الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
فإن انقطع تمر ذلك الحائط بعد قبض بعضه لزمه ما أخذ بحصته من الثمن، ورجع بحصة ما بقي اتفاقًا.
واختلف: هل يرجع على حسب القيمة في أوقاته؛ لدخوله على أن يأخذ شيئًا فشيئًا كالأكرية، وعليه الأكثر، كـ: ابن محرز وجماعة، أو على حسب المكيلة كالجائحة في شراء جميعه لابن سحنون عن ابن مزين عن عيسى بن دينار تأويلان (1).
وهذا ما لم يكن اشترط عليه أخذه في يومين، فإن اشترطه رجع بحسب المكيلة اتفاقًا، وليس في كلامه ما يشعر بهذا.
تنكيت:
في قوله: (رجع بحصته) إجمال؛ لأنه يحتمل كونه معجلا أو لا، ونص في المدونة على تعجيله، فإن تأخر لم يجز؛ لأنه فسخ دين في دين.
وهل القرية الصغيرة كذلك، أي: كالسلم في ثمن حائط بعينه من كل وجه، فيشترط هنا كل ما هناك من الشروط، أو هي كذلك، أو لا تخالفه إلا في وجوب تعجيل النقد فيها، أي: في القرية، وعدم وجوبه في الحائط.
وفرق أبو محمد بأن هذا مضمون بخلاف الحائط؛ لأنه القرية تشتمل على حوائط وجهات يتميز بعضها عن بعض، لا يدري المسلم من أيها يأخذ؛ ولذا كان مضمونًا في الذمة، والحائط ليس كذلك، فلم يضمن.
أو تخالفه فيه، أي: في وجوب النقد في القرية دونه، وفي جواز
(1) قال في منح الجليل (5/ 379): " (تأويلان) محلهما إذا اشتراه على أخذ شيئًا فشيئًا، فإن اشتراه على أخذه في يوم أو يومين فالرجوع بحسب المكيلة اتفاقًا، وليس في كلامه ما يشعر بهذا، وعلى الأول الأكثر كابن محرز وجماعة، والثاني لابن سحنون عن أبي مزين عن عيسى بن دينار أفاده تت.
طفى: تعقبه "ق" بأنه لم يجد من ذكر هذين التأويلين على المدونة وهو الصواب.
البناني: لعل "ق" ذكر ذلك في كبيره إذ ليس في النسخ التي بأيدينا من صغيره".
السلم لمن لا ملك له، أي: في القرية، بخلاف الحائط لا يسلم إلا لمالكه، فيخالفه في وجهين؟ تأويلات ثلاث.
وإن انقطع، أي: ما مسلم فيه من قرية مأمونة صغيرة كانت أو كبيرة ما له إبان: بكسر الهمزة وتشديد الموحدة، أي: وقت معين يأتي فيه، أو من قرية معينة قبل قبض شيء منه، خُيِّر المشتري في الفسخ عن نفسه، وفي الإبقاء للعام القابل، إذا ألحق له.
وظاهره: سواء كان تأخير الحق بسببه أو بسبب البائع، فإن كان الثاني فكما قال، وإن كان الأول فقال ابن عبد السلام: ينبغي عدم تخييره؛ لظلمه البائع بالتخيير، فتأخيره بعد ذلك بزيادة ظلم.
ويشمل كلامه ما إذا لم يقم حتى دخل الإبان في العام القابل، وهو كذلك.
وإن قبض البعض وتأخر البعض لفقده وجب التأخير، إن دعي إليه أحدهما، إلا أن يرضيا بالمحاسبة، فلهما ذلك في صورتين:
إحداهما: ما له إبان ثم ينقطع، كما في المدونة.
والأخرى: أن يسلم في ثمر قرية مأمونة فيجب التأخير، إذا طلبه أحدهما، إلا أن يرضيا بالمحاسبة، ورجع إليه مالك فيهما، وصوب لتعلق السلم بالذمة، فلا يبطل ببطلان الأجل كالدين.
وقولنا: (مأمونة) لأن المصنف أسلف ما في مسألة المعينة، وإذا رضيا بالمحاسبة جاز عند ابن القاسم، ولو كان رأس المال مقومًا، كالثياب والحيوان؛ لجواز الإقالة على غير رأس المال (1).
