الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وأجيب بجوابين:
الجواب الأول:
أن قوله (وكذلك الميزان) أي عند بيع الذهب بالذهب أو الفضة بالفضة فلا بد من التساوي بالمعيار الشرعي وهو الميزان، لا أن الميزان علة في الحكم، فإنه لما ذكر التمر الرديء والجيد، وأنه لا بد في المبادلة من التساوي بينهما بالمعيار الشرعي، وهو الكيل، ناسب أن يذكر أن التساوي في الذهب والفضة هو بالمعيار الشرعي، وهو الوزن، لا أن الربا يجري في كل موزون.
كما قال صلى الله عليه وسلم: لا تبيعوا الذهب بالذهب إلا وزنًا بوزن، ولا الفضة بالفضة إلا وزنًا بوزن. وليس الوزن علة في الحكم.
الجواب الثاني:
قال البيهقي: «قوله (وكذلك الميزان) في الحديث
…
أنه من جهة أبي سعيد»
(1)
. أي موقوفًا عليه.
قلت: تفرد عبد المجيد بن سهيل بن عبد الرحمن بن عوف، في هذا الطريق، وكان تفرده بأمرين.
الأول منهما: قوله (وكذلك الميزان) على اختلاف عليه في ذكرها، فتارة يذكرها، وتارة يهملها. وله شاهد من حديث حيان بن عبيد الله، عن أبي مجلز، عن ابن عباس، وفي حيان ضعف من قبل حفظه.
الثاني: نسب الحديث إلى مسند أبي سعيد وأبي هريرة، والمحفوظ أن الحديث من مسند أبي سعيد، ولا يروى عن أبي هريرة إلا من هذا الطريق
(2)
.
(1)
سنن البيهقي (5/ 286)، وانظر معرفة السنن والآثار (4/ 306).
(2)
قال ابن عبد البر كما التمهيد (20/ 56): «ذكر أبي هريرة في هذا الحديث لا يوجد من =
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
= غير رواية عبد المجيد بن سهيل، وإنما يحفظ هذا الحديث لأبي سعيد، كذلك رواه قتادة عن ابن المسيب، عن أبي سعيد الخدري من رواية حفاظ أصحاب قتادة: هشام الدستوائي وابن أبي عروبة. وكذلك رواه يحيى بن أبي كثير، عن أبي سلمة. وعقبة بن عبد الغافر، عن أبي سعيد، وكذلك رواه محمد بن عمرو عن أبي سلمة، عن أبي سعيد الخدري.
وروى الدراوردي عن عبد المجيد بن سهيل في هذا الحديث إسنادين: أحدهما عن سعيد ابن المسيب عن أبي سعيد وأبي هريرة كما روى مالك وغيره.
والآخر عن عبد المجيد بن سهيل، عن أبي صالح السمان، عن أبي هريرة وأبي سعيد، عن النبي صلى الله عليه وسلم مثله سواء ولا نعرفه بهذا الإسناد هكذا إلا من حديث الدراوردي». ا هـ
قلت: قد ذكر ابن عبد البر في التميهد خلاف هذا، فقال:(5/ 127): «الحديث ثابت محفوظ عن النبي صلى الله عليه وسلم من حديث أبي هريرة وأبي سعيد» . فيكون على هذا للحافظ ابن عبد البر قولان في صحة إسناد الحديث إلى أبي هريرة، وإن كان قوله الأخير ذكره في المجلد الخامس، وقوله الأول ذكره في المجلد العشرين، إن كان مثل هذا الترتيب يقدم المتأخر فلينظر فيه، وإلا وجب علينا أن ننظر أي قولي ابن عبد البر يجري على قواعد المحدثين؟
فالحديث رواه سعيد بن المسيب، واختلف عليه:
فرواه عنه عبد المجيد بن سهيل، عن سعيد، عن أبي سعيد وأبي هريرة فجمع أبا سعيد مع أبي هريرة، وزاد لفظة (وكذلك الميزان).
رواه عن عبد المجيد مالك، واختلف على مالك في ذكر هذه الزيادة:
فرواه مالك في الموطأ (2/ 623) من رواية يحيى، ومن طريقه مسلم (1593).
والبخاري (4244، 4245) عن إسماعيل بن أبي أويس.
وكذلك رواه البخاري (2201، 2202) حدثنا قتيبة بن سعيد.
والنسائي في السنن الكبرى (6100) وفي المجتبى (4553) من طريق ابن القاسم،
والطحاوي في شرح معاني الآثار (4/ 67) من طريق ابن وهب.
وابن حبان في صحيحه (5021) من طريق أحمد بن أبي بكر.
