الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
ثم شبه في الحكم قوله كتلطيخ ثوب عبد بمداد، إن فعله السيد، أو أمر به ليظن أنه كاتب، وأما إن كان من فعل العبد فلا.
تنبيه:
مثل بمثالين: الأول المبيع فيه معيب، والثاني غير معيب، لكن فعل فيه ذلك ليظن أنه من أعالي جنسه، ورد أي: ما وقعت فيه التصرية، وفي نسخه الشارح فيرده، فجعل ضميره لجميع ما وقع فيه التغرير، والأول أحسن؛ لقوله بصاع، أي: معه من غالب القوت، إن اختلف قوت محله، وهذا مذهب المدونة.
الباجي: وهو المذهب.
وقيل: التمر.
تنبيهان:
الأول: قدر الصاع متعين، فلا يزاد عليه لكثرة الثمن، ولا ينقص منه لقلته، ولا يلتفت لغلاء الصاع، ولا رخصه، ولو ساوى قيمة الشاة، أو زاد.
الثاني: إن لم يكن في القوت غالب.
فقال البساطي: مما شاء من القوت.
وقال بعض مشايخي: من الوسط، وحرم رد اللبن، ولو بتراضيهما: غاب عليه، أو لم يغب؛ لأنه بمجرد ردها تعين الصاع في مقابلة اللبن، ولم يقبضه، فلو رد اللبن لكان بيع الطعام قبل قبضه، لا أن علمها المشترى مصراة، فليس له ردها؛ لدخوله على إسقاط حقه.
تنبيه:
قال في توضيحه: إلا أن يجدها دون معتاد مثلها، ولم ينبه عليه هنا، أو لم تصر، ولكن ظن كثرة اللبن؛ لقرينة عنده، ككثرة لحم ضرعها، فلا يردها إذا وجدها على غير ذلك، إلا بثلاثة شروط:
أشار لأحدها بقوله: إلا إن قُصد لبنها لا لحمها ولا عملها ولا غيرها.
ولثانيها بقوله: واشتريت في وقت حلابها، أي: إبان الحلاب، نحوه في المدونة، فلو اشتريت في غير وقته وحلبها في وقته فلم يرضها فلا رد له، عرف البائع حلابها أو لا.
وأشار لثالثها بقوله: وكتمه البائع، أي: الإخبار بقلة لبنها مع علمه أن المقصود، فللمشتري الرد مع عدم هذه الشروط.
ثم عطف على ما لا يرد به، فقال: ولا يرد الصاع إن رد مصراة بغير عيب التصرية، إذا رضي بعيب التصرية، ولو صدق عليه أنه رد مصراة؛ إذ لم يردها بعيب التصرية، خلافًا لأشهب، يرد معها الصاع.
وأشار لاستظهار التونسي الأول، فقال: على الأحسن، وإذا تعدد شراء المصراة في عقد واحد وردها تعدد الصاع بتعددها، قاله ابن الكاتب، واقتصر عليه المصنف؛ لكونه اختيار اللخمي وابن يونس، ولذا قال: على المختار والأرجح.
وقيل: يرد لجميعها صاعًا واحدًا.
وفي التوضيح أنه قول الأكثر.
ابن عرفة: حكاه ابن العطار على أنه المذهب.
وعلى هذا، فكان ينبغي أن يحكيه: إما مساويًا لما قبله، أو يقدمه، ولعله إنما تركه لقول ابن زرقون: ليس عليه العمل.
وإن حلب المشتري المصراة فلم يتبين له أمرها فحلبها ثانية ليختبرها فوجدها ناقصة عن لبن التصرية فله ردها اتفاقًا، وإن ثبت قال، فإن حصل الاختبار بالثانية فهو أي: حلبها ثالثة رضًا بها، ولا رد له، ولا حجة عليه في الثانية؛ إذ بها يختبر أمرها، كذا لمالك في المدونة، وعنه في الموازية له ذلك، أي: حلبها ثالثة، ولا يعد رضًا بها.
وفي كونه أي ما في الموازية خلافًا لما في المدونة فهمًا قولان، وعليه المازري وطائفة، أو وفاقا وعليه الصقلي اللخمي، وهو الأحسن تأويلان.
ولم يذكر المصنف حلفه بعد الثلاثة على عدم الرضا، ونقله الصقلي عن عيسى بن دينار.
ابن رشد: إن حلبها رابعة فهو رضًا باتفاق.
