الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
(ح-765) ومنها: ما رواه مسلم من طريق مالك بن أبي عامر يحدث.
عن عثمان بن عفان، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: لا تبيعوا الدينار بالدينارين، ولا الدرهم بالدرهمين
(1)
.
وجه الاستدلال من هذه الأحاديث:
قوله (الذهب بالذهب، والفضة بالفضة مثلًا بمثل
…
) وفي بعضها وزنًا بوزن.
ف (أل) في الذهب للجنس، فتعم جميع أنواع الذهب، مثله مثل قوله تعالى {إِنَّ الْإِنسَانَ لَفِي خُسْرٍ} [العصر:2] عام لجميع الناس ولذلك صح الاستثناء منه بقوله تعالى {إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ} [العصر:3].
وإذا كان ذلك كذلك فمن أراد إخراج فرد من أفراد الذهب فعليه الدليل من الشارع، فإن النص الشرعي إذا جاء عامًا، أو مطلقًا لا يخصصه ولا يقيده إلا نص شرعي مثله.
الدليل الثاني:
النصوص الخاصة والتي تعتبر نصًا في الموضوع.
(ح-766) من ذلك، ما رواه مسلم من طريق علي بن رباح اللخمي يقول:
سمعت فضالة بن عبيد الأنصاري يقول أتي رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو بخيبر بقلادة فيها خرز وذهب، وهي من المغانم تباع، فأمر رسول الله صلى الله عليه وسلم بالذهب الذي في القلادة فنزع وحده، ثم قال لهم رسول الله صلى الله عليه وسلم: الذهب بالذهب وزنا بوزن
(2)
.
[رواه حنش الصنعاني وعلي بن رباح اللخمي عن فضالة، والأول اختلف
(1)
صحيح مسلم (1585).
(2)
صحيح مسلم (1591).
عليه، والثاني لم يختلف عليه في الحديث، فيقبل من رواية حنش ما وافق رواية علي، وما خالفها، فقد اختلف عليه فيها فيحكم بشذوذها]
(1)
.
(1)
رواه اثنان عن فضالة بن عبيد، حنش الصنعاني، وعلي بن رباح اللخمي، وإليك بيان طرقهم:
الأول: حنش الصنعاني، واختلف عليه في لفظه:
رواه عنه خالد بن أبي عمران، واختلف عليه:
فرواه أحمد (6/ 21)، ومسلم (1591) والترمذي (1255)، والنسائي في المجتبى (4573، 4574)، وفي الكبرى (6165، 6166)، والطبراني في المعجم الكبير (18/ 302) رقم: 774، والطحاوي في مشكل الآثار (6094) وفي شرح معاني الآثار (4/ 71) من طريق الليث بن سعد، عن أبي شجاع سعيد بن يزيد، عن خالد بن أبي عمران، عن حنش الصنعاني، عن فضالة، بلفظ:(اشتريت يوم خيبر قلادة فيها ذهب وخرز باثني عشر دينارًا ففصلتها فوجدت فيها أكثر من اثني عشر دينارًا فذكرت ذلك للنبي صلى الله عليه وسلم فقال لا تباع حتى تفصل).
وخالفه ابن المبارك، فأخرجه أبو داود الطيالسي (1101) من طريق ابن المبارك، عن أبي شجاع سعيد بن يزيد به، بلفظ:(أن النبي صلى الله عليه وسلم أتي بقلادة فيها خرز معلقة بذهب، فاشتراها رجل بسبعة أو تسعة دنانير، فذكر ذلك للنبي صلى الله عليه وسلم فقال: لا حتى يميز بينه وبينه).
ورواه ابن أبي شيبة في المصنف (36448، 20185) ومن طريقه أبو داود (3351) وأبو بكر الشيباني في الآحاد والمثاني (211) والطبراني في المعجم الكبير (18/ 302) 775، والطحاوي في مشكل الآثار (6096)، وفي شرح معاني الآثار (4/ 72).
و هو في مسلم (1591) من طريق ابن أبي شيبة، ولم يذكر متنه.
ورواه أبو داود (3351) والدارقطني في سننه (3/ 3) عن أحمد بن منيع.
وأبو بكر الشيباني في الآحاد والمثاني (2111) عن سليمان بن داود.
والدارقطني في سننه (3/ 3) من طريق محمد بن بكار، وشجاع بن مخلد.
والبيهقي في السنن الكبرى (5/ 293) وفي معرفة السنن والآثار (4/ 308) من طريق الحسن بن عرفة، ستتهم، عن عبد الله بن المبارك به. وزادوا في المتن (إنما أردت الحجارة فقال: لا حتى تميز بينهما).
