الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
ويناقش:
بما أجاب به بعض الحنفية، بأن الحنطة المقلية إن كانت حنطة فينبغي أن يجوز بيعها بغير المقلية كيلًا بكيل، لقوله عليه السلام (الحنطة بالحنطة مثلا بمثل)،وإن لم تكن حنطة فينبغي أن تجوز لقوله عليه السلام (إذا اختلف النوعان فبيعوا كيف شئتم) وقد منع الحنفية بيع الحنطة المقلية بالنيئة. ويقال مثل ذلك في بيع الحنطة بدقيقها، حيث منع منه الحنفية، مع أن الدقيق إن كان حنطة فقد قال عليه السلام (الحنطة بالحنطة مثلًا بمثل) وإن كان غير حنطة جاز للاختلاف، وبيع الرطب بالتمر مقيس عليه، ولهذا قال القاضي الإمام في الأسرار (أبو يوسف) وشمس الأئمة في المبسوط ما ذكر أبو حنيفة رحمه الله حسن في المناظرات لدفع الخصم، ولكن الحجة لا تتم به لجواز أن يكون الرطب قسمًا ثالثًا، لا يكون تمرًا مطلقًا لفوات وصف اليبوسة عنه، ولا يكون غيره مطلقًا لبقاء أجزائه، عند صيرورته تمرًا كالحنطة المقلية ليست عين الحنطة على الإطلاق لفوات وصف الإثبات عنها بالمقلي، وليست غيرها أيضًا لوجود أجزاء الحنطة فيها، وكذا الحنطة مع الدقيق وإذا كان ذلك كذلك كان الاعتماد على ما ذكرنا أولًا
(1)
.
دليل القائلين بالمنع:
الدليل الأول:
(ح-752) ما رواه مالك في الموطأ عن عبد الله بن يزيد، أن زيدًا أبا عياش أخبره.
أنه سأل سعد بن أبي وقاص عن البيضاء بالسلت، فقال له سعد: أيتهما أفضل؟ قال البيضاء، فنهاه عن ذلك، وقال سعد: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يسأل
(1)
انظر كشف الأسرار للبخاري (3/ 15 - 16).
عن اشتراء التمر بالرطب، فقال رسول ا لله صلى الله عليه وسلم: أينقص الرطب إذا يبس، فقال: نعم. فنهى عن ذلك
(1)
.
[حديث حسن]
(2)
.
(1)
الموطأ (2/ 624) من رواية يحيى الليثي، وقد أخرجه مالك في الموطأ من رواية أبي مصعب (2517)، وفي موطأ مالك من رواية محمد بن الحسن (764).
(2)
رجاله ثقات إلا أبا عياش فإن أبا حنيفة وابن حزم قالا فيه: مجهول.
وقد روى عنه عبد الله بن يزيد، وعمران بن أنس. وقال فيه الدارقطني: ثقة. وقال الترمذي: هذا حديث حسن صحيح، والعمل على هذا عند أهل العلم. وصحح حديثه ابن حبان، والحاكم وابن خزيمة، وقال فيه ابن حجر في التقريب: صدوق. ونقل ابن حجر في البلوغ عن علي ابن المديني أنه صححه.
وقال الحاكم في المستدرك (2/ 38 - 39) «هذا حديث صحيح لإجماع أئمة النقل على إمامة مالك بن أنس، وإنه محكم في كل ما يرويه من الحديث، إذ لم يوجد في رواياته إلا الصحيح خصوصًا في حديث أهل المدينة، ثم لمتابعة هؤلاء الأئمة إياه في روايته عن عبد الله بن يزيد، والشيخان لم يخرجاه خشياه من جهالة زيد أبي عياش.
وقال الخطابي في معالم السنن (3/ 67): «قال الشيخ: قد تكلم بعض الناس في إسناد حديث سعد بن أبي وقاص، وقال: زيد أبو عياش راويه ضعيف
…
وقال: وليس الأمر على ما توهمه، وأبو عياش هذا مولى لبني زهرة معروف، وقد ذكره مالك في الموطأ، وهو لا يروي عن رجل متروك الحديث بوجه، وهذا شأن مالك وعادته معلوم
…
».
ونقله الزيلعي في نصب الراية (4/ 41) وزاد: «قال المنذري في مختصره: وقد حكى عن بعضهم أنه قال: زيد أبو عياش مجهول، وكيف يكون مجهولًا، وقد روى عنه اثنان ثقتان عبد الله ابن يزيد مولى الأسود بن سفيان وعمران بن أبي أنس، وهما ممن احتج بهما مسلم في صحيحه، وقد عرفه أئمة هذا الشأن، فالإمام مالك قد أخرج حديثه في موطأه مع شدة تحريه في الرجال، ونقده وتتبعه لأحوالهم، والترمذي قد صحح حديثه، وكذلك الحاكم في كتاب المستدرك، وقد ذكره مسلم ابن الحجاج في كتاب الكنى، وكذلك ذكره النسائي في كتاب الكنى، وكذلك ذكره الحافظ أبو أحمد الكرابيسي في كتاب الكنى، وذكروا أنه سمع من سعد بن أبي وقاص، وما علمت أحدًا ضعفه. انتهى =
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
= وقال ابن الجوزي في التحقيق: قال أبو حنيفة زيد أبو عياش مجهول، فان كان هو لم يعرفه فقد عرفه أئمة النقل، ثم ذكر ما قاله المنذري سواء». اهـ نقلًا من نصب الراية.
