الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
والفرق بين ضمان ما يغاب عليه دون غيره: العمل الذي لا اختلاف فيه، نقله مالك في الموطأ؛ ولأن الرهن لم يؤخذ لمنفعة ربه فقط، فيكون ضمانه من ربه كالوديعة، ولا المنفعة الأخذ فقط كالقرض، فيكون فيه فقط، بل أخذ شبها منهما فتوسط، وجعل ضمان ما لا يغاب عليه من الراهن لعدم تهمة المرتهن، وما يغاب عليه من المرتهن إلى أن يسلمه لربه.
وإن قبض الدين الذي فيه الرهن أو وهب، أي: وهبه للراهن، والموضع للمبالغة كما قررنا لا للشرط، ونص عليه لئلا يتوهم أنه صار كالوديعة بمجرد قبض الدين، وليس كذلك، لأنه لم يقبض في الأصل على الأمانة بخلافها، إلا أن يحضره المرتهن لربه، أو إلا أن يدعوه لأخذه فيقول له: أتركه عندك، فيتركه ويتلف فيسقط ضمانه عن المرتهن؛ لأنه صار في أمانته.
وإن جنى الرهن الممكن جنايته كالرقيق على أحد أو استهلك مالًا، واعترف راهنه وحده بالجناية، ولم تثبت ببينة لم يصدق راهنه، إن أعدم؛ إذ اعترافه موجب لخروج حق المرتهن للمجني عليه.
وظاهره: ولو أعدم قبل الأجل، وهو كذلك في المدونة.
وإلا يكن الراهن معدمًا بل كان مليئا صدق، وبقي الرهن رهنًا على حاله إن فداه الراهن، بأن دفع أرش جنايته لوصول المجني عليه لحقه.
وإلا بأن لم يفده سيده المليء أسلم الرهن وجوبًا بالمجني عليه بعد مضي الأجل، ودفع الدين لربه، وإنما بقي عنده للأجل لأن وثيقته متقدمة على الجناية، فإذا حل الأجل أجبر على دفع الدين، وعلى إسلامه، كذا في المدونة.
وشمل قوله: (وإلا) ما لو سكت، أو أبي من فدائه، والذي في المدونة هو الثاني.
تنبيه:
ظاهرها كالمصنف، ولو أراد فداءه بعد إبائه عند الأجل، وجعله ابن
عرفة محل نظر، فقال: انظر لو أبي أولًا، وهو مليء، ثم أراده حين الأجل، ونازعه المجني عليه، والأظهر أن ليس له ذلك؛ لأنه لو مات كان من المجنى عليه.
وإن ثبتت جنايته، أي: الرهن ببينة، أو اعترفا، أي: المتراهنان، فقد تعلق به حينئذ ثلاثة حقوق:
- للسيد.
- وحق للمرتهن.
- وحق للمجني عليه.
فيخير السيد أولًا في فدائه وأسلمه، لأنه المالك، فإن فداه بقي رهنًا على حاله، ولوضوحه تركه، وإن لم يفده ربه وأسلمه خير المرتهن أيضًا؛ لتقدم حقه على حق المجني عليه، فإن أسلمه مرتهنه أيضًا فللمجني عليه أخذه بماله، بكسر اللام ملكًا له.
قال مالك في المدونة: قل ماله أو كثر. زاد: وبقى دين المرتهن بحاله.
ابن يونس: وليس له أن يؤدي الجناية من مال العبد، ويبقى رهنًا إلا أن يشاء سيده.
زاد صاحب النكت كان ماله مشترطًا إدخاله في الرهن أو لا؛ لأن المال إذا قبضه ذو الجناية قد يستحق، فيتعلق على السيد غرم مثله، إذ رضاه بدفعه إليهم كدفعه من ماله، فأما إن أراد الراهن ذلك وأبي المرتهن فإن كان لم يشترط المرتهن إدخال المال في الرهن فلا كلام له، وإن اشترط إدخاله في الرهن، فإن ادعى المرتهن إلى أنه يفديه كان ذلك له، وإن أسلم العبد كان ذلك للراهن، كذا في التوضيح، وتبعه الشارح.
وفي التكملة: قوله: (وأسلمه) معطوف على (ثبتت)، وقوله:(فإن أسلمه) جواب الشرط.
ومفهومه: لو لم يسلمه وفداه لا يكون للمجني عليه، وبقى رهنًا.
وقول الشارح: (وإن أسلمه أشار به إلى ثبوت الخيار) فيه نظر؛ إذ يحتمل أن يقال: إذا ثبتت أو اعترافًا يجب عليه إسلامه أو يجب عليه فداؤه، وكذا قوله:(فإن أسلمه)؛ فلا دليل فيهما على ثبوت الخيار، فانظره انتهى.
وإن فداه المرتهن بغير إذنه، أي: الراهن ففداؤه ثابت في رقبته فقط دون ماله، مبدأ على الدين، وهو المشهور ومذهب المدونة واختيار ابن القاسم وابن عبد الحكم؛ لأنه إنما فداه ليرده على ما كان عليه أولًا، وهو إنما كان مرهونًا بدون ماله.
وأما لو رهن بماله لعاد معه اتفاقًا، وكان الفداء فيهما؛ ولذا قال: إن لم يرهن بماله، وهو لمالك، واختاره ابن المواز وأكثر الأصحاب، أن فداءه في رقبته وماله معًا، وضعفه في التوضيح بوجهين، ولذا لم ينبه على اختياره، ولم يبع هذا الجاني إلا في الأجل قاله في المدونة؛ لأنه إنما يرجع على ما كان مرهونًا عليه.
وقال سحنون: يباع قبل الأجل وبعده.
اللخمي: وهو أحسن.
ولم ينبه على استحسانه لقوله في توضيحه: إنه مدفوع بما وجه به المشهور من رجوعه على ما كان عليه.
وإن فداه المرتهن من الجاني بأذنه، أي: الراهن فليس الرهن رهنًا به، أي: بالفداء، بل هو سلف في ذمة الراهن، ولو زاد على قيمته، قاله محمد، ولمالك وابن القاسم يكون رهنًا بالفداء.
وإذا قضي بعض الدين سواء قضاه الراهن أو نائبه، وبقي بعضه، أو سقط بعضه من الراهن بإبراء أو هبة أو صدقة أو طلاق قبل البناء، فجميع الرهن رهن فيما بقي من الدين بعد القضاء أو السقوط.
ابن عرفة: كل جزء من الرهن رهن بكل جزء من الدين الذي رهن