ولما ذكر خيار النقيصة أردفه بمانعه، وهو ضربان: مانع مطلقًا، وهو أربعة، ومانع بتقدير، أشار للأول من الأربعة، بقوله: ومنع منه أي: من القيام بالخيار بيع حاكم، فاعل منع، ومنع منه أيضًا ببيع وارث رقيقًا مفعوله؛ إذ هو مصدر يعمل عمل فعله، ولذا نصب رقيقًا، فقضى الحاكم أو الوارث أنه أي: الرقيق إرث؛ لأنه بيع براءة، وإن لم يشترطه، وبيع الرقيق بالبراءة جائز، جرى به عمل أهل المدينة، وقضى به عثمان وغيره (1).
(1) قال في منح الجليل (5/ 156 - 157): "البناني ظاهره أنه شرط في الوارث فقط كالمدونة ونصبها وبيع السلطان الرقيق في الديون والمغنم وغيره بيع براءة، وإن لم يشترط البراءة، وكذا بيع الميراث في الرقيق إذ ذكر أنه ميراث وإن لم يذكر البراءة. اهـ.
فظاهرها أن بيع الحاكم بيع براءة مطلقًا وإن لم يعلم المشتري أنه حاكم، بخلاف بيع الوارث، وفرق بينهما بأن الحاكم لا يكاد يخفى لكن يعكر على حمل المصنف هذا قوله بعد وخير ومشتر ظنه غيرهما إذا ثبت للمشتري من الحاكم التخيير عند جهله أنه حاكم، فلو أراد ظاهرها لقال وخير مشتر لم يعلم وكان خاصا بالوارث، وبقي قوله ومنع منه بيع حاكم على إطلاقه، ولذا حمل (ق) وغيره كلامه على قول ابن المواز، ونصه قال مالك رضي الله عنه: بيع الميراث وبيع السلطان بيع براءة إلا أن يكون المشتري لم يعلم أنه بيع ميراث أو سلطان فيخير بين أن يرد أو يحبس بلا عهدة.
ابن يونس: هذا أحسن من قول ابن حبيب أنه بيع براءة وإن لم يذكر متوليه أنه بيع ميراث أو مفلس. اهـ.
فهذا هو الذي اعتمد المصنف بدليل قوله ظنه غيرهما، وبه تبين لك أن قول المصنف بين أنه إرث مراده به ما يشمل حقيقة البيان وحصول العلم للمشتري من غيرهما، إذ المراد حصول العلم وعليه المدار كما صرح به في التنبيهات، وأن هذا القيد محذوف من الأول لدلالة الثاني عليه، وأنه لا فرق بين الحاكم وغيره فما حمله عليه تت هو الصواب ورد عج عليه غير صواب".
ومفهوم (فقط): أن غير الرقيق لا يمنع رده؛ لأن البراءة منه غير مفيدة، والفرق بين الرقيق وغيره قدرته على كتم عيوبه، فإن أحب إقامته عند مشتريه كتمه، وإلا أظهره، فجعلوا للبائع التبرؤ منه؛ ليسلم من تبعته. ومفهوم (بين): أنه لو باع ولم يبين لم يمنع من الرد، وهو كذلك.
وظاهر كلامه: كان العيب يسيرًا أو كثيرًا، وهو كذلك.
وخير مشتر من أحدهما، أي: من الحاكم أو الوارث ظنه أي: المشتري غيرهما، ثم ظهر أنه أحدهما، فله الرد والإمضاء، وينفعه دعوى جهله، خلافًا لابن حبيب.
ومنع من خيار المبتاع تبرؤ غيرهما، أي: الحاكم والوارث فيه أي: الرقيق مما لم يعلم به البائع من عيب، إن وجد به بعد الشراء، إن طالت إقامته، أي: الرقيق عند بائعه، فلو باعه بفور شرائه بيع براءة لم يفده، وللمشتري رده بالعيب على المشهور.
ولما ذكر التبرؤ مما لم يعلمه أفاد حكم ما إذا علمه بقوله: وإذا علمه البائع بيّن المشتري أنه به، فلو قال: أبيعك بالبراءة من عيب كذا، ولم يقل هو به، لم يفده قاله ابن المواز.
وقال ابن يونس: يبرأ منه، قال هو به أم لا.
ووصفه بعد بيانه وصفًا شافيًا كافيًا عن حقيقته وموضعه؛ إذ قد يغتفر في موضع دون غيره، أو أراه لى، وهي أتم من وصفه، وإذا وصفه لم يجمله، بأن يصفه وصفًا غير كاشف، بل محتملًا للقلة والكثرة، كأبق أو سارق، فيوجد قد أبق من مصر للمدينة مثلًا، أو ينقب، فهذا لا يفيد.
كذا قرره الشارحان، وتبين بهذا أنه إذا علم العيب أنه إنما يبرأ منه بثلاثة شروط:
[1]
أن يقول به.
[2]
وأن يطلعه عليه برؤية أو ما يقوم مقامها من الوصف.