الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
ويجاب عن ذلك:
أن هذه الدعوى مخالفة للواقع، ومخالفة للأنظمة، فإن البنوك ممنوعة بمقتضى أنظمتها من ممارسة الاستثمار في التجارة، لأنها قائمة على الإقراض والاقتراض بفائدة
(1)
.
ولو فرض أن هذه الأنظمة قابلة للمراجعة والتغيير فإن تحديد نسبة الفائدة يجعل المعاملة محرمة، ويبطل المضاربة. وهناك فرق بين المضاربة وبين الاقتراض بفائدة من ذلك:
-المضاربة شركة بين صاحب المال، وصاحب العمل، تطبق عليها أحكام الشركات، أما أخذ المال من البنوك الربوية فهو اقتراض بفائدة، بمعنى أن البنك يتملك المال، ويتصرف فيه تصرف الملاك، وله مطلق الحرية، إن شاء أقرضه بفائدة، كما هي وظيفة البنك الأساسية، وإن شاء جمده على شكل أرصدة في البنك المركزي، ولا يطالب صاحب المال البنك في العمل فيه، ولا له حق مطالبته في الإشراف على طريقة استثمار البنك للمال.
(1)
انظر مادة (54) من القانون الكويتي رقم: 32/ 1968 م في شأن النقد وبنك الكويت المركزي، والمادة: 39 من قانون البنوك والائتمان المصري، رقم 163 لعام: 1957 م، فقد نصت على منع البنوك من الاستثمار في أي عمل يستلزم امتلاك أصول، أو موجودات عينية، أو مزاولة التجارة لحسابها أو لغيرها، أو امتلاك أصول طويلة الأجل.
وقد حضرت المادة (10) من نظام مراقبة البنوك بالمملكة العربية السعودية أن يشتغل البنك لحسابه، أو بالعمولة بتجارة الجملة، أو التجزئة، بما في ذلك الاستيراد، والتصدير، أو أن تكون له مصلحة مباشرة كمساهم أو كشريك أو كمالك أو أي صفة أخرى في أي مشروع تجاري أو صناعي أو زراعي أو أي مشروع آخر أو امتلاك العقارات أو استئجارها. انظر نظام مراقبة البنوك في المملكة العربية السعودية الصادر بموجب المرسوم الملكي، رقم م / 5، وتاريخ 22/ 2/1386 هـ.
- أن البنك يأخذ فائدة ثابتة، بصرف النظر عن الربح والخسارة، ومقدار هذه الفائدة يتناسب مع مقدار القرض، ومدة القرض، وسعر الفائدة السائد في السوق، بينما المضاربة معرضة للربح والخسارة.
- أن صاحب القرض يضمن رجوع رأس المال كاملًا في كل الأحوال، بينما تكون الخسارة في المضاربة على الربح، ولو أتى على جميعه، ثم على رأس المال، والعامل يخسر عمله وجهده.
فاشتراط الضمان في المضاربة على العامل باطل، يفسد عقد المضاربة.
يقول ابن رشد: «وأجمعوا على أن صفته: أن يعطي الرجل الرجل المال، على أن يتجر به، على جزء معلوم يأخذه العامل من الربح
…
وأنه لا ضمان على العامل فيما تلف من رأس المال إذا لم يتعد»
(1)
.
وقال ابن قدامة: «متى شرط على المضارب ضمان المال، أو سهمًا من الوضيعة، فالشرط باطل، لا نعلم فيه خلافًا»
(2)
.
وفي هذا نعلم أن اشتراط الفقهاء في المضاربة، ألا يكون المال والربح مضمونًا على العامل، مرده إلى أن هذا الشرط يخرج العقد من كونه قراضًا إلى كونه قرضا.
هذه تقريبًا شبه القائلين بجواز ربا القرض إذا كان من قبيل الانتاج والاستهلاك والجواب عليها.
* * *
(1)
بداية المجتهد (2/ 178).
(2)
المغني (5/ 40).