المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌[حكم بيع السكران: ] - جواهر الدرر في حل ألفاظ المختصر - جـ ٥

[التتائي]

فهرس الكتاب

- ‌باب

- ‌[ما ينعقد به البيع: ]

- ‌‌‌تنبيه:

- ‌تنبيه:

- ‌[متى يحلف في البيع

- ‌تنبيهان:

- ‌[التسوق بالسلعة: ]

- ‌[شرط صحة البيع: ]

- ‌[حكم بيع السكران: ]

- ‌[شرط لزوم البيع: ]

- ‌[بيع المكره: ]

- ‌[ما يلزم من بيع المضغوط: ]

- ‌[صحة بيع المجبر جبرًا شرعيًا: ]

- ‌[شروط الجواز التي تتعلق بالبائع: ]

- ‌تنكيت:

- ‌تتميم:

- ‌فائدة:

- ‌[ما يلزم من بيع ما مضى: ]

- ‌تذبيل:

- ‌تنبيه:

- ‌[وجوب الاحتراز في إخراج المسلم عن الكافر: ]

- ‌[متطلبات الرهن: ]

- ‌تنبيه:

- ‌[ما يلزم من بيع الكافر العبد المسلم: ]

- ‌[خيار المسلم وخيار الكافر: ]

- ‌[لا يجوز دفع ضرر بضرر مثله: ]

- ‌[محل منع الصغير الكافر: ]

- ‌[شروط المشتري: ]

- ‌تنكيت:

- ‌[بيع الكلاب: ]

- ‌[بيع الهر: ]

- ‌[بيع الأمة الحامل الموشكة: ]

- ‌تنبيه:

- ‌تنبيه:

- ‌[بيع المغصوب: ]

- ‌[ما يجوز رده بعد البيع: ]

- ‌تنبيهان:

- ‌تنبيه:

- ‌تنبيه:

- ‌تنبيه:

- ‌[بيع العمود عليه بناء: ]

- ‌[بيع الهواء: ]

- ‌تفريع:

- ‌[بيع موضع غرز جذع: ]

- ‌[شرط المثمون: ]

- ‌تنبيه:

- ‌تنبيه:

- ‌[بيع تراب صائغ: ]

- ‌تتميم:

- ‌[أحوال بيع الحنطة وحكم كلٍّ: ]

- ‌تنبيه:

- ‌[بيع القت: ]

- ‌[بيع الزيت: ]

- ‌تنبيه:

- ‌[بيع الدقيق: ]

- ‌تنبيه:

- ‌[بيع الصبرة: ]

- ‌تذييل:

- ‌‌‌تنبيه:

- ‌تنبيه:

- ‌[بيع الشاة باستثناء بعضها: ]

- ‌[استثناء الثلث في البيع: ]

- ‌[استثناء بيع الجلد: ]

- ‌تنبيه:

- ‌[استثناء بعض الشاة مطلقًا: ]

- ‌تنبيه:

- ‌[فوات المستنثى: ]

- ‌[بيع الجزاف: ]

- ‌تنكيت:

- ‌[ما لا يجوز فيه الجزاف: ]

- ‌تنكيت:

- ‌‌‌تنبيه:

- ‌تنبيه:

- ‌[بيع الجزاف مجموعًا: ]

- ‌[بيع الجزافين: ]

- ‌تنبيه:

- ‌تنكيت:

- ‌[البيع على البرنامج: ]

- ‌[بيع الأعمى: ]

- ‌تتمة:

- ‌[بيع غائب: ]

- ‌تنبيه:

- ‌[موانع البيع وشروطه الخاصة: ]

- ‌تنبيه:

- ‌تذييل:

- ‌[الصرف: ]

- ‌تنبيه:

- ‌تنبيه:

- ‌[ما يمنع فيه من التصديق: ]

- ‌تنبيه:

- ‌[الجمع بين البيع والصرف: ]

- ‌فائدة:

- ‌‌‌تنبيه:

- ‌تنبيه:

- ‌[رد الزيادة بعد الصرف: ]

- ‌‌‌تنبيه:

- ‌تنبيه:

- ‌تنكيت:

- ‌تنبيه:

- ‌‌‌تنبيه:

- ‌تنبيه:

- ‌[شروط بيع المحلى: ]

- ‌[المحلى بأحد النقدين: ]

- ‌[بيع المسكوك: ]

- ‌[تغير التعامل بالعملة: ]

- ‌تنبيه:

