الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
تنبيه:
لا خلاف أن صريح الضمان بجعل ممنوع؛ لأن الشرع جعل الضمان والجاه والفرض لا يفعل إلا للَّه بغير عوض، فأخذ العوض عليه سحت.
ثم مثل مثالًا آخر لما يقل القصد إليه، فقال: أو أسلفني وأسلفك، أسلفك: منصوب بأن مضمرة بعد الواو، أي: ليجتمع سلف مني وسلف منك، والمشهور جوازه، كأن يبيعه ثوبًا بدينارين مثلًا لشهر، ثم يشتريه بدينار نقدًا، وأخر لشهرين، فالثوب قد رجع له ودفع الآن دينارًا سلفًا للمشتري، يأخذ منه عند رأس الشهر دينارين: أحدهما في مقابلة ديناره، والآخر سلفًا يدفع مقابله عند رأس الشهر الثاني، كما لو باع ثوبًا بعشرة لشهر ثم اشتراه.
ولما كان ما تقدم فاتحة لبيوع الآجال عقبه بقوله: فمن باع ثوبًا أو طعامًا أو حيوانًا لأجل، كشهر مثلًا، ولا تكون البيعة الأولى إلا لأجل، ثم اشتراه بجنس ثمنه، الذي باعه به من عين وطعام وعرض، الواو بمعنى أو، وتكلم على ذلك مرتبًا، وبدأ بما بيع بعين، واشترى بنظيرها، فإما إن تكون البيعة الثانية نقدًا أو للأجل الأول كشهر، أو أقل منه، كنصفه، أو أكثر منه كشهرين، وهذه أربعة أحوال بالنسبة للأجل، وكل من هذه الأربعة له ثلاث حالات؛ لأنه إما بمثل الثمن الأول، أو أقل منه، أو أكثر، فحصل اثنتا عشرة صورة، يمنع منها ثلاث، وهي:
[1]
شراؤها بأقل نقدًا.
[2]
أو بأقل لدون الأجل.
[3]
وبأكثر من الثمن لأبعد من الأجل.
وهي ما عجز فيه الأقل.
وعلة منعها تهمة دفع قليل في كثير مؤجل، ويجوز باقيها صور بمثل الثمن، وهو أربع، وصور بأقل من الثمن للأجل وأبعد منه، وصور أكثر من الثمن، وهي ثلاثة نقدًا، وللأجل ولأقل منه.
ولنرسم لها جدولًا يكشفها، ويظهر لك استخراج المسائل منه، وهو:
أن تأخذ للسطر الأول من السطور الثلاثة ما يقابله من الأبيات التي تليه، وتنظر ما هو مكتوب في كل بيت منها، فما وجدت من جائز أو ممنوع فهو حكم البيت الذي فوق من نقد أو أجل، ثم بقية الأسطر كذلك.
…
. . . نقد الشهر. . . للشهرين. . . لدون. . . الشهرين
باع ثوبًا بعشرة لشهر ثم اشتراه بعشرة. . . جائز. . . جائز. . . جائز. . . جائز
باع ثوبًا بعشرة لشهر ثم اشتراه بثمانية. . . ممتنعة. . . جائزة. . . ممتنعة. . . جائزة
باع ثوبًا بعشرة لشهر ثم اشتراه بأثني عشر. . . جائز. . . جائز. . . جائز. . . ممتنع
وكذا الحكم فيما لو أجل بعضه، أي: الثمن في البيعة الثانية، ونقد بعضه الآخر، فإما لأجل مساو، أو أقل، أو أكثر، والثمن: إما مساو، أو أقل، أو كثر؛ فهي تسع، يمنع منها ثلاث، وهي: ما عجل فيه الأقل كله، وهو صورة واحدة، إذا باعه ثوبًا بعشرة لشهر، ثم اشتراه بأقل كثمانية أربعة نقدًا، أو أربعة لنصف الشهر، يأخذ عنها عشرة عند رأس الشهر، أو عجل بعضه، أي الأقل، وأخر بعضه للأجل أو لأبعد منه، وذلك صورتان:
الأولى: إذا اشتراه بثمانية أربعة نقد، أو أربعة للشهر نفسه؛ لأنه يسقط عنه أربعة من العشرة للمقاصة، ورجع أمره إلى أنه دفع الآن أربعة، يأخذ عنها عند حلول الشهر ستة.
والثانية: كذلك اشتراه بثمانية أربعة نقدًا، وأربعة لشهوين، وهما داخلتان تحت ما عجل فيه الأقل.
قال المصنف في توضيحه: وتدخل صورة رابعة مشاركة للأولى في تعجيل كل الأقل، وهي ما إذا اشتراها بأكثر، وعجل بعضه، وأخر بعضه لأبعد من الأجل، كما لو اشتراها باثني عشر: خمسة نقدًا، وسبعة لأجل أبعد من الأول انتهى.
وهو مشكل، انظره في الكبير، ويجوز ما عداها، وسقط من الاثنتي عشر صورة ثلاث، وهي: صور النقد كلها، وهذا جدول فيه التسع الصور، وهذه صفته:
…
. . . بعضها نقد وبعضها لشهر. . . بعضها لنصفه. . . بعضها لأبعد منه
باع ثوبًا بعشرة لشهر ثم اشتراه بثمانية بعضها نقد. . . ممتنعة. . . ممتنعة. . . ممتنعة
باع ثوبًا بعشرة لشهر ثم اشتراه بعشرة بعضها نقد. . . جائز. . . جائز. . . جائز
باع ثوبًا بعشرة لشهر ثم اشتراه باثني عشر بعضها نقد. . . جائز. . . جائز. . . جائز
ولما كان ضابط هذه المسائل الجواز عند تساوي الأجلين، وإن اختلف الثمنان، والجواز إن تساوى الثمنان، ولا يضر اختلاف الأجلين، وأما إن اختلف الثمن والأجل فانظر لليد السابقة بالعطاء، فإن عاد إليها أقل مما خرج منها أجز، وإن عاد أكثر مما خرج منها منع.
ولما كان محل الجواز قد يكون ممتنعًا لوجود مانع بيّن ذلك مشبها في المنع، فقال: كتساوي الأجلين إن شرطًا نفي المقاصة، كسلعة بيعت بمائة لشهر، ثم اشتريت بمائة وعشرين لذلك الشهر، والمنع هنا للدين بالدين، بسبب عمارة ذمة كل للآخر، ولو اشترطا المقاصة فالجواز، لسقوط المتماثلين، ولم يبق غير الزائد في ذمة فقط.
ولذلك أي لأجل انتفاء الدين بالدين صح ما أصله المنع في أكثر من الثمن، إذا اشتريت السلعة المبيعة لأبعد من ذلك الأجل، إذا اشترطاها، أي: المقاصة للسلامة من دفع قليل في كثير.
ولما ذكر ما إذا كان الثمنان عينًا على صفة واحدة، ذكر ما إذا كانا عينًا على صفتين، فقال: والرداءة والجودة معتبرة في الثمنين كالقلة والكثرة، فالرديء كالقليل، والجيد كالكثير، فحيث يمنع ما عجل فيه الأقل يمنع ما عجل فيه الرديء، وحيث جاز يجوز، كذا قرره الشارحان، وعليه