2)
إعلام الموقعين (2/ 155).
(3)
قاله الشيخ في دروس له مسجلة، جوابًا على سؤال: كيف جازت العرايا، وهي حرام من أجل الحاجة دون الضرورة.
وعندي أن ربا الفضل تحريمه من تحريم المقاصد، وليس من تحريم الوسائل، وأرى أن هذا القول لبعض الفضلاء قد استغله بعض الباحثين المعاصرين ليدخل منه إلى أن المحرم هو ربا الجاهلية فقط، والعلماء لا يقولون بذلك، والدليل على أن تحريم ربا الفضل من تحريم المقاصد أدلة كثيرة، منها:
(ح- 710) ما رواه البخاري الشيخان من طريق معاوية بن سلام، عن يحيى بن أبي كثير، قال: سمعت عقبة بن عبد الغافر.
أنه سمع أبا سعيد الخدري رضي الله عنه، قال: جاء بلال بتمر برني، فقال له النبي صلى الله عليه وسلم: من أين هذا؟ قال بلال: كان عندنا تمر ردي، فبعت منه صاعين بصاع لمطعم النبي صلى الله عليه وسلم، فقال النبي صلى الله عليه وسلم عند ذلك: أوه أوه عين الربا عين الربا، لا تفعل، ولكن إذا أردت أن تشتري فبع التمر ببيع آخر، ثم اشتره به
(1)
.
فقوله صلى الله عليه وسلم: (عين الربا) وتكرار ذلك، والنهي عن الفعل كل ذلك يدل صراحة على أن ربا الفضل تحريمه تحريم مقاصد، وليس تحريمه من باب الوسائل، كما قال بعض أهل العلم والفضل.
وقال القاضي عياض: «قوله (عين الربا) أي هو الربا المحرم نفسه من الزيادة، لا ما يشبهه ويغامر عليه»
(2)
.
وقال الحافظ في الفتح: «مراده بعين الربا: نفسه»
(3)
.
وقال العيني: «أي هذا البيع نفس الربا حقيقة»
(4)
.
(1)
البخاري (2312)، ومسلم (1594).
(2)
إكمال المعلم (5/ 279).
(3)
الفتح (4/ 490).
(4)
عمدة القارئ (12/ 149).
وقال النووي: «أوه عين الربا. قال أهل اللغة: هي كلمة توجع وتحزن، ومعنى عين الربا: أنه حقيقة الربا المحرم»
(1)
.
وفي حاشية السندي: «أي هذا العقد نفس الربا الممنوعة، لا نظيرها وما فيه شبهتها»
(2)
.
وقال صلى الله عليه وسلم عمن وقع في ربا الفضل: (ويلك أربيت)، وهو في صحيح مسلم
(3)
، وقال أيضًا (من زاد أو استزاد فقد أربى)، وهذا أيضًا في صحيح مسلم
(4)
. فقوله (أربيت)(أربى) هذه الألفاظ لها حقائق شرعية، تدل على أن من وقع في ربا الفضل وقع في جنس الربا، وشمله أحاديث الوعيد الواردة في المرابي، وأن ربا الفضل من كبائر الذنوب.
ولقد بينت ورجحت أن تحريم ربا الفضل تحريم مقاصد، وليس تحريم وسائل عند الكلام على بيع الذهب بالحلي، فانظره هناك، وفقك الله.
* * *
(1)
شرح النووي لصحيح مسلم (11/ 22).
(2)
حاشية السندي على النسائي (7/ 273).
(3)
صحيح مسلم (1594).
(4)
صحيح مسلم (1587).