ورواه أبو داود (3351) عن محمد بن عيسى، عن ابن المبارك به، وقال: أردت =
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
= التجارة، بدلًا من قوله (الحجارة) قال أبو داود: وكان في كتابه الحجارة، فغيره، فقال: التجارة.
وأخرجه الترمذي (1255) عن قتيبة، عن ابن المبارك به، ولم يذكر متنه.
هذه وجوه الاختلاف على أبي شجاع سعيد بن يزيد، عن خالد بن أبي عمران، عن حنش الصنعاني.
فالليث يرويه عن أبي شجاع، ويذكر أن الثمن اثنا عشر دينارًا جزمًا بدون شك.
وابن المبارك يذكر أن الثمن سبعة، أو تسعة بالشك، وهما داخلان في قول الليث إلا أن الليث يزيد عليهما، فهل يصح أن يكون ما زاده الليث زيادة من ثقة مع عدم وجود مرجح بينهما.
وابن المبارك يزيد في الحديث، قول الراوي:(إنما أردت الحجارة) وهذه الزيادة لا يذكرها الليث بن سعد.
وابن المبارك والليث إمامان، فهل نقول: إن زيادة ابن المبارك زيادة من ثقة، يجب قبولها، وليس مع الليث بن سعد مرجح آخر من كثرة رواة، أو اختصاص بشيخ، حتى يحكم بشذوذها؟ أو نقول: نقبل ما اتفقا عليه من رواية الحديث دون ما انفرد به كل واحد منهما؟
كما أن هناك اختلافًا بينهما غير مؤثر في لفظ الحديث، فرواية الليث على البناء للمعلوم، قال: اشتريت يوم خيبر قلادة
…
فذكرت ذلك لرسول الله صلى الله عليه وسلم.
ورواية ابن المبارك: أتي رسول الله صلى الله عليه وسلم عام خيبر بقلادة فيها ذهب وخرز. على البناء للمجهول، وهذا لا ينبني عليه أي حكم، ولا يعد اختلافًا أصلًا. كما اتفقا على أن القلادة فيها ذهب وخرز.
وإن كنت أرجح أن الخلاف قد لا يكون منهما، فقد يكون هذا الاختلاف جاء من طبقة أعلى منهما، وأميل أن الاختلاف ربما جاء من حنش الصنعاني، والله أعلم.
فقد رواه الجلاح أبو كثير، عن حنش الصنعاني عن فضالة بن عبيد، قال: كنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم خيبر، نبايع اليهود: الوقية الذهب بالدينارين والثلاثة، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: لا تبيعوا الذهب بالذهب إلا وزنًا بوزن. وهذه ليس فيه أي إشارة للقلادة.
أخرجه أحمد (6/ 22)، ومسلم (1591)، وأبو داود (3353)، والبزار في مسنده (3757)، وأبو عوانة في مسنده (5417)، والبيهقي في السنن الكبرى (5/ 293)، وابن عبد البر في التمهيد (24/ 107) من طريق عبيد الله بن أبي جعفر، عن الجلاح به. =
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
= وهذه تخالف رواية الليث ورواية ابن المبارك، فليس فيها أي إشارة للقلادة، بل فيها النص على أن المبيع ذهب بذهب، ولم يذكر أن مع الذهب جنسًا آخر، وليس فيه النهي عن البيع حتى تفصل. وأرى أن هذه الرواية شاذة مخالفة لرواية الليث بن سعد، ورواية ابن المبارك، وهما أحفظ من الجلاح، وما جاءنا في تعديل الجلاح هو أن الدارقطني قال فيه: لا بأس به. وذكره ابن حبان في الثقات، وقال فيه يزيد بن أبي حبيب الأزدي: كان رضيًا. وقال ابن عبد البر: ثقة. انظر تهذيب التهذيب (2/ 108). وقال فيه الحافظ في التقريب: صدوق.
هذا كل ما وصلنا عنه، وأحاديثه معدودة، فأين منزلة هذا من الليث بن سعد، أو من
…
عبد الله بن المبارك، أضف إلى ذلك أنه قد اختلف عليه.
فرواه عبيد الله بن أبي جعفر عن الجلاح كما سبق.
