الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الفصل الأول
في ربا الديون
المبحث الأول
في ربا القرض
الفرع الأول
في التعريف في ربا القرض
قال ابن عبد البر: كل زيادة من عين أو منفعة يشترطها المسلف على المستسلف فهي ربا، لا خلاف في ذلك
(1)
.
[م-1162] قلت: ربا الديون من إضافة الشيء إلى سببه، وهو نوعان: ربا الجاهلية، وسيأتي إن شاء الله الكلام عليه.
وربا القرض: وهو كل زيادة مشروطة أو متعارف عليها في بدل القرض.
والفرق بين ربا الديون وبين ربا البيوع: أن ربا البيوع يكون في الأموال الربوية خاصة، وهي الذهب، والفضة، والبر، والتمر، والشعير، والملح، المنصوص عليها في حديث أبي سعيد الخدري وعبادة بن الصامت، وسيأتي تخريجهما عند الكلام على ربا البيوع. وألحق الفقهاء فيها ما شابهها في العلة.
وأما ربا الديون فيجري في الأموال الربوية وفي غيرها باتفاق الفقهاء، وقد
(1)
الاستذكار (21/ 54).
أخطأ من المعاصرين من جوز القرض بفائدة ظنًا منه أن الأوراق النقدية ليست من الأموال الربوية، فأدخل ربا القرض في ربا البيوع.
يقول ابن حزم رحمه الله تعالى: «والربا لا يجوز - أي لا يقع - في البيع والسلم إلا في ستة أشياء .... وهو في القرض في كل شيء فلا يحل إقراض شيء ليرد إليك أقل ولا أكثر ولا من نوع آخر أصلًا لكن مثل ما أقرضت في نوعه ومقداره .... وهذا إجماع مقطوع به»
(1)
.
ويرى بعض العلماء بأن ربا القرض هو من ربا البيوع، وأن تسميته ربا القرض هي تسمية اصطلاحية من لدن الفقهاء، وهو في حقيقته نوع من ربا البيوع مشتملًا على ربا الفضل والنسيئة، لأن القرض: هو عقد إرفاق وإحسان، فإذا اشترط زيادة على قرضه خرج العقد من كونه عقد إرفاق وإحسان إلى كونه من عقود الربح والمعاوضة، فأصبح حقيقته بيع دراهم بدراهم مع التفاضل والنسأ، فجمع الربا بنوعيه، والعياذ بالله، والعقود العبرة فيها بالمعاني وليست بالألفاظ.
وقد يقال: بأن من أطلق عليه ربا القرض نظر إلى ظاهر العقد، ومن ألحقه بربا البيوع نظر إلى المعنى.
وقد يقال: بأن هناك فرقًا بين ربا القرض وربا البيع.
فربا القرض لا يختص بمال معين، فكل زيادة من عين أو منفعة على القرض فهي حرام بصرف النظر عن جنس المال.
أما ربا البيوع فلا يجري إلا في أموال خاصة تتفق في علة الربا، فإذا اختلف العلة بين العوضين جاز التفاضل وجاز النساء.
(1)
المحلى مسألة (1480).
والمراد من كل هذا: أن القرض يجب رد مثله دون اشتراط زيادة، فإذا اشترط المقر ض على المقترض زيادة فإن هذا من الربا بصرف النظر هل هذه الزيادة تخرج القرض من حقيقته إلى حقيقة المعاوضة، أو هو من ربا البيوع، والله أعلم.
* * *