الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
المبحث الرابع
في شروط تحريم العينة
الشرط الأول
أن يكون المشتري الثاني هو البائع الأول
والبائع الثاني هو المشتري الأول
[م-1198] يشترط في تحريم العينة أن يبيع المشتري السلعة على بائعها الأول.
فإن باعها المشتري على أجنبي، واشتراها البائع الأول منه صح البيع؛ لانتفاء علة المنع؛ لأن منع البائع الأول من شرائها إنما كان ذلك سدًا لذريعة الربا، وهو منتف في هذه الحال.
[م-1199] أما إذا باعها المشتري على وكيل البائع الأول، فهل يأخذ حكم البائع الأول، أو يأخذ حكم الأجنبي في ذلك خلاف بين أهل العلم:
فقيل: إذا اشتراها وكيل البائع الأول صح البيع، وهذا قول أبي حنيفة
(1)
.
وقيل: لا يصح، وبه قال أبو يوسف ومحمد بن الحسن من الحنفية
(2)
، وهو مذهب المالكية
(3)
، والحنابلة
(4)
.
(1)
المبسوط (13/ 124)، فتح القدير (6/ 433)، بدائع الصنائع (5/ 200).
(2)
فتح القدير (2/ 433)، المبسوط (13/ 124).
(3)
القوانين الفقهية (ص: 179)، الشرح الكبير (3/ 77 - 78)، الخرشي (5/ 95)، تهذيب الفروق (3/ 275)، حاشية الصاوي على الشرح الصغير (3/ 118)، الفواكه الدواني (2/ 103).
(4)
المغني (4/ 128)، كشاف القناع (3/ 185)، الإنصاف (4/ 337)، مطالب أولي النهى (3/ 59)، الكافي (2/ 26)، المبدع (4/ 49).
وجه قول أبي حنيفة:
أن تصرف الوكيل عند أبي حنيفة يقع لنفسه، ثم ينتقل الملك إلى الموكل حكمًا كانتقاله بالإرث؛ ولهذا يجوز عند أبي حنيفة أن يوكل ذميًا بشراء خمر، وبيعها
(1)
.
وجه قول الجمهور:
أن الوكيل قائم مقام الموكل، نائب عنه، فهو بمنزلته.
ولأن عائشة رضي الله عنها لم تستفصل عن حال أم ولد زيد بن أرقم، أهي مالكة، أو وكيلة، ولو كان الحكم يختلف لاستفسرت، والقاعدة الأصولية تقول: إن ترك الاستفصال في مقام الاحتمال ينزل منزلة العموم في المقال.
الراجح:
الراجح من الخلاف هو قول الجمهور؛ لأن الوكيل قائم مقام الموكل، ولكن هل يحرم مطلقًا أن يشتريها البائع الأول، أو يمكن أن نقول: إذا وجد البائع الأول السلعة معروضة للبيع على الناس، ولم تعرض عليه قصدًا، ودخل هو كغيره في شراء السلعة أن ذلك جائز لبعد التهمة عن الربا، ولأن الأصل حل البيع، ولأنها إذا عرضت على عموم الناس أصبح البائع كأنه اشتراها من أجنبي، إذا روعيت هذه القيود لعل القول بالجواز ليس ببعيد، والله أعلم.
* * *
(1)
فتح القدير (6/ 433).
الفرع الأول
إذا اشترى السلعة من لا تجوز شهادته للبائع الأول كابنه وأبيه
[م-1200] علمنا في المسألة السابقة أنه يشترط في تحريم بيع العينة أن يشتريها البائع الأول أو وكيله على الصحيح، فهل يختلف الحكم لو اشتراها لنفسه أبو البائع الأول، أو ابنه، أو زوجته، أو من لا تقبل شهادته له؟
في ذلك خلاف بين أهل العلم:
فقيل: لا يجوز، وهذا قول أبي حنيفة
(1)
. تنزيلًا لهؤلاء منزلة البائع؛ لأن أملاكهم كالملك الواحد من جهة المعنى، فكان عقد الواحد لنفسه كعقده لأبيه أو لابنه، ولهذا لا تقبل شهادة أحدهما للآخر.
وقيل: يجوز، واختار ذلك صاحبا أبي حنيفة
(2)
؛ لأن كل واحد منهما أجنبي عن ملك صاحبه لتمايز الأملاك.
وقيل: يكره إن كان ابنه صغيرًا، وإن كان كبيرًا فيجوز؛ لأنه بمنزلة الأجنبي، وهذا مذهب المالكية
(3)
.
(1)
فتح القدير (6/ 433)، بدائع الصنائع (5/ 200)، البحر الرائق (6/ 90)، تبيين الحقائق (4/ 54).
(2)
البحر الرائق (6/ 90)، تبيين الحقائق (4/ 54).
(3)
حاشية العدوي على الخرشي (5/ 95)، الفواكه الدواني (2/ 103)، حاشية الدسوقي (3/ 77 - 78).