الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
رسول الله صلى الله عليه وسلم: أَكُلُّ تمر خيبر هكذا؟ قال: لا والله يا رسول الله، إنا لنشتري الصاع بالصاعين من الجمع، فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم: لا تفعلوا، ولكن مثلًا بمثل، أو بيعوا هذا واشتروا بثمنه من هذا
(1)
.
(2)
.
الجواب الخامس:
قال ابن عبد البر: «لم يتابع ابن عباس على تأويله في قوله في حديث أسامة هذا أحد من الصحابة، ولا من التابعين، ولا من بعدهم من فقهاء المسلمين إلا طائفة من المكيين أخذوا ذلك عنه، وعن أصحابه، وهم محجوجون بالسنة الثابتة التي هي الحجة على من خالفها وجهلها، وليس أحد بحجة عليها، وقد روي عن ابن عباس أنه رجع عن ذلك، وقال: لا علم لي بذلك، إنما أسامة ابن زيد أخبرني أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:(إنما الربا في النسيئة)
(3)
.
(1)
صحيح مسلم (1593).
(2)
أضواء البيان (1/ 165).
(3)
الاستذكار (19/ 209)، وأما مسألة رجوع ابن عباس فقد صح ذلك من طرق كثيرة:
الطريق الأول: عن أبي نضرة، عن أبي الصهباء.
رواه مسلم (1594) من طريق عبد الأعلى، عن داود بن أبي هند، عن أبي نظرة، أنه سأل ابن عباس وابن عمر في الصرف، وفيه فحدثني أبو الصهباء أنه سأل ابن عباس عنه بمكة فكرهه. =
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
= ورواه الطحاوي في شرح معاني الآثار (4/ 71) من طريق حماد، عن داود به، بلفظ: أن ابن عباس نزع عن الصرف. وسنده حسن، وهو أصرح من لفظ مسلم.
الطريق الثاني: عن أبي الجوزاء، عن ابن عباس.
رواه الإمام أحمد في مسنده (3/ 48) عن وكيع، عن سليمان الربعي، قال: سمعت أبا الجوزاء، قال: سمعت ابن عباس يفتي في الصرف، قال: فأفتيت به زمانًا، قال: ثم لقيته، فرجع عنه، قال: فقلت له: ولم؟ فقال: إنما هو رأي رأيته، حدثني أبو سعيد الخدري أن رسول الله صلى الله عليه وسلم نهى عنه.
وإسناده صحيح. وهذه متابعة صحيحة لطريق أبي الصهباء في مسلم، وهي تصريح أن الكراهة ليست نزعة احتياطية خروجًا من الخلاف، وإنما رجوعه لسماع حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم الذي يرويه أبو سعيد الخدري.
ورواه أحمد (3/ 51) عن يزيد بن هارون، عن سليمان بن علي الربعي به، بلفظ: سألت ابن عباس عن الصرف يدًا بيد، فقال: لا بأس بذلك، اثنين بواحد، أو أكثر من ذلك، أو أقل، ثم حججت مرة أخرى، والشيخ حي، فأتيته، فسألته عن الصرف، فقال: وزنًا بوزن. قال: فقلت: إنك قد أفتيتني اثنين بواحد، فلم أزل به منذ أفتيتني، فقال: إن ذلك كان عن رأيي، وهذا أبو سعيد الخدري يحدث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، فتركت رأيي إلى حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم.
ورواه ابن ماجه (2258) من طريق حماد بن زيد، عن سليمان الربعي به.
الطريق الثالث: عن عطاء بن يسار، عن أبي سعيد.
رواه الطحاوي في شرح معاني الآثار (4/ 64)، وفي مشكل الآثار (6113) من طريق زيد ابن أسلم، عن عطاء بن يسار.
عن أبي سعيد الخدري، قال: قلت لابن عباس: أرأيت الذي تقول: الديناران بالدينار، والدرهمان بالدرهم، أشهد لسمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: الدينار بالدينار، والدرهم بالدرهم لا فضل بينهما. قال ابن عباس: أنت سمعت هذا من رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ فقلت: نعم. قال: فإني لم أسمع بهذا، إنما أخبرنيه أسامة بن زيد، فقال أبو سعيد: ونزع عنها ابن عباس.
وسنده صحيح.
الطريق الرابع:
ما رواه الطبراني في المعجم الكبير (1/ 176) رقم: 454 قال: حدثنا علي بن =
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
= عبد العزيز، ثنا أبو نعيم عبد السلام بن حرب، عن مغيرة، يعني ابن مقسم، عن عبد الرحمن بن أبي نعم،
أنا أبا سعيد الخدري لقي ابن عباس، فشهد على رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال: الذهب بالذهب، والفضة بالفضة، مثلًا بمثل، فمن زاد فقد أربى، فقال ابن عباس: أتوب إلى الله عز وجل مما كنت أفتى به. ثم رجع.