ورواه بكير بن عبد الله بن الأشج، عن جلاح، فخالف في لفظه، أخرجه أبو عوانة في مسنده (5371)، من طريق قدامة بن محمد، قال: حدثني مخرمة بن بكير، عن أبيه، قال: سمعت أبا كثير جلاح مولى ابن مروان يقول: سمعت حنش السبأي يقول: أردت أن أبتاع من فضالة بن عبيد قلادة من السهمان، فيها فصوص، ولؤلؤ، وفيها ذهب، وهي ثمن ألف دينار، قال: إن شئت سمتك، وإن شئت حدثتك عن رسول الله صلى الله عليه وسلم فإنا كنا يوم خيبر جعل على الغنائم سعد بن أبي وقاص، أو سعد ابن عبادة، فأرادوا أن يبيعوا الدينار بالثلاثة، والثلاثة بالخمسة، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم لا، إلا مثقالا بمثقال.
واختصره الطبراني في المعجم الأوسط (6473) من طريق قدامة بن محمد به، وقال: لم يرو هذا الحديث عن بكير بن عبد الله إلا مخرمة، تفرد به قدامة بن محمد. وذكره ابن عبد البر في التمهيد (24/ 106) وابن بشكوال في غوامض الأسماء المبهمة (1/ 242)، وقال ابن عبد البر: وهذا إسناد صحيح متصل حسن.
ورواه عامر بن يحيى المعافري، عن حنش، أنه قال: كنا مع فضالة بن عبيد في غزوة، فطارت لي ولأصحابي قلادة فيها ذهب وورق، وجوهر، فأردت أن أشتريها، فسألت فضالة بن عبيد، فقال: انزع ذهبها فاجعله في كفة، ثم لا تأخذن إلا مثلًا بمثل، فإني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فلا يأخذن إلا مثلًا بمثل. =
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
= وهذا الطريق أخرجه مسلم (1591)، والطحاوي في مشكل الآثار (6097)، وفي شرح معاني الآثار (4/ 74)، والطحاوي في شرح معاني الآثار (18/ 302) رقم: 776، وأبوعوانة في مسنده (5374، 5413)، والبيهقي في السنن الكبرى (5/ 292)، وفي معرفة السنن والآثار (4/ 309)، وابن عساكر في تاريخ دمشق (15/ 308)، والمزي في تهذيب الكمال (14/ 83).
وقد انفرد عامر بن يحيى المعافري هنا في هذا الحديث أن ما في القلادة (ذهب وورق وجوهر)، وأن القصة حدثت لتابعي، وليست لفضالة، فالرواية هذه إن لم تكن شاذة، وهو الأظهر، فهي حادثة أخرى غير الحادثة التي جرت لفضالة. والأصل عدم تعدد الحوادث، وأن القصة واحدة. وبهذا أكون قد كشفت الخلاف على حنش الصنعاني في لفظه، وقد رواه غير حنش الصنعاني كما سيأتي في الطريق التالي.
الثاني: علي بن رباح اللخمي، عن فضالة.
أخرجه مسلم (1591) من طريق أبي هانئ الخولاني، أنه سمع علي بن رباح اللخمي يقول: سمعت فضالة بن عبيد الأنصاري يقول: أتي رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو بخيبر بقلادة فيها خرز وذهب، وهي من المغانم تباع، فأمر رسول الله صلى الله عليه وسلم بالذهب الذي في القلادة فنزع وحده، ثم قال لهم رسول الله صلى الله عليه وسلم: الذهب بالذهب وزنا بوزن.
ومن طريق أبي هاني الخولاني أخرجه أحمد (6/ 19)، وابن الجارود في المنتقى (654)، وأبو بكر الشيباني في الآحاد والمثاني (2113)، والطحاوي في مشكل الآثار (6098، 6099)، وفي شرح معاني الآثار (4/ 73)، والطبراني في المعجم الكبير (18/ 314) رقم 813، وأبو عوانة في مسنده (5412، 5372)، وسعيد بن منصور في سننه (2757)، والدارقطني في سننه (3/ 3)، والبيهقي في السنن الكبرى (5/ 292)، وفي معرفة السنن والآثار (4/ 309).
وأنت تلحظ أن علي بن رباح اللخمي مع ثقته لم يختلف عليه في الحديث، فأرى أن حديثه هو المحفوظ، وأما حنش الصنعاني فقد اختلف عليه اختلافًا كثيرًا، فيقبل من روايته ما وافق رواية علي ابن رباح، وما خالفها، فهو مما اختلف عليه فيها فترد لشذوذها. هذا ما تقتضيه قواعد هذا الفن في معزل عن فقه الحديث، فإن الفقه قد يخطئ وقد يصيب، فلا يجب حمل الحديث على الفقه، والاعتقاد في فقه الحديث قبل بحثه يعتبر خطأ منهجيًا في البحث العلمي، والله أعلم. =