- ‌[عقوبة الغاش: ]

- ‌[وجوه الغش: ]

- ‌فصل

- ‌[علة ربا النساء: ]

- ‌[جواز التفاضل فيما اختلف جنسه: ]

- ‌[أصناف الزيوت: ]

- ‌تنبيه:

- ‌[ما ليس ربويًا: ]

- ‌تنبيه:

- ‌[ما ينقل الطعام وما لا ينقله من كونه غير ربوي إلى كونه ربويًا: ]

- ‌[الجنس الواحد ينقل فيكون ربويًا: ]

- ‌تنبيه:

- ‌تتميم:

- ‌تنكيت:

- ‌تنكيت:

- ‌تنبيه:

- ‌[الطعامين المختلفين بثمن واحد: ]

- ‌[علتا التفاضل: ]

- ‌تنبيه:

- ‌فرع:

- ‌تنبيه:

- ‌[العفو عن يسير الغرر: ]

- ‌‌‌تنبيه:

- ‌تنبيه:

- ‌[المزابنة: ]

- ‌[بيع الدين بالدين: ]

- ‌تنبيه:

- ‌[حقيقة هذا البيع: ]

- ‌[التفريق بين الأم وولدها: ]

- ‌تذييل:

- ‌[الميراث بينهما: ]

- ‌[بيع بعض الأم وولدها: ]

- ‌[تفرقة المعاهد بينهما والاشتراء منه: ]

- ‌[البيع مع الشرط: ]

- ‌تنبيه:

- ‌[البيع على تنجيز العتق: ]

- ‌[بيع النجش: ]

- ‌تنبيه:

- ‌[منع المشتري غيره من الزيادة: ]

- ‌[بيع حاضر لبدوي: ]

- ‌[بيع حاضر لقروي: ]

- ‌[حكم وقوع الممنوع هنا: ]

- ‌[شراء الحاضر للبدوي: ]

- ‌[تلقي السلع: ]

- ‌تنبيه:

- ‌[متى يجوز تلقي السلعة: ]

- ‌تنبيه:

- ‌فروع:

- ‌[أسباب الفوات: ]

- ‌‌‌تنبيه:

- ‌تنبيه:

- ‌فصل

- ‌تنبيه:

- ‌تنبيه:

- ‌تنبيه:

- ‌تنبيه:

- ‌فصل

- ‌[العينة الجائزة: ]

- ‌[أقسام بيع أهل العينة: ]

- ‌تنبيه:

- ‌[العينة المكروهة: ]

- ‌[العينة الممنوعة: ]

- ‌تنبيه:

- ‌فصل

- ‌[مدة اختبار الدار: ]

- ‌[مدة اختبار الرقيق: ]

- ‌[مدة اختبار الدابة: ]

- ‌تنبيهان:

- ‌[مدة اختبار الثوب: ]

- ‌[صحة الخيار: ]

- ‌تنبيه:

- ‌[فساد البيع بالخيار: ]

- ‌‌‌تنبيه:

- ‌تنبيه:

- ‌[فروع في الفساد بشرط النقد: ]

- ‌تنبيه:

- ‌[ما يمنع النقد فيه بشرط: ]

- ‌[استبداد البائع والمشتري: ]

- ‌تنبيه:

- ‌[موانع شرط الاختيار: ]

- ‌[جناية البائع: ]

- ‌تنبيه:

- ‌[جناية المشتري: ]

- ‌[خيار التروي: ]

- ‌[خيار العيب: ]

- ‌تنبيه:

- ‌تنكيت:

- ‌تنبيه:

- ‌تنبيه:

- ‌[ما لا يرد به]

- ‌تنبيه:

- ‌تنبيه:

- ‌‌‌تنبيهات:

- ‌تنبيه

- ‌‌‌تنبيه:

- ‌تنبيه:

- ‌تنبيهان:

- ‌فائدة:

- ‌‌‌تنبيه:

- ‌تنبيه:

- ‌تنبيه:

- ‌تنكيت:

- ‌تنكيت:

- ‌[أحكام التدليس: ]

- ‌تنبيه:

- ‌تنبيه:

- ‌تنكيت:

- ‌[التنازع أسباب رد المبيع: ]

- ‌تنبيهات:

- ‌تنبيه:

- ‌فائدة:

- ‌تنبيهان:

- ‌تنبيهات:

- ‌تنبيه:

- ‌[ما اختلف في عدم الرد به: ]

