الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
تعد ردًا ولا يقبل ممن له الخيار بائع أو مشتر أنه كان اختار فأمضى، أو رد لفظًا بعده أي: بعد زمن الخيار، إلا ببينة تشهد له بذلك لدعواه ما الأصل عدمه.
وتعقب الشارح كلام المؤلف بأنه قابل بين الخيار والرد، مع أن الرد أحد نوعي الخيار، وأجاب كابن عبد السلام بأن معناه اختار الإمضاء، أو اختار الرد، فالتقابل بين تخييرين مقيدين، وهما داخلان تحت مطلق التخيير.
ولا بيع مشتر أي: أن بيع المشتري الذي له الخيار لا يدل على الاختيار، فإن فعل أي: باع، والخيار له قبل أن يجبر البائع باختياره، أو قبل أن يشهد باختياره، فهل يصدق أنه اختار الإمضاء بيمين، وهو لمالك وأصحابه، أو لا يصدق فليس باختيار، ولربها نقضه وإجازته وأخذ ثمنه، ورواه ابن زياد (1) عن مالك؟ قولان.
تنبيه:
استشكل كون البيع لا يدل على الرضى، والتسوق يدل عليه، والقياس عكسه، وقد يفرق بأن التسوق لما كان متكررًا دل عليه، بخلاف البيع قد يقع من أول وهلة.
[موانع شرط الاختيار: ]
وانتقل الخيار لسيد مكاتب باع أو ابتاع على أن الخيار له وعجز عن أداء الكتابة زمن خياره قبل اختياره، ورق لبقاء حقه، لكنه لا يبقى بعده لما يلزم عليه من التصرف بغير إذن سيده.
وانتقل الخيار عن مفلس باع أو اشترى على خيار له لغريم أحاط دينه، وقيم عليه قبل انقضاء زمن خياره، لأنه صار محجورًا عليه.
(1) هو: علي بن زياد العبسي التونسي، (000 - 183 هـ = 000 - 799 م)، أول من أدخل "موطأ" الإمام مالك للمغرب. ولم يكن في عصره أفقه منه بإفريقية. وقبره معروف في تونس إلى الآن. ينظر: الأعلام (4/ 289).
ولا كلام لوارث من ورثته انتقل الخيار لهم بموت مورثهم عنه، واختلفوا فأراد واحد منهم مثلًا الإمضاء لحصته، وأراد غيره الرد، وامتنع البائع من التبعيض لبيعه أولًا على الكمال، فيكلف مريد الإمضاء الرد؛ ليكمل جميع المبيع لبائعه، إلا أن يأخذ مريد الإمضاء بما له -بفتح اللام- من الميراث في المبيع، ولوارث معه؛ لأن جميعهم بمنزلة واحدة.
وقولنا: وامتنع البائع؛ لأنه لو رضي بالتبعيض للزم ذلك، والقياس عند أشهب رد الجميع، أي: المبيع، ويكلف مريد الإمضاء الرد إن رد بعضهم نصيبه؛ لأن الممتنع من الإمضاء لما رد نصيبه عاد الملك للبائع، ولا يلزم بيعه، إلا ممن أحب، والحال أنه امتنع من التشقيص، والاستحسان عند أشهب أخذ المجيز الجميع، أي: جميع المبيع ويدفع الثمن للبائع، ولا يلتفت لرضاه وعدمه؛ لارتفاع ضرر التبعيض عنه.
وهل ورثة البائع إذا مات والخيار له كذلك، أي: كورثة المشتري، فيدخلهم القياس والاستحسان، وهو قول أبي محمد؛ فينزل المراد منهم منزلة المجبر هناك، فعلى القياس ليس له إلا نصيبه، وعلى الاستحسان له أخذ نصيب المجيز؛ لأن المجيز ليس له غرض إلا في الثمن، وقد وصل له حينئذ.
أو ليس ورثة البائع كذلك، فلا يدخل فيهم الاستحسان؛ إذ ليس لمن رد أن يأخذ نصيب من أجاز؛ لأن من أجاز إنما أجاز للأجنبي، لا للوارث، قاله بعض القرويين؟ تأويلان.
ورأيت لابن القاسم السبتي تقرير هذا المحل على غير هذا الوجه، انظره في الكبير.
وسكت المصنف عن اتحاد الوارث أو تعدده واتفاقهم على الرد والإمضاء لوضوحه، وعما لو تعدد من الجانبين واختلف ورثة المبتاع ذو الخيار وورثة البائع في قبول حظ المراد وتركته؛ خوف الإطالة.
وذكره ابن عرفة عن ابن محرز، فانظره إن شئت، وهذا الذي ذكره
ابن محرز هو الموافق لما في أصل المصنف، فإن فيه: وهل ورثة المشتري كذلك تأويلان.
ولما ذكر أن الموت يمنع الخيار وينتقل للوارث ذكر مانعين أيضًا، وهما: الجنون والإغماء، فقال: وإن جن من له الخيار من بائع أو مشتر قبل اختياره، وعلم أنه لا يفيق من جنونه بعد طول نظر السلطان في الأصلح له، ونُظِر أي: انتظر المغمي عليه ذو الخيار لإفاقته، وإن طال من إغمائه فسخ البيع للضرر للبائع، ولا ينظر له السلطان عند ابن القاسم، خلافًا لأشهب، واستحسنه المتأخرون، والملك للبائع في زمن الخيار على المشهور لأنه منحل.
وقيل: للمبتاع.
فهو تقرير، لا نقل، وفي المدونة ما يشهد لهما، وما يوهب للعبد في زمن الخيار للبائع.
وقال البساطي: للعبد لا للبائع ولا للمشتري انتهى. ويحتاج لنقل.
إلا أن يستثني المشتري ماله فيتبعه، والغلة الحادثة في أيام الخيار كلبن ونحوه [للبائع](1)؛ إذ الخراج بالضمان، والضمان من البائع اتفاقًا.
وأرش ما جني أجنبي على المبيع زمن الخيار له، أي: للبائع لا للمشتري، [ولو أمضى](2) البيع بخلاف الولد؛ فإنه ليس غلة، فلا يكون للبائع، ومثله الصوف التام؛ لأنهما كانا موجودين حين العقد، [فقابلهما](3) جزء من الثمن، والضمان منه، أي: من البائع في زمن الخيار، فالملك له استصحابًا، كان الخيار له أو للمشتري أو لهما أو لغيرهما.
وهذا فيما لا يغاب عليه من عقار وحيوان، وإن تلف عقد البائع أو المشتري وظهر تلفه فواضح، وإلا حلف مشتر قبضه وادعى تلفه.
(1) ما بين معكوفين مطموس في "ك".
(2)
ما بين معكوفين مطموس في "ك".
(3)
ما بين معكوفين مطموس في "ك".