والشافعي في السنن المأثورة (ص: 257) سبعتهم، عن مالك، عن عبد المجيد به، بدون لفظة (الميزان). قال الشافعي: عن أبي سعيد أو أبي هريرة بالشك، خلافًا لغيره.
ورواه البخاري (2303) عن عبد الله بن يوسف، عن مالك به، بإثباتها. =
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
= كما رواه الطحاوي في مشكل الآثار (1296) وأبو عوانة في مستخرجه (5442) من طريق ابن وهب، عن مالك بإثباتها، فيكون ابن وهب روي الحديث عن مالك باللفظين.
وكذلك رواه البخاري (7350، 7351) ومسلم (1593) من طريق سليمان بن بلال، عن عبد المجيد بن سهيل بإثباتها.
وتابع سلمة بن أسلم عبد المجيد بن سهيل إلا أنه بإسناد شديد الضعف، فلا يفرح به.
فأخرجه الدارقطني (3/ 17) من طريق محمد بن إسماعيل الجعفري، أخبرنا عبد الله ابن سلمة بن أسلم، عن أبيه، عن سعيد بن المسيب، عن أبي سعيد الخدري، عن أبي هريرة، واكتفى الدارقطني بذكر إسناده، وقال عن المتن: نحوه. ولا أعلم هل ذكر في متنه كلمة (الميزان).
وفي إسناده محمد بن إسماعيل الجعفري، قال ابن أبي حاتم: سألت أبى عنه، فقال: منكر الحديث يتكلمون فيه. الجرح التعديل (7/ 189).
وذكره ابن حبان في الثقات، وقال: يغرب.
وعبد الله بن سلمة بن أسلم، قال فيه أبو زرعة: منكر الحديث. العلل لابن أبي حاتم (1976). وضعفه الدارقطني وغيره. وقال أبو نعيم: متروك، لسان الميزان (3/ 292).
وقال الحافظ في الفتح (13/ 468) عن حديث (ثم يعلو ربنا على كرسيه): «وهو من رواية محمد بن إسماعيل الجعفري، عن عبد الله بن سلمة، وفيهما مقال» .
وقال عنه العيني في عمدة القارئ (7/ 198): «وهو حديث منكر، في إسناده محمد ابن إسماعيل الجعفري، يرويه عن عبد الله بن سلمة بن أسلم. بضم اللام، والجعفري منكر الحديث، قاله أبو حاتم: وعبد الله بن سلمة ضعفه الدارقطني وقال أبو نعيم: متروك» .
وفي الجرح والتعديل (5/ 70): سئل أبو زرعة عنه، فقال: منكر الحديث.
وأبوه سلمة بن أسلم بضم اللام الجهني لم يرو عنه غير ابنه عبد الله فيما اطلعت عليه، وهو تابعي. ولم يو ثقه أحد، انظر إكمال الكمال (1/ 74).
كما أن عبد المجيد تارة يحدث به عن سعيد بن المسيب، وتارة يحدث به عن أبي صالح السمان، عن أبي سعيد بن المسيب، عن أبي هريرة.
ذكره البخاري تعليقًا في المغازي، قال البخاري: وعن عبد المجيد، عن أبي صالح السمان، عن أبي هريرة وأبي سعيد مثله. =
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
= وقد وصله الطحاوي في مشكل الآثار (1300) من طريق الدراوردي، عن عبد المجيد ابن سهيل، عن أبي صالح السمان، عن أبي هريرة، وعن أبي سعيد الخدري مثله.
ولم يقل أحد عن أبي صالح السمان إلا عبد المجيد من رواية الدراوردي عنه، وتفرد الدراوردي عن عبد المجيد بذكر أبي صالح السمان يجعله عندي غير محفوظ، والله أعلم.
وقد اختلف على الدراوردي أيضًا فروي من ثلاثة وجوه:
الوجه الأول: رواه الطحاوي في مشكل الآثار (1298) من طريق نعيم بن حماد، عن الدراوردي، عن أبي سهيل، عن أبي صالح، عن أبي سعيد وأبي هريرة.
فجعل بدلًا عن عبد المجيد أبا سهيل.
وخالفه إبراهيم بن حمزة الزبيري كما في مشكل الآثار (1299) قال: حدثنا الدراوردي، عن عبد المجيد بن سهيل، عن أبي صالح السمان، عن أبي هريرة، وعن أبي سعيد.