- ‌تنبيه:

- ‌[تفسير العهدة: ]

- ‌تتميم:

- ‌تنكيت:

- ‌‌‌‌‌تنبيه:

- ‌‌‌تنبيه:

- ‌تنبيه:

- ‌تنبيه:

- ‌تنكيت:

- ‌تنبيه:

- ‌‌‌تنبيه:

- ‌تنبيه:

- ‌تنبيه:

- ‌[ضمان الصحيح والفاسد من البيع: ]

- ‌تنكيت:

- ‌‌‌تنبيه:

- ‌تنبيه:

- ‌تنكيت:

- ‌تنبيه:

- ‌تنبيه:

- ‌تنكيت:

- ‌فائدة:

- ‌تنبيه:

- ‌[ما يحترز في قيد البيع]

- ‌[بيع الإقالة: ]

- ‌[التولية: ]

- ‌[الشركة: ]

- ‌خاتمة:

- ‌فصل

- ‌تنبيه:

- ‌[شروط المرابحة: ]

- ‌تنبيه:

- ‌تنبيه:

- ‌تنبيه:

- ‌تنبيهان:

- ‌فصل

- ‌تنبيه:

- ‌تتميم:

- ‌تنبيهان:

- ‌تنبيه:

- ‌تنبيه:

- ‌تنكيت:

- ‌تنبيه:

- ‌‌‌تنبيه:

- ‌تنبيه:

- ‌[بيع العرية: ]

- ‌تنبيه:

- ‌تنكيت:

- ‌تنبيه:

- ‌تنبيه:

- ‌فائدة:

- ‌تنبيه:

- ‌تنكيت:

- ‌فائدة:

- ‌خاتمة:

- ‌فصل

- ‌[الاختلاف في جنس الثمن: ]

- ‌[الاختلاف في الأجل: ]

- ‌نكتة:

- ‌[ما يقع به الفسخ: ]

- ‌[شرطا تصديق المشتري: ]

- ‌تنبيه:

- ‌[من يبدأ بالحلف: ]

- ‌[الاختلاف في انتهاء الأجل: ]

- ‌[الاختلاف في قبض الثمن أو تسليم السلعة: ]

- ‌[الاختلاف في البت والخيار: ]

- ‌[الاختلاف في قدر الثمن: ]

- ‌تنبيهان:

- ‌[الاختلاف في موضع القبض: ]

- ‌تنبيه:

- ‌فصل

- ‌[شروط السلم: ]

- ‌‌‌تنبيه:

- ‌تنبيه:

- ‌تنكيت:

- ‌تنكيت:

- ‌تنبيه:

- ‌تنبيه:

- ‌تنبيهان:

- ‌تنبيه:

- ‌تنبيهان:

- ‌تنكيت:

- ‌تتمة:

- ‌فرع:

- ‌تنبيه:

- ‌[الصفات الواجب بيانها: ]

- ‌تتمة:

- ‌تتميم:

- ‌‌‌تنبيه:

- ‌تنبيه:

- ‌فائدة:

- ‌تنبيه:

- ‌تنبيه:

- ‌تنكيت:

- ‌تنبيه:

- ‌تنكيت:

- ‌تنبيه:

- ‌تنبيه:

- ‌تنبيهان:

- ‌تنكيت:

- ‌تنبيه:

- ‌تنبيه:

- ‌تنبيه:

- ‌تنبيه:

- ‌فصل

- ‌فائدة:

- ‌‌‌تنبيه:

- ‌تنبيه:

- ‌تنكيت:

- ‌تنبيه:

- ‌خاتمة:

- ‌فصل

- ‌تنكيت:

- ‌خاتمة:

- ‌باب تكلم فيه على الرهن

- ‌‌‌تنبيهان:

- ‌تنبيه

- ‌حادثة:

- ‌تنبيه:

- ‌تتمة:

- ‌تنكيت:

- ‌تنبيه:

- ‌تتمة:

- ‌تنبيه:

- ‌تكميل:

- ‌تتمة:

- ‌فائدة:

- ‌‌‌تنبيه:

- ‌تنبيه:

- ‌تتميم:

- ‌تحصيل:

- ‌فائدة:

- ‌تنبيه:

- ‌تنكيت:

- ‌تكميل:

- ‌تنبيه:

- ‌‌‌تنبيه:

- ‌تنبيه:

- ‌تنكيت:

الفصل: ‌[حكم بيع السكران: ]

وأهلية المؤاخذة بالبلوغ، بخلاف خطاب الوضع، وهو الخطاب بالأسباب، والشروط، والموانع، لا يشترط فيه ذلك، كالإتلاف في الضمان، والنسب في [المواريث](1)، والنسب في المواريث، والإعسار في [التطليق](2)، فينعقد بهذه الأشياء من المجنون والعاجز والغافل.

