الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
ترتب في ذمته، وهو حقيقة فسخ الدين.
وجاز عقده بمنفعة معين، كدار أو عبد أو دابة معينين مدة معينة؛ إذ قبض رقبته قبض لجميع منفعته، وخرج منفعة المضمون؛ لأنه دين بدين، وفرق لابن القاسم بين إجازته أخذ منفعة المعين في السلم ومنعه أخذ منافع معين عن دين، بأنه في محل المنع فسخ دين في دين، وهنا ابتدأ دين بدين، والسلم كله كذلك.
وجاز بجزاف غير عين، كـ: هذه الصبرة من الطعام في شاة مثلًا موصوفة.
ابن عرفة: فيها مع غيرها صحة كون رأس المال منفعة معين أو جزافًا في غير المسكوك انتهى.
تنكيت:
تعقب بعض مشايخي قول البساطي: الا يجوز أن يكون دراهم ودنانير ولا غيرهما، مما لا يجوز بيعه جزافًا) قائلًا: ظاهر كلامه: جواز كون رأس مال السلم جزافًا من العين غير المسكوك، والذي في ابن الحاجب والتوضيح وبهرام خلافه انتهى. وحيث جاز جزافا فبشروطه السابقة.
ثم تكلم على تأخير رأس المال غير العين، فقال: وجاز تأخير حيوان إذا كان رأس المال السلم، لأنه متعين، فليس دينًا، وهذا إذا كان بلا شرط.
ومفهومه: منع تأخيره مع الشرط، وهو كذلك في المدونة؛ إذ هو مع الشرط يشبه الدين بالدين، وسواء كان التأخير قليلًا أم كثيرًا.
وهل الطعام والعرض كذلك، أي: كالحيوان في جواز تأخيره بلا شرط إن كيل الطعام وأحضر العرض مجلس العقد؛ لأنه لم يبق فيه حق توفية، وانتقل ضمانها للمسلم إليه، فلا معنى للمنع، وهذا هو التأويل الأول.
ومفهومه: المنع إن لم يكل الطعام، ولم يحضر العرض، وهو كذلك؛ إذ لا يجوز.
أو كالعين وإن كيل وأحضر؛ لأنه دين بدين تأويلان، وظاهره: المنع في التأويل الثاني لتشبيهه بالعين.
ورد زائف أي: وجاز السلف مع ظهور زائف برأس المال، وعجل بدله كتعجيل أصله، ويجوز تأخيره اليومين والثلاثة، كما في المدونة، وإلا بأن لم يعجل بدل الزائف فسد ما يقابله فقط إعطاء للبائع حكم نفسه، لا الجميع على الأحسن.
والقول بفساد الجميع لأبي بكر بن عبد الرحمن، وبفساد ما يقابل لأبي عمران ومختصر ابن شعبان، وصوبه ابن محرز، وبما قررناه يندفع تعقب كلامه بأن بناءه للمفعول يقتضي وجوب الرد.
وأفهم قوله: (زائف) أنه لو كان رصاصًا أو نحاسًا لم يجز أخذها، ولا التعامل بها، وفسد العقد، وبه فسر سحنون المدونة.
أبو عمران: هو ظاهرها.
وجاز للمسلم التصديق للمسلم إليه في وكيل المسلم فيه، كطعام من بيع، الكاف: للتشبيه لا للتمثيل (1)، فيجوز التصديق، وتقدم أنه لا يجوز
(1) قال شيخ البلاغة عبد القاهر الجرجاني في أسرار البلاغة عند القول على التشبيه والتمثيل وحقيقتهما والمراد منهما خصوصا في كلام من يتكلم على الشعر ونتعرف أهما متساويان في المعنى أو مختلفان أم جنسهما واحد ألا أن أحدهما أخص من الآخر وأنا أضع لك جملة من القول نبين بها هذه الأمور التشبيه والتمثيل التشبيه وأقسامه: "اعلم أن الشيئين إذا شبه أحدهما بالآخر كان ذلك على ضر بين أحدهما أن يكون من جهة أمر بين لا يحتاج فيه إلى تأول والآخر أن يكون الشبه محصلًا بضرب من التأول فمثال الأول تشبيه الشيء بالشيء من جهة الصورة والشكل نحو أن يشبه الشيء إذا استدار بالكرة في وجه وبالحلقة في وجه آخر وكالتشبيه من جهة اللون كتشبيه الخدود بالورد والشعر بالليل والوجه بالنهار وتشبيه سقط النار بعين الديك وما جرى في هذا الطريق أو جمع الصورة واللون كتشبيه الثريا بعنقود الكرم المنثور والنرجس بمداهن در حشوهن عقيق وكذلك التشبيه من جهة الهيئة نحو أنه مستو منتصب مديد كتشبيه القامة بالرمح والقد اللطيف بالغصن ويدخل في الهيئة حل الحركات في أجسامها كتشبيه الذاهب على الاستقامة بالسهم السديد ومن تأخذه =
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
= الأريحية فيهتز بالغصن تحت البارح ونحو ذلك وكذلك كل تشبيه جمع بين شيئين فيما يدخل تحت الحواس نحو تشبيهك صوت بعض الأشياء بصوت غيره كتشبيه أطيط الرحل بأصوات الفراريج كما قال:
كان أصوات من إيغالهن بنا أواخر الميس ايقاض الفراريج.
