الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وحلف مرتهنه وحده، أي: مرتهن الرهن الشاهد، وهو الذي لم يفت، أو فات في ضمان المرتهن لموافقته قوله في المائتين في القرض السابق، وأخذه المرتهن في دينه؛ لثبوته له حينئذ بشاهده ويمينه، إن لم يفتكه الراهن بما حلف عليه المرتهن، فإن أفتكه بذلك فهو أحق به، وعليه قيمته.
ومفهوم (حلف): أنه لو نكل لم يأخذه، وهو كذلك، ثم يحلف الراهن ويأخذه، ولم يلزمه إلا ما أقر به، وهو المائة في المثال السابق؛ إذ نكول المرتهن وحلف الراهن على أنه ليس إلا على مائة حجة واضحة في صدق الراهن.
ولما ذكر ما إذا وافق المرتهنين ما إذا خالف قوله، فقال: فإن زاد قول المرتهن على قيمة الرهن، بأن ادعى دينارين كما في المثال السابق، والرهن يساوي دينارًا، حلف الراهن وحده، وأخذ رهنه ودفع ما أقر به للمرتهن، وهو المائة، وإن نكل حلف المرتهن، وأخذ ما ادعاه.
وإن نقص قول الراهن عن القيمة، ونقضت القيمة عن قول المرتهن، بأن كانت قيمته مائة وخمسين، والقرض السابق بحاله، أي: المرتهن يدعى مائتين، والراهن يدعى مائة، فقيمة الراهن مخالفة لدعوى كل منهما، حلفا.
عياض: اتفاقًا؛ لعدم ثبوت دعوى كل منهما.
وأخذه، أي: المرتهن بما فيه، وكذا إن نكلا، إن لم يفتكه الراهن بقيمته عند مالك وابن نافع وابن المواز، وإذا قلنا: يحلفان، ففي الموطأ يبدأ المرتهن؛ لأن الرهن كالشاهد له على قيمته، فإن حلف حلف الآخر، وإن نكل لزمه ما ادعاه المرتهن، وكذا لو حلف الراهن، ونكل المرتهن، لم يلزم الراهن، إلا ما حلف عليه.
تنكيت:
في قوله: (حلف) إجمال؛ لأنه يحتمل أن يحلف على طبق دعواه، وهو قول مالك في الموطأ، وبه قرره الشارح، ويحتمل أنه غير بين حاله
على دعواه، أو على قيمة الرهن فقط، وهو قول ابن المواز.
فإن اختلفا في قيمة رهن تالف عند المرتهن، تواصفاه، ثم إن اتفقا على صفة قوم، أي: قومه أهل الخبرة، وقضي بقولهم.
ابن ناجي: ولا يدعى للتقويم؛ إذ لا قائل بالتعدد، وإنما اختلف هل يكفي واحد أو اثنان، بناء على أنه خبر أو شهادة.
ووقع في نسخة الشارح في الكبير: (في قيمة بألف)، فقال: هو على سبيل المثال، وإلا فلا، فلا فرق بين الألف والمائة وغيرهما، وهو غير ظاهر؛ لأنه لا يفهم منه كونه تالفًا.
فإن اختلفا في صفته بأن قال: الراهن صفته كذا.
وقال المرتهن: لآيل كذا.
فالقول للمرتهن مع يمينه.
وظاهره: ولو ادعى شيئًا يسيرًا؛ لأنه غارم.
وقال أشهب: إلا أن يتبين كذبه للقلة ما ذكر جدًا.
فإن تجاهلا قال في التوضيح: بأن قال كل منهما: لا أعلم قيمته الآن ولا صفته، فالرهن بما فيه، ولا شيء لأحدهما قبل الآخر، وعلى هذا حمل أصبغ خبر الرهن، بما فيه.
اللخمي: لأن كلا منهما لا يدري: هل يفضل له عند صاحبه شيء أم لا.
قال الشارح في الأوسط والصغير: فإن تجاهل الراهن والمرتهن تلك القيمة.
ومفهوم تجاهلا: لو جهل أحدهما ووصفه الآخر لم يكن الحكم كذلك، وهو كما أفهم، انظر الكبير.
واعتبرت قيمته يوم الحكم عند ابن القاسم إن بقي؛ لأن الشاهد إنما تعتبر شهادته يوم الحكم بها.
واختلف هل تعتبر قيمته يوم التلف؛ لأن عينه كانت أولًا شاهدة، أو إنما تعتبر القيمة على الرهن يوم الضياع، ورواه عيسى في الموازية، أو تعتبر يوم القبض، ورواه عيسى عن ابن القاسم في المدونة؛ لأن القيمة يوم القبض، كالشاهد يضع خطة ويموت، فيرجع لخطـ[ـتـ]ـه، ويقضى بشهادته يوم وضعها، أو تعتبر يوم الرهن.
الباجي: وهو الأقرب؛ لأن الناس إنما يرهنون ما يساوي ديونهم غالبًا.
وهذا الاختلاف إن تلف أقوال، والثلاثة لابن القاسم، وإن اختلفا في مقبوض بيد صاحب دينين على مدين، وأحدهما برهن والآخر بغير رهن، فقال الراهن: المقبوض عن دين الرهن، وقال المرتهن: بل عن غيره فقط، ولا بينة لواحد منهما، وزع المقبوض على قدر الدينين من بعد حلفهما كل على دعواه بالمحاصة، كما صرح به في الجلاب، وهو الذي يشير إليه قوله هنا (وزع).
وأما قول المدونة: يكون نصفه للرهن ونصفه لغيره؛ فلأنه فرض مسألة الرهن في دينين قدرهما مائتان.
ومسألة الحمالة الآتية في دينين قدر كل منهما ألف، فإن نكل أحدهما وحلف الآخر فالقول قول الحالف، ونحوه في المدونة، وللخمي تفصيل بين حلولهما وعدم حلولهما وقرب أجل غير الحالين وبعده، لم يعول المصنف عليه، فتركناه هنا، انظره في الكبير.
ثم شبه هذه المسألة بمسألة الحمالة، فقال: كالحمالة، كمن له ألف تحميل، وألف بغيره، وأقبضه ألفًا، واختلف في المقبوض: هل هو عن دين الحميل أم لا، وفلس المديان.
ابن رشد: والكلام فيهما واحد، ومذهب المدونة أنهما يتحالفان، ويقسم المقبوض بينهما، فإن حلف أحدهما ونكل الآخر فالقول للآخر.
وحكي في المدونة عن غير ابن القاسم أن القول للمقتضي مع يمينه؛ لأنه مؤتمن مدعى عليه، واللَّه تعالى أعلم.
* * *