[حكم بيع السكران: ]

إلا بسكر يحتمل استثناؤه من المفهوم، إلا أن يكون عدم تمييزه بسكر، فتردد في صحه عقده، كما هو عند ابن الحاجب وجماعة، وعدم صحته:

والأول: نحو قول صاحبي البيان والإكمال: مذهب مالك وعامة أصحابه صحته [لا](3) لزومه.

والثاني ظاهر كلام ابن شعبان، وصرح به في الذخيرة، وأما من عنده تمييز فبيعه صحيح اتفاقًا (4).

(1) ما بين معكوفين في "ك" كلمة غير مقروءة، وما أثبتناه من "م" و"م 1".

(2)

ما بين معكوفين في "ك" كلمة غير مقروءة، وما أثبتناه من "م" و"م 1".

(3)

ما بين معكوفين في "ك" كلمة غير مقروءة، وما أثبتناه من "م" و"م 1".

(4)

نص ما في البيان والتحصيل من تفصيل مسألة السكران (4/ 257 - 260): "قال ابن القاسم: سئل مالك عن نكاح السكران، قال: لا أراه جائزًا، وطلاقه جائزة عليه.

ومن كتاب القضاء من سماع أشهب وابن نافع عن مالك، قال سحنون: أخبرني ابن نافع وأشهب قالا: سئل مالك عن بيع السكران فقال: لا واللَّه، ما أراه يجز إن استوفى، وكيف يعلم ذلك، أخاف إن ربح قال كنت صحيحًا، وإن خسر قال كنت سكران.

قلت له: وترى نكاحه مثل ذلك؟ قال ومن يعلم أنه سكران؟ إذن يقتل هذا ويقع في الحدود، ويسرق متاع هذا، ويقول إني سكران، لا أدري ما هذا؟ قال سحنون قال لي ابن نافع: أرى أن يجاز عليه كل ما فعل من البيع وغيره.

وسئل سحنون عنها فقال: أرى نكاحه وبيعه وهباته وصداقته وأعطياته بمنزلة واحدة سواء، لا يجوز منها شيء على حال من الحال، وإنكاحه بناته بمنزلة إنكاحه نفسه، لا يجوز ذلك، وعلى ذلك أكثر الرواة، قال: وإنما يجوز من أموره الحدود التي تجب في بدنه وطلاقه وعتقه، وما عدا هذا فليس بجائز عليه، وكذلك كتابته وتدبيره =

ص: 9

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

= مثل عتقه جائز عليه، قال: وإقراره بالدين لا يجوز وهو عندي مثل هبته، قال: وإذا أوصى السكران بوصية فيها عتق ووصايا القوم فإن ذلك لا يجوز أيضًا على حال، قال: وإذا أبت عتق عبيده في مرضه جاز ذلك عليه لأنه لو صح مضى ذلك عليه وهو بحال عتقه في صحته، فكل ما أعتق السكران في له فيه الرجوع مثل الوصية فلا يجوز، وكل ما أعتق مما ليس له فيه الرجوع فذلك جائز عليه، قال: وهو الذي آخذ به واللَّه أعلم.

رجع سحنون بالعتبية في وصية السكران وقال: أرى وصيته جائزة ما أوصى فيها من عتق أو وصايا لقوم أو غيره، لا يكون أسوأ حالًا عندي من الصبي والسفيه، وذلك أن وصيتهما جائزة. فالسكران عندي أولى أن تجوز وصيته.

قال محمد بن رشد: السكران ينقسم على قسمين: سكران لا يعرف الأرض من السماء ولا الرجل من المرأة، وسكران مختلط معه بقية من عقله إلا أنه لا يملك الاختلاط من نفسه فيخطئ ويصيب، فأما السكران الذي لا يعرف الأرض من السماء ولا الرجل من المرأة فلا اختلاف في أنه كالمجنون في جميع أفعاله وأقواله فيما بينه وبين الناس، وفيما بينه وبين اللَّه، إلا فيما ذهب وقته من الصلوت، فقيل إنها لا تسقط بخلاف المجنون من أجل أنه لما أدخل السكر على نفسه فكأنه قد تعمد تركها حتى خرج وقتها.

