الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الباجي: وهو ظاهر المذهب؛ قياسًا على السرقة والزكاة؛ إذ لم تعتبر فيهما الصياغة خلاف.
فإذا كانت الحلية وزنها عشرون، وبصياغتها تساوي ثلاثين، وقيمة الأصل وحده أربعون، لم يجز على مذهب الموطأ، ويجوز على قول الباجي؛ لتحقق التبعية.
[المحلى بأحد النقدين: ]
ثم أتبع ما حلي بأحد النقدين وبيع بغير صنفه أو بصنفه ما حلي بهما، فقال: وإن حلي بهما أي: الذهب والفضة معًا لم يجز بيعه بأحدهما، كانا متساويين أو لا، إلا إن تبعًا الجوهر، وهو الشيء المحلى، فالنظر حينئذ الجوهر لا لهما، وليس من بيع النقد بالنقد، وأما إذا لم يتبعاه لم يجز بأحدهما كان تبعًا للآخر أو لا؛ لأنه إذا امتنع بيع سلعة وذهب بذهب مثلًا، فأحري بيعها مع ذهب وفضة بذهب.
[بيع المسكوك: ]
ولما كان بيع النقد بنقد غير صنفه يسمى صرفًا، وبه مسكوكين عددًا مبادلة، وبه مسكوكين وزنًا مراطلة، وقدم الأول، أتبعه بالثاني، وهو: علم على بيع النقد المسكوك عددا بأوزن منه يسيرًا، فقال: وجازت مبادلته القليل المعدود أي: التعامل به عددًا؛ لأن المتعامل به وزنًا تمنع مبادلته، إلا بالوزن، فتعود مراطلة.
ثم فسر القليل بقوله دون سبعة: ستة دنانير، أو دراهم، فدونها على المعروف، وعدل عن كستة الذي هو أخصر؛ لدخول السبعة فيه بأوزن منها بسدس سدس، وفي الموازية: ثلاثة، وأصلح.
سحنون: المدونة عليه.
ولم يعتمدوا إصلاحها هنا، وكرر لفظ سدس لئلا يتوهم أنه سدس فقط في الستة، ولا تجوز الزيادة في كل واحد أكثر من سدس.
وفهم من قوله: (بأوزن منها) أنه لا يجوز أزيد منها عددًا، فلا يجوز
ستة بسبعة، وظهر من هنا أن من شرط المبادلة العدد، وعدم الوزن.
وزاد في توضيحه: وأن تكون بلفظها، ولم يذكره هنا، ولا ما زاده ابن الحاجب من كون الزيادة للمعروف، مع أنه أقره في توضيحه؛ لأن الزائد حينئذ لا ينتفع به، فهو مخصص؛ لخبر:"لا تشفوا بعضها على بعض"(1).
والدينار والدرهم الأجود جوهر حال كونه أنقص وزنًا ممتنع أبدًا له بدينار رديء الجوهر كامل الوزن اتفاقًا، لدوران النضل من الجانبين، أو أجود سكة وأنقص وزنًا ممتنع بالأردأ سكة الأزيد وزنًا كذلك، وإلا بأن لم يكن الأجود أنقص بل مساويًا جاز، لتخص الفضل من جانب.
ثم ذكر الثالث، وهو المراطلة بقوله: وجازت مراطلة عين: ذهب أو فضة بمثله، وهل بصنجة في كفة واحدة، كما في سماع ابن القاسم.
ابن رشد: وهي أصح من كون الدرهمين في كفتين؛ لتيقن المماثلة بالصنجة، والتحرز من عدمها، بعني: يكون في الميزان.
وعزا المازري هذا الترجيح لبعض شيوخه، وصُوِّبَ.
أو كفتين عين هذا في كفة وعين الآخر في الأخري، وهو منصوص المتقدمين؟ قولان.
وجاوزها في غير المسكوكين اتفاقًا، وفي المسكوكين على الصحيح.
(1) لفظ الحديث: "لا تبيعوا الذهب بالذهب إلا مثلًا بمثل ولا تشفوا بعضها على بعض ولا تبيعوا الورق بالورق إلا مثلًا بمثل ولا تشفوا بعضها على بعض ولا تبيعوا منها غائبًا بناجز، زاد عبد الرزاق فمن زاد أو استزاد فقد أربى"، وقد رواه من حديث أبي سعيد: أخرجه مالك (2/ 632، رقم 1299)، وعبد الرزاق (8/ 121، رقم 14563)، وأحمد (3/ 66، رقم 11653)، والبخاري (2/ 761، رقم 2068)، ومسلم (3/ 1211، رقم 1584)، والترمذي (3/ 542، رقم 1241)، وقال: حسن صحيح. والنسائي (7/ 277، رقم 4565).
