الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
أخذت رأس مالي، ورددت عليه الفضل، قالت:{فَمَن جَاءَهُ مَوْعِظَةٌ مِّن رَّبِّهِ فَانتَهَى} [البقرة:275] أو قالت: {وَإِن تُبْتُمْ فَلَكُمْ رُءُوسُ أَمْوَالِكُمْ} [البقرة:279]
(1)
.
ونوقش هذا الحديث:
بأن الحديث ضعيف من جهة الإسناد
(2)
.
(1)
المصنف (14812).
(2)
ضعف هذا الأثر بعلتين:
العلة الأولى: امرأة أبي إسحاق، لم يوثقها أحد.
واختلف أهل العلم هل هي مجهولة أم لا.
قال الدارقطني: أم محبة والعالية مجهولتان، لا يحتج بهما. سنن الدارقطني (3/ 52).
قال ابن عبد البر: وهو خبر لا يثبته أهل العلم بالحديث، ولا هو مما يحتج به عندهم، وامرأة أبي إسحاق، وامرأة أبي السفر، وأم ولد زيد بن أرقم كلهن غير معروفات بحمل العلم. الاستذكار (19/ 25).
وقال ابن حزم: امرأة أبي إسحاق مجهولة الحال، لم يرو عنها أحد غير زوجها، وولدها يونس، على أن يونس قد ضعفه شعبة بأقبح التضعيف، وضعفه يحيى القطان وأحمد بن حنبل جدًا. وقال شعبة: أما قال لكم: حدثنا ابن مسعود. والثاني أنه قد صح أنه مدلس. المحلى (7/ 550).
وتدليس أبي إسحاق قد ارتفع برواية شعبة عنه، فإن شعبة لا يحمل عنه إلا ما صرح بالتحديث.
قال الشافعي: هذا الحديث لا يثبت عن عائشة، وأعله بامرأة أبي إسحاق، وذكر أنها لا تعرف امرأته بشيء يثبت به حديثها، وكيف يحتج بحديث امرأة ليس عندنا عنها معرفة أكثر من أن زوجها روى عنها. انظر الأم (3/ 38 - 39)، معرفة السنن والآثار (4/ 367 - 368).
وخالف ابن الجوزي وتبعه ابن عبد الهادي خالفا الدارقطني وابن عبد البر والشافعي وابن حزم.
قال ابن الجوزي عن العالية: «امرأة جليلة القدر معروفة ذكرها محمد بن سعد في كتاب الطبقات فقال العالية بنت أيفع بن شراحيل امرأة أبي إسحاق السبيعي سمعت من عائشة» . التحقيق (2/ 184). وانظر الطبقات الكبرى (8/ 487). =
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
= ولا أعتقد أن مثل هذا الكلام يعد توثيقًا في حق الراوي، فإن كان حكم ابن الجوزي بجلالة قدرها أخذه من كلام ابن سعد بأنها دخلت على عائشة، وسمعت منها، وسألتها، فهذا لا يكفي بالجزم بأنها جليلة القدر معروفة، وليس كل من دخل على عائشة، وسمع منها، وسألها قيل في حقه ذلك، وإذا قبل ذلك فإن غايته أن يعني ذلك صلاح دينها، وهذا لا يكفي في الرواية، ولا بانتفاء جهالة حالها، نعم قد يكفي بانتفاء جهالة العين.
وقال ابن عبد الهادي: «هذا إسناد جيد، وإن كان الشافعي قد قال: إنا لا نثبت مثله عن عائشة رضي الله عنها وكذلك قول الدارقطني في العالية: إنها مجهولة، لا يحتج بها، فيه نظر، وقد خالفه غيره» . تنقيح التحقيق (2/ 558).
ولم يذكر ابن عبد الهادي من خالف الدارقطني، وكل عمدته في هذا أنه ذكر قبل هذا أن ابن سعد ذكر أنها دخلت على عائشة، وسمعت منها، وأن الإمام أحمد روى الأثر في مسنده، وأن ابن الجوزي قال عن العالية بأنها جليلة القدر، وكل هذا لا أراه مخالفًا لكلام الدارقطني وابن عبد البر وابن حزم والشافعي. فإن القطع بأنها لم يوثقها معتبر، ولا تعرف بالرواية، ولم يرو عنها إلا زوجها وولدها. ومثل هذا لا يجزم الباحث بانتفاء جهالة الحال عنها.