تقدير البيت: كأن أصوات أواخر الميس أصوات الفراريج من إيغالهن بنا، ثم فصل بين المضاف والمضاف إليه بقوله: من إيغالهن، وكتشبيه صريف أنياب البعير بصياح البوازي، كما قال:
كأن على أنيابها كل سحرة
…
صياح البوازي من صريف اللوائك
وأشباه ذلك من الأصوات المشبهة له، وكتشبيه بعض الفواكه الحلوة بالعسل والسكر وتشبيه اللين الناعم بالخز والخشن بالمسح أو رائحة بعض الرياحين برائحة الكافور أو رائحة بعضها ببعض كما لا يخفي وهكذا التشبيه من جهة الغريزة والطباع كتشبيه الرجل بالأسد في الشجاعة والذئب في النكر والأخلاق كلها تدخل في الغريزة نحو السخاء والكرم واللؤم وكذلك تشبيه الرجل بالرجل في الشدة والقوة وما يتصل بها، فالشبه في هذا كله بيّن، لا يجرى فيه التأول ولا يفتقر إليه في تحصيله، وأي تأول يجرى في مشابهة الخد للورد في الحمرة وأنت تراها ههنا كما تراها هناك، وكذلك تعلم الشجاعة في الأسد كما تعلمها في الرجل.
ومثال الثاني، وهو: الشبه الذي يحصل بضرب من التأول كقولك هذه حجة كالشمس في الظهور وقد شبهت الحجة بالشمس من جهة ظهورها كما شبهت فيما مضى الشيء بالشىء من جهة ما أردت من لون أو صورة أو غيرهما إلا أنك تعلم أن هذا التشبيه لا يتم لك إلا بتأول وذلك أن تقول حقيقة ظهور الشمس وغيرها من الأجسام أن لا يكون دونها حجاب ونحوه مما يحول بين العين وبين رؤيتها ولذلك يظهر الشيء لك ولا يظهر لك إذا كنت من وراء حجاب أو لم يكن بينك وبينه ذلك الحجاب، ثم تقول أن الشبهة نظير الحجاب فيما يدرك بالعقول لأنها تمنع القلب رؤية ما هي شبهة فيه كما يمنع الحجاب العين أن ترى ما هو من ورائه، ولذلك توصف الشبهة بأنها اعترضت دون الذي يروم القلب إدراكه ويصرف فكره للوصول إليه من صحة حكم أو فساده فإذا ارتفعت الشبهة وحصل العلم بمعنى الكلام الذي هو الحجة على صحة ما أدى من الحكم قيل هذا ظاهر كالشمس أي ليس ههنا مانع عن العلم به ولا للتوقف والشك فيه مساغ وإن المنكر له إما مدخول في عقله أو جاحد مباهت ومسرف في العناد كما أن الشمس الطالعة لا يشك فيها ذو بصر ولا ينكرها إلا من لا عذر له في إنكاره فقد احتجت في تحصيل الشبه الذي أثبته بين الحجة والشمس إلى مثل هذا التأويل كما ترى. =
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