وأما السكران المختلط الذي معه بقية من عقله فاختلف أهل العلم في أقواله وأفعاله على أربعة أقوال:

أحدها: أنه في حكم المجنون الذي القلم عنه في الشرع مرفوع، فلا يحد في زنى ولا سرقة ولا قذف، ولا يقتص منه في قتل، ولا يلزمه عتق ولا طلاق ولا بيع ولا شراء ولا شيء من الأشياء، وهو قول أبي يوسف، وإياه اختار الطحاوي، واحتج له بما روي عن عثمان بن عفان أنه قال: ليس للمجنون ولا للسكران طلاق، وهو قول محمد بن عبد الحكيم من أصحاب مالك أن طلاق السكران لا يجوز.

والثاني: أنه في حكم الصحيح الذي ليس بسكران يلزمه ما يلزمه، لأن معه بقية من عقله يدخل به في جملة المكلفين بدليل توجه الخطاب إليه في قول اللَّه عز وجل:{يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَقْرَبُوا الصَّلَاةَ وَأَنْتُمْ سُكَارَى حَتَّى تَعْلَمُوا مَا تَقُولُونَ} وفيما روي أن منادي رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم كان ينادي إذا أقيمت الصلاة: "لا يقربن الصلاة سكران"، وهو قول ابن نافع في الكتاب: أرى أن يجاز عليه كل ما فعله من البيع وغيره.

وهو مذهب الشافعي وأبي حنيفة.

وقيل: إنما يلزمه ما يلزم الصحيح من أجل أنه هو أدخل السكر على نفسه، وليس بتعليل صحيح. =

ص: 10

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

= وقيل: إنما يلزمه ما يلزم الصحيح لأنه غير مستحق لاسم السكر؛ لأن السكران هو الذي لا يعرف الأرض من السماء ولا الرجل من المرأة، قال ذلك أبو حنيفة، وهو بعيد لأن اسم السكر واقع عليه بدليل ما ذكرناه من القرآن والسنة.

والثالث: أنه يلزمه الأفعال ولا تلزمه الأقوال، فيقتل بمن قتل ويحد في الزنى والسرقة، ولا يحد في القذف، ولا يلزمه طلاق ولا عتق، وهو قول الليث بن سعد.

والرابع: أنه تلزمه الجنايات والعتق والطلاق والحدود، ولا يلزمه الإقرارات والعقود، وهو مذهب مالك وعامة أصحابه، وأظهر الأقوال وأولاها بالصواب، لأن ما لا يتعلق به للَّه حق من الإقرارات والعقود إذا لم يلزم الصبي والسفيه لنقصان عقولهما فأحرى أن لا يلزم ذلك السكران لنقصان عقله بالسكر، وما سوى ذلك مما يتعلق للَّه به حق يلزمه ولا يسقط عنه قياسًا على ما أجمعوا عليه من أن العبادات التي هي حق اللَّه من الصوم والصلاة وأشباهما تلزمه ولا تسقط عنه بالسكر، هو قول مالك في أول المسألة في نكاح السكران: لا أراه جائزًا ليس معناه أنه عقد فاسد غير جائز، وإنما معناه: لا أراه جائزًا عليه ولا لازمًا له إن أراد الرجوع فيه وادعى أنه لم يعرف قدر ما عقده من ذلك على نفسه من أجل سكره، وذلك إذا أقر له بما ادعاه من ذلك منازعه وخصمه، وأما إن كان أنكره فلا يصدق ويلزمه النكاح إلا أن تكون له بينة أنه كان سكران لا يعقل، واختلف إن قالت البينة إنها رأت منه اختلاطًا ولم تثبت الشهادة سكره على قولين: أحدهما وهو المشهور أنه يحلف ولا يلزمه النكاح، روى ذلك زياد عن مالك وقاله مالك في المبسوط أيضًا، ومثله المريض يطلق ثم يدعي أنه لم يكن يعقل على ما في سماع ابن القاسم من كتاب طلاق السنة ومن كتاب الأيمان بالطلاق.

والقول الثاني أنه لا يصدق ولا يمكن من اليمين، ويلزمه النكاح، وهو دليل قوله في رواية أشهب عنه: وكيف يعلم ذلك؟ وأخاف إن ربح قال كنت صحيحًا، وإن خسر قال كنت سكران إلى آخر قوله.