وقال ابن القيم في تهذيب السنن (5/ 105): «فإن قيل: لا نسلم ثبوت الحديث، فإن أم ولد زيد مجهولة، قلنا: أم ولده لم ترو الحديث، وإنما كانت هي صاحبة القصة، وأما العالية فهي امرأة أبي إسحاق السبيعي، وهي من التابعيات، وقد دخلت على عائشة، وروى عنها أبو إسحاق وهو أعلم بها» .
وهذا الكلام من ابن القيم دليل على أنه لا يوجد توثيق لامرأة أبي إسحاق، فإن كونها من التابعيات لا يكفي، فإن أم ولد زيد تابعية أيضًا، وقد سلم أنها مجهولة.
ورواية الثقة عن شخص ليس توثيقًا له، كما هو معلوم في قواعد هذا الفن. بل لو قال الراوي: حدثني الثقة لم يقبل منه، فقد يكون ثقة عنده، وليس ثقة عند غيره، وأبو إسحاق لم يعرف عنه أنه لا يروي إلا عن ثقة، فما دام أن مدار الإسناد عليها، ولم يوثقها أحد، ولم تعرف بحمل العلم، ولم يرو عنها إلا زوجها وولدها فإن جهالة حالها هو ما تقتضيه القواعد، والاحتياط للرواية أحب إلي من الاحتياط للراوي.
العلة الثانية: الاختلاف فيه على أبي إسحاق:
فقد رواه الدارقطني (3/ 52) وعبد الرزاق (14812) عن معمر بن راشد. =
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
= ورواه ابن أبي حاتم في تفسيره (2897) من طريق جرير بن حازم.
ورواه ابن الجعد في مسنده (451) ومن طريقه البيهقي (5/ 330) عن شعبة.
وكذا ذكر ابن حجر في الدراية (2/ 151) أن الإمام أحمد أخرجه من طريق شعبة. وكذا أشار ابن عبد الهادي في التنقيح (2/ 558) أن الإمام أحمد رواه أيضًا في مسنده. ولم أقف عليه في المسند المطبوع
ورواه البيهقي (5/ 330) من طريق أبي الأحوص، كلهم عن أبي إسحاق، عن امرأته، عن عائشة.
وتابع يونس بن إسحاق أباه أبا إسحاق كما في الطبقات الكبرى لابن سعد (8/ 487)، وسنن الدارقطني (3/ 52).
ورواه الثوري واختلف عليه:
فرواه عبد الرزاق (14812) عن معمر والثوري، عن أبي إسحاق، عن امرأته، عن عائشة.
وأرى أن هذا الإسناد هو إسناد معمر، وليس إسناد الثوري.
فقد رواه عبد الرزاق في المصنف (14813).
ورواه البيهقي في السنن (5/ 331) من طريق عبد الله بن الوليد، كلاهما عن الثوري، عن أبي إسحاق، عن امرأته، عن امرأة أبي السفر، عن عائشة.
ورواه ابن حزم في المحلى (7/ 550) من طريق محمد بن يوسف الفريابي، عن الثوري، عن أبي إسحاق، عن امرأة أبي السفر، تقول: سألت عائشة .. وذكرت الأثر بنحوه. بإسقاط امرأة أبي إسحاق من الإسناد.
قال ابن حزم: «قد صح أنه - يعني أبا إسحاق - مدلس وأن امرأة أبي إسحاق لم تسمعه من أم المؤمنين وذلك أنه لم يذكر عنها زوجها ولا ولدها: أنها سمعت سؤال المرأة لأم المؤمنين
…
ولا جواب أم المؤمنين لها إنما في حديثها: دخلت على أم المؤمنين أنا وأم ولد لزيد بن أرقم فسألتها أم ولد زيد بن أرقم - وهذا يمكن أن يكون ذلك السؤال في ذلك المجلس ويمكن أن يكون في غيره ثم ساق أبو محمد بإسناده إلى محمد بن يوسف الفريابي، عن سفيان الثوري، عن أبي إسحاق السبيعي، عن امرأة أبي السفر: أنها باعت من زيد بن أرقم خادمًا لها بثمانمائة درهم إلى العطاء فاحتاج فابتاعتها منه بستمائة درهم، وذكر بقية الأثر. وما رويناه من طريق عبد الرزاق عن سفيان الثوري، عن أبي إسحاق السبيعي، عن امرأته قالت: سمعت امرأة أبي السفر تقول: سألت عائشة أم المؤمنين =