الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الأول: شرط يناقض المقصود من العقد متلسبًا بأي حال وجد، كأن لا يبيع أو لا يهب أو لا يخرج بها من بلد، أو على أن يتخذها أم ولد أو على أن لا يعزل عنها أو على إن باعها فهو أحق بالثمن.
تنبيه:
جعل ابن رشد من بياعات الشروط المنافية بيع الثنيا، وهو أن يبيع السلعة على أنها لبائع متى رد السلعة فالسلف له؛ لأنه سلف جر نفعًا.
وقال صاحب المغني (1) وغيره: هذا إذا وقع الشرط في عقد البيع أو كان متفقًا عليه قبل البيع، وأما لو وقع بعد البيع لأجل معلوم لجاز، إلا أن يكون الشرط متلبسا بتخيرٍ (2) العتق، فهو مستثنى من مقدر، كما قررناه، وبه يندفع دعوى أن نصب (تنجيز) مجردًا من (3) باء الجر، وأصل ذلك خبر بريرة (4).
[البيع على تنجيز العتق: ]
وإذا وقع البيع على تنجيز العتق لم يجبر من اشتراه عليه إن أباه عند
(1) في "م 1": العين، وفي "ن 3": المعين.
(2)
في "م 1" و"ن 3": بتنجيز.
(3)
في "ن 3": عن.
(4)
وهو عند مالك (2/ 780، رقم: 1477) وغيره عن عائشة زوج النبي صلى الله عليه وسلم أنها قالت: جاءت بريرة فقالت: إني كاتبت أهلي على تسع أواق في كل عام أوقية فأعينيني.
فقالت عائشة: ان أحب أهلك ان أعدها لهم عنك عددتها ويكون لي ولاؤك فعلت.
فذهبت بريرة إلى أهلها فقالت لهم ذلك فأبوا عليها فجاءت من عند أهلها ورسول اللَّه صلى الله عليه وسلم جالس فقالت لعائشة إني قد عرضت عليهم ذلك فأبوا علي إلا أن يكون الولاء لهم فسمع ذلك رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم فسألها فأخبرته عائشة فقال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم: "خذيها واشترطي لهم الولاء فإنما الولاء لمن اعتق" ففعلت عائشة ثم قام رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم في الناس فحمد اللَّه وأثنى عليه ثم قال: "أما بعد في بال رجال يشترطون شروطًا ليست في كتاب اللَّه ما كان من شرط ليس في كتاب اللَّه فهو باطل وإن كان مائة شرط قضاء اللَّه أحق وشرط اللَّه أوثق وإنما الولاء لمن اعتق".
ابن القاسم، إن أبهم البائع في شرطه، فلم يبين للمشتري أنه واجب عليه، أو مخير فيه. وقال أشهب: يجبر.
ثم شبه لإفادة الحكم بقوله: كالمخير عند الشراء في العتق، لكن عدم الجبر في هذه باتفاق، بخلاف التي قبلها بخلاف الاشتراء على اشتراط إيجاب العتق؛ فإنه يلزمه، ويجبر عليه إن أباه، ونحوه في التوضيح، كأنها حرة بالشراء.
قال في توضيحه: إن قصد أنها حرة بنفس الشراء ألزمه ذلك، وكذلك إن التزم ذلك، ويجبر عليه إن امتنع، وإلا أعتق الحاكم.
وخرج بتنجيز العتق: التدبير والكتابة والعتق لأجل؛ فإن المنع باق للحديث.
ومفهوم (يناقض المقصود): أن ما لا يناقضه بل يقتضيه كتسليم المبيع والقيام بالعيب ورد العوض عند انتقاض البيع واضح الصحة دون شرط، فشرطه تأكيد، وكذا شرط ما لا يقتضيه ولا ينافيه، وهو من مصلحته كالرهن والحميل على ما يأتي.
وأشار للأمر الثاني بقوله: أو شرط يخل بالثمن كبيع وسلف من أحدهما؛ لأنه إن كان من البائع فالثمن أزيد من ثمن المبيع، أو من المشتري فالثمن أقل؛ فهو سلف بزيادة، وعلل المنع أيضًا بجهل الثمن؛ إذ الانتفاع بالسلف جزء منه وهو غير معلوم.
وصح البيع إن حذف شرط السلف قبل فسخه على المشهور، كما في الإرشاد، وشهره في المعتمد، كزوال المانع، والحكم يدور مع علته وجودا وعدما.
وأطلق المصنف هنا؛ لقوله في توضيحه: وظاهر إطلاقهم: أنه لا فرق بين أن يكون الإسقاط قبل فوات المبيع أو بعد فواته، لكن ذكر المازري أن ظاهر المذهب أنه لا يؤثر إسقاطه بعد فواتها في يد مشتريها؛ لأن القيمة حينئذ قد وجبت، فلا يؤثر الإسقاط بعده.
ومفهوم الشرط في قوله: (إن حذف) أنه لو لم يحذف لم يصح، وهو كذلك، بل فاسد اتفاقًا.
أو حذف شرط التدبير ونحوه من الشروط المفسدة، ونبه عليه لأن ما له تعلق بالعقد قد يخرج عن الأصل؛ لتشوف الشارع له.
ثم شبه في الحكم في الصحة، لكن مع بقاء الشرط ولزومه، فقال: كشرط رهن وحميل يشترطه البائع على المشتري، وتقدم التنبيه على هذا، وأنه مما لا يقتضيه العقد ولا ينافيه، وكشرط أجل معلوم.
ثم بالغ على الصحة مع إسقاط السلف بقوله: ولو غاب المتسلف على السلف، وهو المشهور وقول ابن القاسم، وتأول الأكثرون المدونة عليه (1).
وأشار بالمبالغة لقول سحنون وابن حبيب في عدم الصحة ونقض البيع مع الغيبة لتمام الربا بينهما، وتأول الأقلون المدونة عليه؛ ولذا قال: وتؤولت بخلافه.
ولو قدم هذا عند قوله: (وصح إن حذف) لكان حسنًا، ثم أن كان المبيع قائمًا رد لربه.
ويلزم فيه للبائع إن فات أكثر الثمن، والقيمة إن أسلف المشتري،
(1) قال في منح الجليل (5/ 57): "تت الأول هو المشهور، وقول ابن القاسم وتأول الأكثر المدونة عليه وهو تابع للشارح وأصله في التوضيح، ونصه صرح ابن عبد السلام بمشهوريته.
طفى فيه نظر لأن ابن عبد السلام صرح بمشهورية الصحة بإسقاط شرط السلف في غير الغيبة وذكر الخلاف مع الغيبة ولم يصرح بمشهور، وإنما نسب الصحة لأصبغ فإنه لما عزى عدمها لسحنون وابن حبيب ويحيى عن ابن القاسم قال: وخالف أصبغ ورأى أن الغيبة على السلف لا تمنع تخيير المشترط اهـ.
وكذا فعل عياض، ثم قال: وذهب أكثر شيوخ القرويين إلى أن قول سحنون وفاق للكتاب وجعله بعضهم خلافًا فانظر كيف عزا للأكثر خلاف ما عزا لهم المصنف ومن تبعه إذا علمت ذلك ظهر لك أن المعتمد عدمها في الغيبة".