الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
واعترض على هذا الحديث رواية ودراية:
أما الرواية فإن الحديث قد انفرد به الضعفاء، وهذه علة توجب ضعفه.
وأما من جهة الدراية، فإن دلالة الحديث على التحريم غير واضحة؛ لأن العينة قرنت بالأخذ بأذناب البقر، والاشتغال بالزرع، وهذه غير محرمة، وتوعده على ذلك بالذل لا يدل على التحريم.
وأجيب:
أما القول بأن الحديث قد انفرد به الضعفاء، فإن من يحتج به يذهب إلى أن كثرة طرقه تدل على أن لهذا الحديث أصلًا. فالطرق الضعيفة إذا كثرت شد بعضها بعضًا. والحديث قد صححه ابن القطان الفاسي، في بيان الوهم والإيهام
(1)
. وابن عبد الهادي في المحرر
(2)
، وقوى إسناده ابن تيمية
(3)
، وابن القيم
(4)
، والشوكاني
(5)
، وغيرهم، هذا هو الجواب عن ضعف الحديث رواية.
وأما الجواب عن ضعف الحديث من حيث الدلالة:
الاعتراض على تحريم العينة لكونها قرنت بما ليس بمحرم بالاتفاق كالأخذ بأذناب البقر، والاشتغال بالزرع، فيقال في الجواب عنه: بأن الاشتغال بالمباح عن الواجب يجعل المباح محرمًا، والحديث - إن صح - يعتبر من دلائل نبوته
(1)
بيان الوهم والإيهام (5/ 295 - 196).
(2)
المحرر (2/ 487).
(3)
الفتاوى الكبرى - (6/ 45).
(4)
تهذيب السنن لابن القيم (5/ 103 - 104).
(5)
قال الشوكاني في نيل الأوطار (5/ 318) هذه الطرق يشد بعضها بعضًا.
عليه الصلاة والسلام، حيث ربط الذل بترك الجهاد، فهو لم يذم الاشتغال بالأرض مطلقًا، وإنما ذم الاشتغال بالزرع إذا شغل عن واجب، وهذا محل وفاق، يقول الشوكاني:«وقد حمل هذا على الاشتغال بالزرع في زمن يتعين فيه الجهاد»
(1)
.
وعلى التسليم بأنه قرن بما ليس بمحرم، فإن هذا لا يدل على أن العينة ليست حرامًا؛ لأن دلالة الاقتران دلالة ضعيفة، قال تعالى:{كُلُوا مِن ثَمَرِهِ إِذَا أَثْمَرَ وَآتُوا حَقَّهُ يَوْمَ حَصَادِهِ} [الأنعام:141] والإتيان: واجب، والأكل ليس بواجب.
(ح-795) ومنها ما رواه مسلم في صحيحه من طريق يحيى بن أبي كثير، حدثني إبراهيم بن قارظ، عن السائب بن يزيد.
حدثني رافع بن خديج عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال ثمن الكلب خبيث ومهر البغي خبيث وكسب الحجام خبيث
(2)
.
ومهر البغي حرام بالإجماع، وأجرة الحجام ليست حرامًا بدليل أن النبي صلى الله عليه وسلم احتجم، وأعطى الحجام أجره، ولو كان حرامًا لم يعطه.
(ح-796) وروى البخاري من طريق عمرو بن سليم الأنصاري، قال:
أشهد على أبي سعيد، قال: أشهد على رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: الغسل يوم الجمعة واجب على كل محتلم، وأن يستن، وأن يمس طيبًا إن وجد.
قال عمرو: أما الغسل فأشهد أنه واجب، وأما الاستنان والطيب فالله أعلم أواجب هو أم لا
(3)
.
(1)
نيل الأوطار (5/ 319).
(2)
صحيح مسلم (1568).
(3)
صحيح البخاري (880)، ورواه مسلم بنحوه (846).