الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
(1)
.
دليل من قال بالتحريم:
أدلته هي نفس الأدلة التي ساقها على تحريم العينة في الصورة المشهورة، وعمدته في ذلك أن العينة لم يأت في الشرع لها حقيقة واحدة حتى يصار إلى منعها، وإباحة الباقي، بل كل ما يؤدي إلى الربا، ويكون وسيلة إليه فتلحق به.
يقول ابن القيم: «نص أحمد في رواية حرب على أن هذه الصورة لا تجوز إلا أن تتغير السلعة، فهي كمسألة العينة سواء وهي عكسها صورةً، وفي الصورتين قد ترتب في ذمته دراهم مؤجلة بأقل منها نقدًا لكن في إحدى الصورتين البائع هو الذي اشتغلت ذمته وفي الصورة الأخرى: المشتري هو الذي اشتغلت ذمته قال ابن القيم: لا فرق بينهما ..... وليس في النص ما يدل على اختصاص العينة بالصورة الأولى حتى تتقيد به نصوص مطلقة على تحريم العينة
(2)
.
الترجيح:
إن نظرنا إلى أن البيع الثاني كان بعد انتهاء علاقة البيعة الأولى، حيث نقد الثمن فيها قلنا بالجواز مطلقًا. ولأن صورة العينة المشهورة يشترطون للتحريم أن تكون البيعة الثانية قبل نقد الثمن، وهذه قد نقد الثمن في البيعة الأولى، فكان القياس جوازها.
(1)
بداية المجتهد (2/ 106).
(2)
انظر تهذيب السنن (5/ 107 - 108).
ولأن الثمن في البيع الأول إذا كان مؤجلًا يصير الثمن الثاني قصاصًا بالثمن الأول، فيبقى من الثمن الأول زيادة لا يقابلها عوض في عقد المعاوضة، وهو تفسير الربا، بخلاف ما إذا نقد الثمن؛ لأن المقاصة لا تتحقق بعد نقد الثمن
(1)
.
وإذا نظرنا إلى المعنى وجدنا أن الصورتين فيهما مبادلة مال ربوي بمثله مع التفاضل والنسأ، وبينهما سلعة، فإذا كانت السلعة ملغاة في الصورة المشهورة، كانت السلعة ملغاة هنا، وإذا ألغيت السلعة كان الربا ظاهرًا كل ما هنالك أن في مسألة العينة: المشتري هو الغارم. وفي عكسها: البائع هو الغارم، وهذا لا تأثير له في محل النزاع.
فالصورة تجمعهما أن النقد أقل من النسيئة، والمبيع في البيعتين واحد، والسلعة عادت إلى صاحبها.
وأما تقييد ذلك بالقصد، واتخاذ ذلك حيلة إلى الربا، فمن المعلوم أن صورة العينة المشهورة النزاع فيها فيما إذا لم يكن هناك مواطأة واشتراط، أما في حال المواطأة فإن التحريم بالإجماع، وينبغي من لا يشترط القصد في المسألة الأولى أن لا يشترط القصد في المسألة الثانية، والله أعلم.
* * *
(1)
انظر مجلة البحوث الإسلامية، العدد السابع.