= ثم إن ما طريقه التأول يتفاوت تفاوتًا شديدًا، فمنه ما يقرب مأخذه ويسهل الوصول إليه ويعطى المقادة طوعًا حتى أنه يكاد يداخل الضرب الأول الذي ليس من الأول في شيء وهو ما ذكرته لك ومنه ما يحتاج فيه إلى قدر من التأمل ومنه ما يدق ويغمض حتى يحتاج في استخراجه إلى فضل روية ولطف فكره، فما يثبه الذي بدأت به في قرب المأخذ وسهولة المأتى قولهم في صفة الكلام ألفاظه كالماء في السلاسة وكالنسيم في الرقة وكالعسل في الحلاوة يريدون أن اللفظ لا يستغلق ولا يشتبه معناه ولا يصعب الوقوف عليه وليس هو بغريب وحشى يستنكره لكونه غير مألوف أو ما ليس في حروفه تكرير وتنافر يكد اللسان من اجلهما فصارت لذلك كالماء الذي يسوغ في الحلق والنسيم الذي يسرى في البدن ويتخلل المسالك اللطيفة منه ويهدى إلى القلب روحًا ويوجد في الصدر انشراحًا ويفيد النفس نشاطًا وكالعسل الذي يلذ طعمه وتهش النفس له ويميل الطبع إليه ويحب وروده عليه فهذا كله تأول ورد شيء إلى شيء بضرب من التلطف وهو أدخل قليلًا في حقيقة التأول وأقوى حالًا في الحاجة إليه من تشبيه الحجة بالشمس.
وأما ما تقوى فيه الحاجة إلى التأول حتى لا يعرف المقصود من التشبيه فيه ببديهة السماع فنحو قول كعب الاشقري وقد أوفده المهلب على الحجاج فوصف له بنيه وذكر مكانهم من الفضل والبأس فسأله في آخر القصة قال فكيف كان بنو المهلب فيهم قال كانوا حماة السرح نهارًا فإذا أليلوا ففرسان البيات قال فأيهم كان أنجد قال كانوا كالحلقة المفرغة لا يدري أين طرفاها فهذا كما ترى ظاهر الأمر في فقرة إلى فضل الرفق به والنظر ألا ترى أنه لا يفهمه حق فهمه إلا من له ذهن ونظر يرتفع به عن طبقة العامة وليس كذلك تشبيه الحجة بالشمس فإنه كالمشترك البين الاشتراك حتى يستوي في معرفته اللبيب اليقظ والمضعوف المغفل، وهكذا تشبيه الألفاظ بما ذكرت قد تجده في كلام العامي فأما ما كان مذهبه اللطف مذهب قوله هم كالحلقة فلا تراه إلا في الآداب والحكم المأثورة عن الفضلاء وذوى العقول الكاملة الفرق بين التشبيه والتمثيل، وإذ قد عرفت الفرق بين الضربين فاعلم أن التشبيه عام والتمثيل أخص منه فكل تمثيل تشبيه وليس كل تشبيه تمثيلًا فأنت تقول في قول قيس ابن الخطيم:
وقد لاح في الصبح الثريا لمن رأى
…
كعنقود ملاحية حين نورا
أنه تشبيه حسن ولا تقول هو تمثيل وكذلك تقول ابن المعتز حسن التشبيهات بديعها لأنك تعنى تشبيهه المبصرات بعضها ببعض وكل ما لا يوجد التشبيه فيه من طريق التأول كقوله:
كان عيون النرجس الغض حولها
…
مداهن در حشوهن عقيق
وقوله: =
التصديق في رأس مال السلم؛ لأنه قد يجد نقصًا، فيغتفره لأجل الأجل، فيمنع لما قابل الأجل من النقص، ثم لك أو عليك يا مسلم إذا أكلته بعد التصديق، فوجدته زائدًا أو ناقصًا على المتعارف بين الناس الزيد والنقص المعروف، لف ونشر مرتب، وإلا يكن الزيد والنقص متعارفًا بل كان متفاحشًا فلا رجوع لك، يا مسلم بما وجدت من نقص، إلا بتصديق من المسلم إليه على النقص أو بينة لم تفارق طعامه من حين قبضه إلى وجدانه ناقصًا.
قال بعضهم: ولا يترك له قدر النقص المتعارف.