وقول سحنون إنه لا يجوز نكاحه ولا بيعه ولا هبته ولا صدقته ولا عطيته ولا إقراره بالدين معناه أنه لا يلزمه شيء من ذلك، وله أن يرجع عنه إذا أفاق على ما بيناه من مذهب مالك وذكرنا وجهه.

وقوله: إن الكتابة والتدبير كالعتق والحدود في جواز ذلك عليه ولزومه صحيح على مذهب مالك، وأما وصيته بالعتق وغيره فالصحيح على مذهب مالك أنها جائزة على القول الذي رجع إليه سحنون، لأن حكم وصيته حكم ما عقده على نفسه من البيع وغيره، ولا يقال في شيء من ذلك على مذهب مالك إنه غير منعقد عليه، وإنما يقال فيه على مذهبه إنه غير لازم له لو أراد الرجوع فيه إذا أفاق من سكره، فإذا لم يرجع في وصيته حتى مات وجب أن تنفذ كما تنفذ وصية الصحيح من السكر، فقول =

ص: 11

ويحتمل استثناؤه من المنطوق، إلا أن يكون التمييز مع سكر ففي صحة عقده وعدمها تردد.

وأما من لا تمييز عنده فلا ينعقد منه اتفاقًا، وهما طريقان (1)، ففي كلامه إجمال؛ لعدم بيان ما أراد منهما، وقد يقال: إنه قصد الإجمال ليفيدهما.

ابن عرفة: والسكر بغير خمر مثله.

= سحنون الأول إن وصية السكران لا تجوز غلط وفق في سرعة الرجوع عنه وترك التمادي عليه، وكذلك تفرقته فيه بين ما بتل في مرضه من العتق وغيره إن مات من مرضه غلط أيضًا، والصحيح على مذهب مالك أنه إن مات من مرضه ذلك نفذ العتق وغيره من الثلث على معنى الوصية، وإن صح من مرضه ذلك نفذ عليه العتق ولزمه وكان له الرجوع فيما بتله من الهبة والصدقة من أجل السكر، واللَّه أعلم".

(1)

قال الخرشي (5/ 8): "الذي يتحصل في بيع السكران وشرائه على ما يظهر من كلامهم إن كان لا تمييز عنده أصلًا أنه لا ينعقد أي لا يصح اتفاقًا عند ابن رشد والباجي وعلى المشهور عند ابن شعبان، وأما إن كان عنده تمييز أي نوع من التمييز فلا خلاف في انعقاد بيعه، وإنما اختلفت الطرق في لزومه فحكى ابن رشد الخلاف في ذلك فقال وقول مالك وعامة أصحابه أنه لا يلزمه وهو أظهر الأقوال وأولاها بالصواب، وعزاه في المعلم لجمهور أصحابنا إذا علمت هذا، فلو أسقط المؤلف قوله إلا بسكر فتردد لكان أخصر ووافق المعتمد وسلم مما يرد عليه، وذلك لأن الاستثناء إن كان من المنطوق فالباء حينئذ بمعنى مع، والمراد بالسكر حينئذ نوع منه لا غيبوبة العقل المنافية للتمييز أي إلا أن يكون التمييز مع سكر فتردد وقد علمت أنه لا خلاف في انعقاد بيع السكران المميز أي صحته، وإنما الخلاف في لزومه والكلام هنا في انعقاده فلا تصح حكاية التردد فيه؛ لأنه خروج عما الكلام فيه وإن كان الاستثناء من المفهوم وعليه درج الشارح ومن وافقه أي فلا يصح بيع غير المميز إلا أن يكون عدم التمييز بسبب سكر فتردد.

وقد علمت أن بيع غير المميز غير صحيح إما اتفاقًا عند الباجي وابن رشد أو على المشهور عند ابن شعبان فالمناسب للاختصار والمطابق لما تجب به الفتوى الجزم بعدم صحته وترك ذكر التردد وإن كان ذكره صحيحًا على أنه مستثنى من المفهوم؛ لأنه أشار به لطريقة الباجي وابن رشد ولطريقة ابن شعبان وإن كان القول بالصحة فيها ضعيفًا؛ لأنه لم يلتزمِ فيه صحة كل من طرفيه والمراد بالسكر الحرام وهو الخمر أو غيره حيث كان متعديًا عالمًا أما إن شربه غير عالم أو للتداوي فكالمجنون".

ص: 12