[تخريج الحديث]
أخرجه مالك كما في إسناد الباب، ومن طريق مالك أخرجه الشافعي في مسنده (ص: 147)، وأبو داود الطيالسي في مسنده (214)، وعبد الرزاق في المصنف (14185)، وابن أبي شيبة في المصنف (36245)، وأحمد في مسنده (1/ 175، 179)، وأبو يعلى في مسنده (712، 825)، وابن الجارود في المنتقى (657)، والنسائي في المجتبى (4545)، وفي السنن الكبرى (6034، 6136)، وأبو داود في السنن (3359)، والترمذي (1225)، وابن ماجه (2264)، والبزار في مسنده (1233)، والطحاوي في مشكل الآثار (5391)، وابن حبان في صحيحه (5003)، والدارقطني في سننه (3/ 49)، والشاشي في مسنده (161، 162)، والبيهقي في السنن الكبرى (5/ 294)، وفي معرفة السنن (4/ 312)، والمقدسي في الأحاديث المختارة (951، 954)، وابن عبد البر في التمهيد (19/ 171).
وتابع مالكًا كل من:
الأول: إسماعيل بن أمية، وهو ثقة، كما في مصنف عبد الرزاق (14186)، ومسند الحميدي (75)، ومسند أحمد (1/ 179)، وسنن النسائي (المجتبى)(4546)، والسنن الكبرى (6137)، ومشكل الآثار للطحاوي (15/ 472)، وسنن الدارقطني (3/ 50)، والمستدرك للحاكم (2265)، وسنن البيهقي الكبرى (5/ 294)، والأحاديث المختارة للمقدسي (952).
الثاني: أسامة بن زيد، واختلف عليه فيه:
فرواه الطحاوي في شرح معاني الآثار (4/ 6)، وفي مشكل الآثار (6161) من طريق ابن وهب، عن أسامة بن زيد أخبره، عن عبد الله بن يزيد، أن زيدًا أبا عياش أخبره، أنه سأل سعدًا عن السلت بالبيضاء، فقال سعد: شهدت رسول الله صلى الله عليه وسلم يسأل عن الرطب بالتمر
…
وذكر الحديث.
ومن طريق ابن وهب أخرجه ابن الجارود (657)، وابن عبد البر في التمهيد (19/ 172).
ورواه الطحاوي في مشكل الآثار (6168) من طريق عبد الله بن صالح كاتب الليث، حدثني الليث ابن سعد، حدثني أسامة بن زيد وغيره، عن عبد الله بن يزيد، عن أبي سلمة بن عبد الرحمن، عن بعض أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم. =
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
= وطريق ابن وهب أصح، وكاتب الليث فيه كلام من جهة حفظه، ويكفي أن طريق ابن وهب موافق لرواية مالك وإسماعيل بن أمية.
الثالث: الضحاك بن عثمان، ذكره الدارقطني في سننه (3/ 49).
الرابع: يحيى بن أبي كثير، وسوف يأتي تخريجه إن شاء الله تعالى في ثنايا البحث.
وتابع عمران بن أبي أنس، وهو ثقة تابع عبد الله بن يزيد، أخرجه الحاكم (2/ 43) ومن طريقه البيهقي في السنن (5/ 295) وفي معرفة السنن والآثار (4/ 314) من طريق مخرمة بن بكير، عن أبيه، عن عمران بن أبي أنس، قال: سمعت أبا عياش يقول: سألت سعد بن أبي وقاص عن اشتراء السلت بالتمر زاد البيهقي - أو قال: بالبر - فقال سعد: بينهما فضل؟ قالوا: نعم. قال: لا يصح، وقال سعد: سئل رسول الله صلى الله عليه وسلم عن اشتراء الرطب بالتمر، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: أبينهما فضل؟ قالوا: نعم، الرطب ينقص. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: فلا يصح. قال الحاكم: هذا صحيح الإسناد ولم يخرجاه. والإسناد إلى أبي عياش رجاله كلهم ثقات.
وخالف في إسناده ومتنه عمرو بن الحارث، فأخرجه الطحاوي في شرح معاني الآثار (4/ 6) وفي مشكل الآثار (6173) من طريق ابن وهب، أخبرني عمرو بن الحارث، أن بكير بن عبد الله الأشج حدثه عن عمران بن أبي أنس حدثه، أن مولى لبني مخزوم حدثه أنه سأل سعد بن أبي وقاص عن الرجل يسلف من الرجل الرطب بالتمر إلى أجل، فقال سعد: نهانا رسول الله صلى الله عليه وسلم عن هذا. قال بكير: وهذا ننهى عنه.
وذكر الأجل في الحديث وهم، لسببين:
أولًا أن مخرمة بن بكير هو ابن بكير بن عبد الله، وهو أعرف بحديث أبيه.
وثانيًا: أن رواية مخرمة موافقة لرواية مالك وجماعة معه في روايتهم عن عبد الله بن يزيد. فهذه هي المخالفة في المتن.
وأما المخالفة في الإسناد، فقوله:(أن مولى لبني مخزوم). وهذه قد لا تكون مخالفة، فإن زيدًا أبا عياش قيل فيه كما في التهذيب (الزرقي، ويقال: المخزومي، ويقال: مولى لبني زهرة) فإذا قيل في نسبه (المخزومي) وهو مولى، فيصح أن يقال: عن مولى لبني مخزوم، والله أعلم.
وله شاهد مرسل، أخرجه البيهقي (5/ 295) أخبرنا أبو سعيد بن أبي عمرو الصيرفي، ثنا أبو العباس محمد بن يعقوب، ثنا الربيع بن سليمان، ثنا عبد الله بن وهب، أخبرنا =