والصنجة: بفتح الصاد فقط معرب، قاله الجوهري. ابن السكيت: لا يقال صنجة. انتهى.
القاموس: صنجة الميزان، مفتوحة، وبالسين أفصح من الصاد.
والكفة: بكسر الكاف، ويجوز فتحها.
ولو لم يوزنا على الأرجح عند ابن يونس؛ لأنه إنما يأخذ مثل عينه، ومنعها ابن القاسم، إلا بعد معرفة وزنه، لئلا يؤدي إلى بيع المسكوك جزافًا.
وظاهر قوله: (عين) خروج الفلوس.
ابن عرفة: المراطلة بيع ذهب بذهب وزنًا أو فضة كذلك، لتخرج الفلوس، وتدخل بزيادة، أو فلس بمثله عددًا لا وزنًا.
[و](1) في آخر سلمها الثالث: لا يصلح فلس بفلسين نقدًا ولا مؤجلًا.
والفلوس في العدد كالدنانير والدراهم في الوزن، وقول ابن الحاجب وابن بشير (2) بيع العين بمثله وزنًا يرد بقصوره على العين دون أصلها.
وإن كان أحدهما كله أجود من جميع مقابله (3) في الكفة الأخرى، كدنانير مغربية في مصرية، جاز اتفاقًا، لتمحض الفضل من جانب المغربية، أو كان بعضه أي بعض أحدهما أجود من بعض الآخر، وبعضه مساو للآخر في رداءته جاز عند ابن القاسم؛ لتمحض (4) الفضل من جهة كدرهمين مغربيين، ومقابلهما (5) درهم مغربي ودرهم مصري، ومنعه سحنون، لا إن
(1) ما بين معكوفين غير موجود في "ك".
(2)
هو: محمد بن سعيد بن بشير بن شراحيل المعافري الأندلسي، (000 - 198 هـ = 000 - 813 م)، قاض من أهل باجة، ولي القضاء بقرطبة في أيام الحكم بن هشام، وكان صلبًا في القضاء، له أخبار في ذلك، وضرب المثل بعدله، توفي بقرطبة.
(3)
في "ك": ما.
(4)
في "ك": لمحض.
(5)
في "ك": ومقابله.
كان أحدهما بعضه أدنى من البعض الآخر، وبعضه أجود كدراهم مغربية وسكندرية في مصرية، والمغربية أعلي، والسكندرية أدني، والمصرية متوسطة، لم يجز؛ لدوران الفضل، لأن رب المصرية يغتفر جودتها بالنسبة لرادءة السكندرية، [و](1) نظر الجودة المغربية، ورب المغربية يغتفر جودة بعضها لجودة المصرية بالنسبة للسكندرية.
وظاهر كلام المصنف: سواء كان الرديء مع الجيد كثيرًا أو قليلًا، وهو الذي عليه ابن رشد.
والأكثر على تأويل السكة في المراطلة كالجودة يشمل دنانير بسكة واحدة بدنانير بسكتين ومسكوك بتبرين أو بتبر ومسكوك.
والأكثر أيضًا على تأويل الصياغة في المراطلة كالجودة فيدور الفضل بها، واستظهره المصنف، ومقابل الأكثر تأويل الأقل: عدم اعتبارها، وإنما لم يعتبر فيهما الوزن، واختاره ابن يونس؛ لأن الشرع إنما اعتبر المساواة في القدر.
كذا ذكر هنا وفي توضيحه عن ابن عبد السلام، وأقره أن الأكثر على عدم اعتبارها.
ومغشوش تجوز مراطلته بمثله في الغش، ابن الحاجب: على الأصح.
[ابن عبد السلام: لأنه مع تساوي الغش معلوم، وإلا فلا، ذكره عنه في التوضيح](2)، وأقره، ولم يقيد به هنا، ولعله اغتنى عنه بالمثلية.
وجازت مراطلة المغشوش بخالص من صنفه؛ لأن الغش فيه كالعدم.
قال المصنف: وهو الذي يؤخذ من كلام ابن (3) القاسم في المدونة وكلام غيره.
(1) ما بين معكوفين غير موجود في "ك".
(2)
ما بين معكوفين غير موجود في "ك".
