الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وجه المنع:
أن الخبز مكيل يجب التساوي فيه، ولا يمكن كيله فتعذرت المساواة فيه.
ولأن في كل واحد منهما من غير جنسه.
وقيل: يجوز بيع الخبز بالخبز فإن كانا من جنس واحد فيشترط أن يستويا جفافًا لتحقيق المماثلة. وإذا اختلف جنسهما، جاز التفاضل وحرم النساء، وهذا مذهب الحنابلة
(1)
.
وقال النووي: «وحكي قول في جواز بيع الخبز الجاف المدقوق بمثله كيلًا»
(2)
.
وقيل: الخبز جنس واحد، وإن اختلفت أصوله، ويجوز بيع بعضه ببعض بالتحري من غير وزن.
والتحري فيهما: إن كان الأصل يجوز فيه التفاضل كخبز قمح وخبز أرز، فإنما يراعى وزن الخبزين، لا تماثل الدقيقين.
وإن كان الأصل لا يجوز فيه التفاضل كخبز قمح بخبز قمح أو شعير، فإنما يراعى فيه تماثل الدقيقين.
قال ابن رشد: إن كانت أصول الأخباز مما يجوز فيه التفاضل فلا خلاف أن المماثلة تعتبر بالوزن، وإن كان أصول الأخباز مما لا يجوز فيه التفاضل كأخباز القمح والشعير والسلت فإنما تكون المماثلة باعتبار أصولها.
وذهب ابن دحون إلى أن الخبز يجوز أن يباع وزنًا بوزن؛ لأنه قد صار صنفًا على حدة، فوجب ألا تراعى أصوله.
(1)
الإنصاف (5/ 27)، المبدع (4/ 138)، شرح منتهى الإرادات (2/ 67).
(2)
روضة الطالبين (3/ 390).
قال المواق في التاج والأكليل: «ولعمري إن لقوله وجهًا، وهو القياس على الإطلاق، والأنبذة إنما تجوز مثلًا بمثل، ولا يراعى ما دخل في كل واحد منها من التمر أو الزبيب، أو العنب.
وقال الباجي: ظاهر الموطأ في جواز بيع الخبز بالخبز تحريًا أن يتحرى الوزن، لا الدقيق ولو كثر القول بهذا في المذهب عندي لكان أصح»
(1)
.
وجاء في بداية المجتهد: «واختلفوا من هذا الباب فيما تدخله الصنعة مما أصله منع الربا فيه، مثل الخبز بالخبز.
فقال أبو حنيفة: لا بأس ببيع ذلك متفاضلًا، ومتماثلا، لأنه قد خرج بالصنعة عن الجنس الذي فيه الربا.
وقال الشافعي: لا يجوز متماثلًا، فضلا عن متفاضل؛ لأنه قد غيرته الصنعة تغيرًا جهلت به مقاديره التي تعتبر فيها المماثلة.
وأما مالك: فالأشهر في الخبز عنده أنه يجوز متماثلًا، وقد قيل فيه أنه يجوز فيه التفاضل، والتساوي ...... وسبب الخلاف، هل الصنعة تنقله من جنس الربويات، أو ليس تنقله؟ وإن لم تنقله فهل تمكن المماثلة فيه أو لا تمكن؟
فقال أبو حنيفة: تنقله، وقال مالك والشافعي: لا تنقله.
واختلفوا في إمكان المماثلة فيهما، فكان مالك يجيز اعتبار المماثلة في الخبز، واللحم بالتقدير، والحزر فضلا عن الوزن
…
»
(2)
.
والذي أميل إليه هو مذهب الحنابلة: أن بيع الخبز بالخبز يجوز بشرط النشاف، وأن المماثلة تكون فيه بالوزن لتعذر كيله، والله أعلم.
* * *
(1)
التاج والإكليل (4/ 360)، القوانين الفقهية (ص: 168)، جامع الأمهات (ص:347).
(2)
بداية المجتهد (2/ 103).
المبحث السابع
في الربا بالتمرة والتمرتين والحفنة والحفنتين
قال الباجي: «كل جنس حرم التفاضل في كثيره فإنه محرم في قليله»
(1)
.
وقال ابن عبد البر: «ما جرى فيه الربا في التفاضل دخل قليله وكثيره في ذلك»
(2)
.
[م -1180] يتفق الحنفية مع الجمهور بأنه لا يجوز النساء في بيع التمرة بالتمرتين، والحفنة بالحفنتين لوجود علة الجنس
(3)
.
وأختلف الحنفية مع الجمهور في حكم التفاضل.
فأجاز الحنفية التفاضل في بيع الْحَفْنَة من الطعام المكيل بالحفنتين، والتمرة بالتمرتين، والذَّرَّة من الذهب بالذّرَّتين، وما دون نصف الصاع بمنزلة الحفنة
(4)
.
ومنع من ذلك الجمهور، وهو اختيار محمد بن الحسن من الحنفية
(5)
.
(1)
المنتقى (4/ 240).
(2)
التمهيد (19/ 189).
(3)
البحر الرائق (6/ 142).
(4)
المبسوط (12/ 117، 192)، بدائع الصنائع (5/ 185)، تبيين الحقائق (4/ 87)، العناية شرح الهداية (7/ 9 - 10)، الجوهرة النيرة (1/ 212)، فتح القدير (7/ 9 - 10)، الفتاوى الهندية (3/ 117).
(5)
حاشية ابن عابدين (5/ 176)، المنتقى للباجي (4/ 240)، التمهيد (19/ 188 - 189)، أنوار البروق في أنواع الفروق (3/ 262 - 263)، وصرح المالكية بأنه لا يفقد الكيل ولو بالحفنة التاج والإكليل (4/ 360)، الذخيرة (7/ 202)، المجموع (9/ 494 - 495)، (10/ 199)، المغني (4/ 28).