وهذا إسناد حسن رجاله كلهم ثقات إلا عبد الرحمن بن أبي نعم، فإنه صدوق.
وقال الشنقيطي في أضواء البيان (1/ 170): رواه الطبراني بإسناد صحيح. وعبد الرحمن ابن أبي نعم تابعي ثقة، متفق عليه، معروف بالرواية عن أبي سعيد، وابن عمر وغيرهما من الصحابة.
الطريق الخامس: أبو الشعثاء، عن ابن عباس.
أخرجه الطبراني في المعجم الكبير (456) من طريق حماد بن زيد.
وأخرجه أيضًا (457) من طريق عيسى بن يونس، كلاهما عن أبي غفار المثنى بن سعيد، ثنا أبو الشعثاء، قال: سمعت ابن عباس يقول: أستغفر الله وأتوب إليه من الصرف. زاد حماد: إنما هذا من رأيي، وهذا أبو سعيد الخدري يروي عن النبي صلى الله عليه وسلم. وهذا إسناد حسن.
قال الشنقيطي في أضواء البيان (1/ 170) رواه الطبراني، ورجاله ثقات.
الطريق السادس:
روى الطبراني من طريق سالم بن عبد الله أبي غياث العتكي، عن بكر بن عبد الله المزني، عن ابن عباس. وسنده ضعيف من أجل أبي غياث العتكي. ويصلح أن يستشهد به مع ما سبق. وقال الشنقيطي في أضواء البيان (1/ 171): رواه الطبراني بسند فيه مجهول، إنما ذكرناه متابعة لما تقدم.
الطريق السابع:
روى الحاكم في المستدرك (2/ 42) وابن عدي في الكامل (2/ 425) رجوع ابن عباس من طريق (حيان بن عبيد الله ا لبصري)، عن أبي مجلز، عن ابن عباس.
قال ابن عدي: وهذا الحديث من حديث أبي مجلز، عن ابن عباس، تفرد به حيان.
قال الحاكم: هذا حديث صحيح، ولم يخرجاه بهذه السياقة.
وتعقبه الذهبي، فقال: حيان فيه ضعف، وليس بحجة. =
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
= قلت: مختلف فيه، قال فيه أبو حاتم الرازي: صدوق. الجرح والتعديل (3/ 246).
وقال الحافظ: قال إسحاق بن راهوية: حدثنا روح بن عبادة، ثنا حيان بن عبيد الله، وكان رجل صدق. لسان الميزان (2/ 370).
فإن كان هذا القول من روح بن عبادة، فهو بصري من بلد حيان بن عبيد الله، فيكون أعرف به من غيره.
وإن كان من إسحاق فحسبك به إمام من أئمة المسلمين.
وذكره ابن حبان في الثقات. (6/ 230).
وذكره صاحب الجوهر النقي (2/ 575، 576) عند الكلام على حديث (بين كل أذانين صلاة لمن شاء إلا المغرب) قال: أخرج البزار هذا الحديث، ثم قال: حيان رجل من أهل البصرة، مشهور، ليس به بأس .... ».
وذكره العقيلي في الضعفاء (1/ 319).
وقال البخاري: ذكر الصلت منه الاختلاط. المرجع السابق.
وقال ابن عدي: ولحيان غير ما ذكرت من الحديث، وليس بالكثير، وعامة ما يرويه إفرادات ينفرد بها. الكامل (2/ 426)
قلت: هذا الطريق بهذا الإسناد ضعيف، إلا أنه صالح للاستشهاد في مسألة رجوع ابن عباس مع ما سبق من الطرق الكثيرة عن ابن عباس، وأكثرها بأسانيد صحيحة، وأما ما جاء في النص من إفرادات، كقوله (وكذلك ما يكال ويوزن) فإنه لا يقبل لعلة التفرد، والله أعلم.
الطريق الثامن:
قال ابن عبد البر في الاستذكار (19/ 212): «روى هشيم عن أبي حرة، قال: سأل رجل ابن سيرين عن شيء، فقال: لا علم لي به. فقال الرجل: أحب أن تقول فيه برأيك. فقال: إني أكره أن أقول فيه برأيي، فربما قلت فيه برأيي، ثم فسد إلى غيره، فأطلبك فلا أجدك. إن ابن عباس قد رأى في الصرف رأيا ثم رجع عنه.
وهذا الأثر معلق عند ابن عبد البر، وما ظهر من رجاله فكلهم ثقات.
فهذه جملة من الطرق عن ابن عباس منها الصحيح، ومنها الحسن، ومنها ما هو صالح في المتابعات، وقد تركت غيرها اقتصارًا واختصارًا كلها تدل على أن ابن عباس قد رجع عن قوله. =