قال أبو جعفر الطحاوي: هكذا هو في كتاب مصعب الذي أخبرنا أنه أصل أبيه، عن
…
عبد المجيد بن سهيل، عن أبي صالح، وهذا خلاف ما ذكرناه من حديث يحيى بن عثمان، عن نعيم، عن الدراوردي، لأنه جعل مكان عبد المجيد أبا سهيل، والذي قاله مصعب في هذا هو الصواب عندنا». اهـ
الوجه الثالث: رواه الدراوردي، عن عبد المجيد، عن سعيد بن المسيب، عن أبي سعيد وأبي هريرة، وهذا هو يتفق مع ما أخرجه الشيخان، من طريق مالك، عن عبد المجيد به. وهذا هو المعروف من رواية عبد المجيد بن سهيل.
وخالف قتادة بن دعامة عبد المجيد، فرواه، عن سعيد بن المسيب، عن أبي سعيد الخدري وحده، وبدون ذكر الميزان في متنه. أخرجه أحمد في المسند (3/ 67) عن يزيد بن هارون.
وأخرجه النسائي في المجتبى (4554) وابن حبان (5020) من طريق خالد بن الحارث، كلاهما عن سعيد بن أبي عروبة.
وأخرجه الطحاوي في شرح معاني الآثار (4/ 68) من طريق هشام الدستوائي. (سعيد وهشام) عن قتادة، عن سعيد بن المسيب، عن أبي سعيد الخدري وحده بنحوه. ولم يذكر لفظة الميزان. ورجاله ثقات، وقتادة وإن تكلم في روايته عن سعيد بن المسيب، إلا أن روايته عنه في الصحيحين، وقد توبع قتادة في جعل الحديث من مسند أبي سعيد.
كما أن كل من رواه من مسند أبي سعيد الخدري وحده لم يذكر فيه لفظة الميزان، من ذلك: =
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
= الأول: أبو نظرة، عن أبي سعيد الخدري.
أخرجه أحمد (3/ 3) وأبو يعلى (1226)، والطحاوي في شرح معاني الآثار (4/ 68) من طريق سليمان بن طرخان التيمي.
وأخرجه مسلم (1594) من طريق أبي قزعة الباهلي.
وأخرجه أحمد (3/ 60)، ومسلم أيضًا (1594) وأبو يعلى (1371) من طريق سعيد الجريري.
وأخرجه أحمد (3/ 10) ومسلم (1594) من طريق داود بن أبي هند كلهم عن أبي نظرة به.
الثاني: عقبة بن عبد الغافر، عن أبي سعيد الخدري.
أخرجه البخاري (2312)، ومسلم (1594)، وأكتفي بهما عن غيرهما.
الثالث: أبو سلمة، عن أبي سعيد.
أخرجه الشيخان البخاري (2080)، ومسلم (1595) وأكتفي بهما عن غيرهما.
الرابع: الحسن، عن أبي سعيد الخدري. أخرجه أحمد (3/ 55) من طريق المبارك ابن فضالة، عن الحسن، عنه. والمبارك يدلس ويسوي، والحسن لم يسمع من أبي سعيد.
فهؤلاء أصحاب أبي سعيد يروون الحديث لم يقل واحد منهم لا في طريق صحيح، ولا في طريق ضعيف كلمة (الميزان).
كما أن عبد المجيد قد تفرد بإسناد الحديث إلى أبي هريرة، من روايته عن سعيد بن المسيب، عن أبي هريرة وأبي سعيد، والسؤال: أين أصحاب سعيد بن المسيب عن هذا الحديث إذ لو كان محفوظًا عن سعيد بن المسيب عن أبي هريرة لرأيت أصحاب سعيد بن المسيب يروونه عنه، بل لرأيت أصحاب أبي هريرة رضي الله عنه يروونه عنه، فإن أبا هريرة له أصحاب يعتنون بحديثه، ولما انفرد بذلك عبد المجيد بن سهيل، بل قد رواه قتادة عن سعيد، ولم يسند الحديث إلى أبي هريرة، وما يروى من طريق عبد المجيد عن أبي صالح السمان، عن أبي هريرة فإنه من أفراد الداروردي، وخالف كل من رواه عن عبد المجيد، كالإمام مالك، وسليمان بن بلال وغيرهما. فأرى الكلام الذي قاله الحافظ ابن عبد البر من كون الحديث ليس محفوظًا من مسند أبي هريرة هو أقوى من قوله: إنه محفوظ عنهما، وإن كان هذا القول الأخير لابن عبد البر يتعزز بموافقة خبير العلل الإمام الدارقطني، فقد قال في العلل (9/ 206 - 208) عن طريق عبد المجيد بن سهيل، عن سعيد بن المسيب.
وعن طريق عبد المجيد عن أبي صالح السمان. قال الحافظ: كلها صحاح. والله أعلم.