الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
المبحث الثاني
في حكم بيع العينة
قال ابن تيمية رحمه الله: «الذرائع حرمها الشارع وإن لم يقصد بها المحرم خشية إفضائها إلى المحرم، فإذا قصد بالشيء نفس المحرم كان أولى بالتحريم من الذرائع، وبهذا التحرير يظهر علة التحريم في مسائل العينة وأمثالها وإن لم يقصد البائع الربا»
(1)
.
قال البهوتي: «إنما حرم الله تعالى المحرمات لمفسدتها، والضرر الحاصل منها، ولا يزول ذلك مع بقاء معناها»
(2)
.
ويقول الدكتور حسن حامد حسان: «المعمول عليه في سد الذرائع ليس هو النية، أو القصد إلى المفسدة الممنوعة، ولكن ما يترتب على الفعل من المفاسد .... وإن لم يثبت قصد خاص للفاعل بل وإن ثبت القصد الحسن والنية الخالصة»
(3)
.
وقال ابن قدامة: «الحيل كلها محرمة غير جائزة في شيء من الدين وهو أن يظهر عقدًا مباحًا يريد به محرمًا مخادعة وتوسلًا إلى فعل ما حرم الله واستباحة محظوراته
…
قال أيوب السختياني: إنهم ليخادعون الله كأنما يخادعون صبيًا لو كانوا يأتون الأمر على وجهه كان أسهل عليَّ»
(4)
.
(1)
الفتاوى الكبرى (6/ 173).
(2)
كشاف القناع (3/ 273).
(3)
نظرية المصلحة في الفقه الإسلامي- حسين حامد حسان (ص: 216).
(4)
المغني (4/ 56).
[م-1195] الخلاف في حكم العينة إنما هو بحسب الصورة المشهورة، وهو أن يبيع سلعة بثمن مؤجل، أو بثمن لم يقبضه ثم يشتريها نفسها ممن باعها عليه نقدًا بثمن أقل من جنس الثمن الذي باعها به قبل حلول الأجل.
فإن اشتراها بمثل الثمن، جاز؛ لأنه لا ربا مع التماثل، وكذا من باب أولى إن اشتراها بأكثر مما باعها به، لأنه لا أحد يؤخذ منه دراهم ليعطي أكثر منها.
قال الجصاص: «لا خلاف أن شراءه بمثله، أو أكثر منه جائز»
(1)
.
وعلل الباجي ذلك بأنه إذا دفع أكثر من الثمن أو مثله لم يتهم أحد
(2)
.
كما اتفق الفقهاء رحمهم الله على المنع من بيع العينة إذا كان البيع الثاني مشروطًا في العقد الأول نصًا
(3)
.
(1)
أحكام القرآن للجصاص (1/ 637)، وانظر تبيين الحقائق (4/ 54)، المنتقى للباجي (4/ 167).
(2)
انظر المنتقى للباجي (4/ 167).
(3)
قال ابن حزم في المحلى (7/ 548)، مسألة 1559 «ومن باع سلعة بثمن مسمى حالة أو إلى أجل مسمى قريبًا أو بعيدًا، فله أن يبتاع تلك السلعة من الذي باعها منه بثمن مثل الذي باعها به منه وبأكثر منه وبأقل حالًا وإلى أجل مسمى أقرب من الذي باعها منه إليه أو أبعد ومثله كل ذلك حلال لا كراهية في شيء منه ما لم يكن ذلك عن شرط مذكور في نفس العقد فإن كان عن شرط فهو حرام مفسوخ أبدا محكوم فيه بحكم الغصب» .
وقال السبكي في تكملة المجموع (10/ 140): «يجوز أن يشتري الدراهم من الصراف ويبيعها منه بعد القبض وتمام العقد بالتفرق أو التخاير بأقل من الثمن أو أكثر. سواء جرت له بذلك عادة أم لا، ما لم يكن ذلك مشروطا في عقد البيع» .
وقال في موضع آخر (10/ 147): «فإن فرض الشرط مقارنًا للعقد بطل بلا خلاف، وليس محل الكلام، وإنما محل الكلام فيما إذا لم يكن مشروطًا في العقد، وذلك من الواضحات
…
». وانظر الربا والمعاملات المصرفية - المترك (ص: 260).