وإن لم يكن تصديق ولا بينة حلف المسلم إليه، وصفة يمينه تحليفه إن كان قد اكتاله هو أو قام على كيله حلف، لقد أوفى ما سمى له، أو إن لم يكن اكتاله ولا قام على كيله حلف لقد باعه على ما كتب به إليه، وكيله له فيه لمن كان قد بعمث به إليه، وقيد ابن يونس كون اليمين على هذه
= وأرى الثريا في السماء كأنها
…
قدم تبدد من ثياب حداد
وقوله:
وتروم الثريا في الغروب مراما
…
كانكباب طمر كاد يلقى اللجاما
وذلك أن إحسانه في النوع الأول أكثر، وهو به أشهر، وكل ما لا يصح أن يسمى تمثيلًا فلفظ المثل لا يستعمل فيه أيضًا، فلا يقال: ابن المعتز حسن الأمثال، تريد به نحو الأبيات التي قدمتها، وإنما يقال: صالح بن عبد القدوس كثير الأمثال في شعره، يراد نحو قوله:
وإن من أدبته في الصبا
…
كالعود يسقى الماء في غرسه
حتى تراه مورقا نادرا
…
بعد الذي أبصرت من يبسه
وما أشبهه مما الشبه فيه من قبيل ما يجرى فيه التأول ولكن إن قلت في قول ابن المعتز:
فالنار تأكل نفسها
…
إن لم تجد ما تأكله
إنه تمثيل فمثل الذي قلت ينبغي أن يقال لأن تشبيه الحسود إذا صبر عليه وسكت عنه وترك غيظه يتردد فيه بالنار التي لا تمد بالحطب حتى يأكل بعضها بعضًا مما حاجته إلى التأول ظاهرة بينة، فقد تبين بهذه الجملة وجه الفرق بين التشبيه والتمثيل وفي تتبع ما أجملت من أمرهما وسلوك طريق التحقيق فيهما ضرب من القول ينشط له من يأنس بالحقائق".
الصفة الثانية بما إذا بين للمسلم أنه قد بعث به إليه على هذا الكيل، وتبع المصنف تقييده، فقال: إن أعلم مشتريه، وهو: المسلم بذلك، وإلا بأن لم يعلمك به يا مسلم، حلفت أنك وجدته على ما ذكرت من النقص، ورجعت على المسلم إليه مما وجب لك؛ لأنك تقول: إنما رضيت بأمانتك أنت، ولم أظن عدم وقوفك على كيله.
وإن أسلمت عرضًا كثوب مثلًا مما يعاب عليه في طعام أو غيره فهلك بيدك يا مسلم قهو منه، أي: ضمانه من المسلم إليه؛ لانتقال ملكه له بالعقد الصحيح إن أهمل، أي: تركه عندك على السكت، أو أودع عندك، أو ترك عندك على الانتفاع به وضمانه منك يا مسلم، إن هلك بدعواك، ولم تقم بينة بهلاكه عندك، والحال أنه وضع للتوثق بإشهاد أو رهن أو كفيل.
وأشعر قوله: (وضع) بأنه ليس لك حبسه للثمن، ونحوه قول اللخمي، وليس له جنسه لما كان الثمن لأجل، بخلاف البيع على النقد.
ونقض السلم كذا في المدونة، وزاد التونسي بعد حلفه، وتبعه المؤلف، فقال: وحلف المسلم على هلاكه؛ لأنه يتهم على تغييبه، وإلا بأن لم يحلف خير الآخر في نقض السلم أو بقائه وأخذ قيمته.
وإن أسلمت حيوانًا صامتًا أو ناطقًا كبقر أو عبد، أو أسلمت عقارًا كدار أو عرض في طعام أو غيره، فهلك الحيوان وأهدم البناء، واختص بفعل المسلم أو تفريطه في ذلك، وفي انفلات الحيوان أو أباق العبد، أو بفعل أجنبي، فالسلم ثابت، ويتبع الجاني، أي: يتبعه المضمون له من المتبايعين؛ ولذا بني (يتبع) للمفعول، وإن أتلفه المسلم إليه فالسلم ثابت، وكأنه قبضه.
وأشعر قوله: (يتبع الجاني) بأنه معلوم، وهو كذلك، وأما إن جهل، فحكى أبو الحسن الصغير قولين: مشهورهما فسخ المسلم.
والشرط الثاني من شروط السلم: أن لا يكونا أي: رأس المال والمسلم فيه طعامين؛ لما في ذلك من ربا الفضل والنساء في الجنس