الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
قد خرج من هذا النص إما بتخصيص إن قلنا: إنها عامة، وهو الصحيح، أو بتفسير إن قلنا: إنها مجملة، والله أعلم.
الدليل الثاني:
(ح-800) ما رواه البخاري، حدثنا عبد الله بن يوسف، أخبرنا مالك، عن عبد المجيد بن سهيل بن عبد الرحمن بن عوف، عن سعيد بن المسيب.
عن أبي سعيد الخدري وأبي هريرة رضي الله عنهما، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم استعمل رجلًا على خيبر، فجاءهم بتمر جنيب، فقال: أكل تمر خيبر هكذا؟ فقال: إنا لنأخذ الصاع من هذا بالصاعين، والصاعين بالثلاثة فقال: لا تفعل، بع الجمع بالدراهم، ثم ابتع بالدراهم جنيبًا، وقال في الميزان مثل ذلك
(1)
.
وجه الاستدلال:
(2)
.
فلو كان الابتياع من المشتري حرامًا لنهى عنه.
وأجيب:
بأن مقصوده صلى الله عليه وسلم إنما كان بيان الطريق التي بها يحصل شراء التمر الجيد لمن عنده رديء وهو أن يبيع الرديء بثمن ثم يبتاع بالثمن جيدًا. ولم يتعرض لشروط البيع وموانعه؛ لأن المقصود ذكر الحكم على وجه الجملة.
(1)
البخاري (2302، 2303).
(2)
شرح النووي على صحيح مسلم (11/ 21).
أو لأن المخاطب يفهم البيع الصحيح فلا يحتاج إلى بيان، فلا معنى للاحتجاج بهذا الحديث على نفي شرط مخصوص، كما لا يحتج به على نفي سائر الشروط.
فقوله صلى الله عليه وسلم: (بع الجمع بالدراهم) إنما يفهم منه البيع المقصود الخالي عن شرط يمنع كونه مقصودًا بخلاف البيع الذي لا يقصد والدليل عليه أنه لو قال: بع هذا الثوب لم يفهم منه بيع المكره، ولا بيع الهازل، وإنما يفهم منه البيع الذي قصد به نقل الملك فإذا جاء إلى تمار فقال: أريد أن أشتري منك بالتمر الرديء تمرًا جيدًا، فيشتريه منه بكذا درهمًا ويعني بالدراهم كذا تمرًا جيدًا لم يكن قصده ملك الثمن الذي هو الدراهم البتة وإنما القصد بيع تمر بتمر، فلا يدخل في الحديث.
يبين هذا: أن مثل هذين قد يتراضيان أولًا على بيع التمر بالتمر ثم يجعلان الدراهم محللًا.
ولأن النبي صلى الله عليه وسلم نهى عن بيعتين في بيعة ومتى تواطأ على أن يبيعه بالثمن ثم يبتاع به منه فهو بيعتان في بيعة فلا يكون داخلًا في الحديث.
يبين ذلك أنه صلى الله عليه وسلم قال: بع الجمع بالدراهم، ثم ابتع بالدراهم جنيبًا وهذا يقتضي بيعًا ينشئوه ويبتديه بعد انقضاء البيع الأول. ومتى واطأه من أول الأمر على أن أبيعك وأبتاع منك فقد اتفقنا على العقدين معًا فلا يكون داخلا في حديث الأمر بل في حديث النهي
…
اهـ ملخصًا من كلام ابن تيمية
(1)
.
والبيع إذا كان فيه مشارطة ومواطأة على عود السلعة إلى البائع ليس في تحريمه نزاع، وقد نقلنا الإجماع على التحريم في صدر هذه المسألة، وإنما نزاع
(1)
انظر الفتاوى الكبرى (6/ 140) وما بعدها.