(1) قال في منح الجليل (5/ 381): "طفى: قوله لجواز الإقالة على غير رأس المال معناه لجواز الإقالة في هذه الصورة على غير رأس المال بفرض المردود مثل ما بقي أو أقل أو أكثر عند ابن القاسم لأنه لم ينظر لاحتمال المخالفة بالقلة والكثرة، فيلزم جواز الإقالة على غير رأس المال في هذه المسألة. =
وأشار بـ (لو) لقول سحنون: لا يجوز إلا إذا كان شيئًا ليأمنا من خطأ التقويم، انظر علته في الكبير، وهذا آخر الكلام على شروط السلم وجمعها بعضهم نظمًا، انظرها في الكبير.
ثم شرع فيما إذا كملت الشروط، فقال: ويجوز السلم فيما طبخ من لحم وغيره، وفي اللؤلؤ للعذرة، على حصر صفته بذكر جنسه وعدده ووزن كل وصنعتها، والعنبر وفي الجوهر، هذا من عطف عام على خاص، والزجاج والجص والزرنيخ، وصنوف الفصوص، وفي أحمال الحطب وزنًا أو حزمًا، كملء هذا الحبل في طول كذا، ويوضع الحبل عند أمين، ويوصف نوعه من ضبط أو غيره.
وفي الأدم بفتح الهمزة والدال، جمع: أديم، مثل أنق وأنيق، وقد يجمع على أدمية، مثل رغيف وأرغفة، عن أبي نصر، وهو يحتمل أمرين:
- عطفه على الحطب، فيكون الحمل معتبرًا فيه.
- أو أحمال، فيكون أسلم مثلًا في عدة كعشرة أو عشرين مثلًا، أو غير ذلك.
ويجوز في صوف بالوزن لا بالجزر عددًا؛ لاختلافهما بالصغر والكبر، أي: إلا أن يشتري ذلك عند إبان جزازه، ولا تأخير لذلك، ويرى الغنم، فلا بأس بذلك في نصول السيوف والسكاكين.
وجاز السلم في تور، بالمثناة الفوقية: إناء يشبه الطشت بفتح الطاء وكسرها بمثناة فوقية في آخره، وبدونها، صنع بعضه ليكمل، بخلاف نسج بعضه ليكمل، فإنه ممتنع.
وفرق الإمام بينهما بإمكان إعادة التور إن جاء على غير ما اشترط فيه، بأن يكسره ويعيده.
= ابن عبد السلام إذا اتفقا على رد ثوب معين عوضًا عما لم يقبض من المسلم فيه احتمل كون المردود مثل ما بقي منه فيجوز أو أكثر أو أقل منه فيمتنع لأنها إقالة على غير رأس المال إلا أن ابن القاسم أجاز الإقالة في هذه الصورة بعد التقويم. اهـ".
وجاز الشراء من دائم العمل كالخباز والقصاب على أن يأخذ منه كل يوم كذا على المشهور، وهو بيع فلا يشترط فيه تعجيل رأس المال، ولا تأجيل الثمن، فيجوز كونهما حالين أو مؤجلين، ويشترط فيه الشروع في الأخذ ووجوده عنده للنهي عن بيع ما ليس عنده.
ولو لم يدم عمله، بأن كان يعمل مرة ومرة، واشترى منه على هذه الحالة، فهو سلم لا بيع، فيشترط فيه شروط السلم، ويشترط فيه أن يبقى المسلم فيه لأجل السلم فأبعد، وتقديم رأس المال، فإن تعذر شيء من المسلم فيه تعلق بالذمة، كاستصناع سيف أو سرج، شبه بما قبله في كونه سلمًا، فيشترط فيه شروطه:
[1]
من وصف العمل.
[2]
وضرب الأجل.
[3]
وتقديم رأس المال.
وأشار لثالثها بقوله: وفسد بتعيين المعمول منه، كطشت من هذا النحاس، أو سيف من هذا الحديد، ولما كان تعيين العامل كتعيين المعمول منه اكتفى عنه به.
قال في المدونة: لو شرط عمله من نحاس أو حديد بعينه أو جواهر معينة أو عمل رجل بعينه لم يجز.
وإن اشترى المعمول منه واستأجره على عمله جاز على المشهور من جواز البيع والإجارة، إن شرع المسلم إليه في العمل، وسواء عين المسلم عامله أم لا، خلافًا لسحنون في منعه البيع والإجارة، إذا كان محل الإجارة في نفس المبيع.
وفارقت هذه المسألة التي قبلها بأن التي قبلها لم يدخل فيها المبيع في ملك المشتري أولًا، وهذه دخل في ملكه، ثم أجره على عمله.