(3)
في "ك": أبو.
وأشار لقول ابن رشد: الصحيح عدم الجواز، بقوله: والأظهر خلافه، ومحل الجواز لمن يكسره أو لا يغش به في أسواق المسلمين، ولكن يقطعه ويبيعه مقطوعا.
وكره بيعه بغير قطع لمن لا يؤمن غشه به، ولا يحرم؛ لأنّا لسنا على يقين من غشه؛ فلذلك أعطي حكمًا متوسطًا.
وفسخ إن بيع ممن يعلم أنه يغش به كالصيارفة، ورد لربه، إلا أن يفوت بذهاب عينه، أو تعذر المشتري.
وما قررناه به نحوه لابن رشد، فقول الشارح:(ظاهر كلامه هنا: أن الحكم الفسخ مع عدم الأمن وأقره) غير ظاهر.
وإذا فات فهل يملكه، أي: الثمن؛ لفوات الرد، ويستحب له التصدق به، أو يتصدق بالجميع وجوبًا، أو بالزائد على ثمنه، لو بيع على من لا يغش به؟ أقوال بغير ترجيح.
ثم تكلم على الاقتضاء، وهو كما قال ابن عرفة: قبض ما في ذمة غير القابض.
فيخرج قبض المعين والمقاصة، وينتقض بقبض الكتابة؛ لإطلاقها على قبض أحد الشريكين في الكتابة اقتضاء، وقبض منافع معين؛ لإطلاقهم منافع من دين، وليسا في ذمة، فيقال: قبض ما وجب منفعة أو غير معين في غير ذمة قابضه.
وجاز قضاء قرض بمساو لما في الذمة؛ لدخولهما عليه، وأفضل صفة إذ هي (1) زيادة لا يمكن فصلها، وقد رد صلى الله عليه وسلم في سلعة (2) بكراء جملًا
(1) في "ك": أي لأنها.
(2)
في "ك": سلفه.
رباعيًا، وقال:"خيار الناس أحسنهم قضاء"(1).
وعقب هذا لما تقدم لشبهه به في أنه إذا رد (2) الفضل من الجانبين منع، وإن حل الأجل أو كان مالًا (3) بغير تأجيل.
[و](4) جاز القضاء بأقل مما في الذمة صفة وقدر، أو هما؛ لأنه حسن اقتضاء.
ومفهومه: لو لم يحل لم يجز، وهو كذلك؛ لدخول منع وتعجل.
لا أزيد عددًا أو وزنًا، فلا يجوز؛ لأنه سلف بزيادة، إلا أن يكون الزائد يسيرًا جدًا، كرجحان ميزان (5) على ميزان، فيجوز عند ابن القاسم، ولم يقيد أشهب اليسارة بجدار (6) أو دار فضل من الجانبين، هذا معطوف على ما قبل الاستثناء، فهو ممتنع كعشرة يزيدية عن تسعة محمدية؛ فإنه ترك فضل العدد في اليزيدية لفضل جودة المحمدية.
وثمن المبيع المترتب في الذمة من العين ذهب أو فضة كذلك يعتبر في قضائه ما في قضاء الغرض، وخص ذلك بالعين تبعًا لابن بشير وابن شاس وابن الحاجب، ولم يعتبر قول ابن عبد السلام:(لا خصوصية للعين، بل حكم ثمن المبيع من الطعام حكم العين)؛ لرده بأن قضاء الأفضل قبل الأجل ممتنع في البيع، إذا كان الثمن عرضًا أو طعامًا؛ لما فيه من حظ
(1) أخرجه مالك (2/ 680، رقم 1359)، والشافعي (1/ 140)، الطيالسي (ص 130، رقم 971)، وأحمد (6/ 390، رقم 27225)، ومسلم (3/ 1224، رقم 1600)، وأبو داود (3/ 247، رقم 3346)، والترمذي (3/ 609، رقم 1318)، وقال: حسن صحيح. والنسائي (7/ 291، رقم 4617)، وابن ماجه (2/ 767، رقم 2285)، والدارمي (2/ 331، رقم 2565)، وابن خزيمة (4/ 50، رقم 2332)، والطحاوي (4/ 59)، والطبراني (1/ 309، رقم 913).
(2)
في "ك": دار.
(3)
في "ك": حالًا.
(4)
ما بين معكوفين غير موجود في "ك".
(5)
في "ك": ميزانًا.
(6)
في "ك": كلمة غير مقروءة.