الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وأشعر كلامه بأنه لو لم يعلم حدوثه من قدمه بأن اختلفا في تاريخ البيع، لكان الحكم كذلك، وهو كما أشعر، فيصدق البائع على ما في الشامل على الأصح.
تنبيهان:
الأول: هذا مع مجرد دعوى كل منهما، أما لو قام للمبتاع شاهد على قدمه لم يكن الحكم كذلك، بل يخاف معه على البت، ويرجع، وهو قول ابن القاسم وجماعة، وخالفه ابن كنانة.
الثاني: فرض المصنف مسلمة قبول قول البائع في قديم وحادث مشعر بأن العيب المشكوك في قدمه وحدوثه منفرد، وأما لو صاحبه عيب قديم لم يكن الحكم كذلك، وهو كما أشعر، والحكم فيه: أن القول للمشتري ما حدث عنده مع يمينه، وبه أخذ ابن القاسم.
وحلف من لم يقطع بصدقه من بائع أو مشتر، ورجحت البينة دعواه فقط، وأما من قطعت بصدقة في شهادتها منهما فلا يمين عليه، نص عليه محمد، وقبل في معرفة العيب، وأنه قديم أو حادث للتعذر غير عدول لفقدهم: الباجي والمازري وغيرهما، وإن كانوا مشتركين؛ لأنه خبر، لا شهادة؛ ولذا كفى الواحد على المشهور، وهل تكفي امرأة أو لا؟ قولان.
تنبيهات:
الأول: قال ابن عرفة: الواجب في قبول غير العدل عند الحاجة إليه سلامته من جرحة الكذب، وإلا لم يقبل اتفاقًا.
الثاني: حيث يكتفي بواحد، قال عبد الملك: هو في الحي الحاضر، وأما الميت فلا خلاف بين أصحاب مالك أنه لا يجب إلا بعدلين من أهل المعرفة، واللَّه أعلم.
الثالث: لو اختلف أهل النظر في عيب، فقال بعض: يوجب الرد. وقال بعض: لا يوجبه. فللمتيطي عن الموازية وابن مزين (1) وغيرهما يسقطان؛ لأنه تكاذب بين الموثقين إن تكافآ في العدالة، وإلا فالحكم للأعدل.
أو يمينه أي: البائع صفته، حيث توجهت عليه فيما ليس فيه حق توفيه، واللَّه لقد بعته، وما هو به، ويزيد في ذي التوفية من مكيل وموزون ومعدود، وأقبضته وما هو به؛ إذ لا يدخل في ضمان المشتري إلا بقبضه، بخلاف غيره يدخل بالعقد، بناء في المعيب الظاهر كالعمى والعرج، وعلى نفي العلم في الخفي كالزنى والسرقة.
وأشعر قوله: (بعته) باختصاصه بالمبيع (2)، وأنها لو ردت على المشتري لحلف على العلم فيهما؛ لأن التدليس يكون من جهة البائع دون المشتري، وهو رواية عيسى عن ابن القاسم، ويحتمل أنه تكلم على يمين البائع، وسكت عن يمين المشتري؛ لأنه كهو، ورواه عيسى عنه أيضًا.
والغلة له أي: للمشتري من عين العقد للفسخ؛ لأن الضمان إليه منه؛ لخبر: "الخراج بالضمان"(3)، ولم ترد الغلة.
(1) هو: يحيى بن إبراهيم بن مزين، أبو زكريا، (000 - 259 هـ = 000 - 873 م): عالم بلغة الحديث ورجاله. من أهل قرطبة. رحل إلى المشرق، ودخل العراق. أصله من طليطلة. وكان جده مولى لرملة بنت عثمان بن عفان.
من كتبه "تفسير الموطأ - خ" أجزاء منه على الرق، في مكتبة جامع القيروان و"تسمية الرجال المذكورين بالموطأ" و"المستقصية" في علل الموطأ، و"فضائل القرآن" و"رغائب العلم وفضله".
ينظر: الأعلام (8/ 134)، وابن الفرضي 2: 46 وفهرسة ابن خير 303.
(2)
في "ك": البائع.
(3)
رواه من حديث عائشة: عبد الرزاق (8/ 176، رقم 14777)، وأحمد (6/ 49، رقم 24270)، وأبو داود (3/ 284، رقم 3508)، والترمذي (3/ 581، رقم 1285) وقال: حسن صحيح. والنسائي (7/ 254، رقم 4490)، وابن ماجه (2/ 754، رقم 2243)، والحاكم (2/ 18، رقم 2176)، والبيهقي (5/ 321، رقم 10519). والشافعي (1/ 189)، وابن الجارود (1/ 159، رقم 626)، وأبو يعلى (8/ 82، رقم 4614)، وابن حبان (11/ 298، رقم 4927)، والديلمي (2/ 205، رقم 3010).