الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
تتمة:
قال ابن المواز: لو شرط أن ما تلد ليس برهن لم يجز، لمناقضته مقتضى العقد.
قال بعضهم: ولا يندرج البيض؛ لتكرار الولادة.
واندرج فرخ نخل، يحتمل كونه بالمهملة أو المعجمة، ففي الجلاب:(وفرخ النحل والشجر رهن مع أصولها)، والظاهر أنه تكلم على المسألتين.
لا غلة، فلا تندرج، كأجرة دار ودابة وعين وعبد ولبن وجبن وسمن.
ولا يندرج في رهن الشجرة ثمره، وإن وجدت حين الرهن، وأشار بالمبالغة لرد قول ابن القاسم في المبسوط يندرج.
وظاهره: ولو أبرت، وهو كذلك على المشهور، وفرق بين الصوف والثمرة بفروق منها:
أن الثمرة تكونت بعمل الراهن ونفقته فكانت له، والصوف لا سبب له فيه.
وفرق بين الجنين والثمرة الموبرة بأن السنة حكمت بأن غلة الرهن للراهن، والجنين ليس بغلة، بل كعضو، فدخل كالبيع.
ولا يندرج مال عبد، فما يستفيده بهبته وشبهها أحرى.
تنكيت:
هذا كله فيما تقدم عند الإطلاق، فإن شرط اندراجه أو عدمه عمل به اتفاقًا.
ولما لم يكن من شرط الرهن أن يسبقه دين، بل يجوز أن يكون قبله ومعه، قال: وارتهن، أي: وجاز أن يدفع لشخص رهنًا على أنه إن أقرض الراهن أو غيره كان هذا رهنًا بقبضه الأول في مبلغ القرض قبل انعقاد القرض، خلافًا للشافعي، ولا يحتاج لتجديد قبض بعد القرض، أو دفع له
رهنًا على أنه إن باع كان رهنًا في الثمن، ونحوه في المدونة.
قال في النكت: ويكون رهنًا بما داينه من قليل أو كثير، ما لم تجاوز قيمته، بخلاف بائعه أو دائنه، وأنا عميل به؛ ففي المدونة: يلزمه إذا ثبت سلفه.
أو رهن رهنًا على أن يعمل له بنفسه عملًا، أو لمن يكريه؛ ليكون العمل في الذمة، لا بخصوصية، فيصح ذلك؛ لما سيأتي؛ لأنه سيقول:(لا في معين أو منفعته)، ويحتمل أن يحمل على المعين أيضًا، أي: أن المكري يأخذ الرهن بالأجرة المدفوعة للمعين على تقدير موت الأجير أو عمله، ويصح الارتهان، وإن كان العمل في جعل بعد العمل أو مطلقًا؛ إذ شرط المرهون به أن يكون دينا في الذمة لازمًا، أو صائرًا إلى اللزوم يمكن استيفاؤه من الرهن، ولا شك أن الجعل إما لازم، أو آيل إليه.
لا في معين أي: لا يصح الرهن فيه، كشراء ثوب بعينه، يأخذ به رهنًا، أو في منفعته، أي: المعين، كـ: اكترائه دابة بعينها، فلا يصح الرهن في ذلك؛ لأن الذمة لا تقبل المعين، ولأن المقصود من الرهن التوثيق للاستيفاء، ومحال استبقاء المعين أو منفعته من الرهن أو من ثمنه، ولا ينقض ذلك بالمعار يؤخذ به رهن، مع أنه معين؛ لأن الرهن فيه إنما هو لضمان القيمة بتقدير هلاكه، لا لاستبقاء الذات المعارة.
ولا يصح الرهن في نجم كتابة من أجنبي، بأن يعطي الأجنبي رهنا بما على المكاتب من النجوم.
ومفهومه: صحة الرهن في نجومها من المكاتب، وهو كذلك، ونحو هذا التفصيل في المدونة، وأطلق ابن الحاجب كابن شاس، وتعقبهما ابن عرفة، قائلًا: عموم قول ابن الحاجب: (لا رهن في نجوم الكتابة) تبعًا لابن شاس خلاف نصها: لا يصح الرهن بالكتابة من غير المكاتب ويصح منه.
وجاز للمرتهن شرط منفعته أي: الرهن لنفسه مدة معينة بشرطين:
الأول: إن عينت تلك المدة للخروج عن الجهالة.
والثاني: كون الرهن ببيع، أي: في عقده، لا في قرض؛ لأنه في البيع تكون المنفعة المشترطة جزءًا من الثمن، والثمن يجوز كونه منفعة مع شيء آخر، ويمنع ذلك في القرض؛ لأنه سلف جر نفعًا، ولو أبي جهالة الراهن بعد ذلك لم يجز في بيع ولا قرض؛ لأنه بغير عوض هدية مديان، وبه بيع مديان مسامحة.
وفي ضمانه أي: كل الرهن المشترط منفعته إذا تلف، وهو مما يغاب عليه، وهو رأي بعض المتأخرين؛ لأنه رهن، وصوبه ابن رشد، وعدم ضمان شيء منه كسائر المستأجرات، وهو رأي بعض آخر من المتأخرين، وعدم ضمان بعضه دون بعض، وهو رأي التونسي؛ لقوله: ينظر للقدر الذي ذهب منه بالإجارة، فإن كان الربع كان ربعه مستأجرًا، لا ضمان فيه، وثلاثة أرباعه مرتهنة، تضمن ضمان الرهان، تردد لهؤلاء.
ومن اشترى سلعة بثمن مؤجل على أن يرهن بثمنها رهنًا، أجبر عليه، أي: على دفعه بعينه للمرتهن، إن شرط ببيع وعين، كهذا الثوب؛ إذ:"المؤمنؤن عند شروطهم"(1)، ونحوه لابن الحاجب، وتعقبه ابن عرفة بأنه خلاف نصوص المذهب؛ لعموم جبره في المعين وغيره، وذكرنا كلامه في الكبير، فانظره.
(1) هذا حديث رواه من حديث رإقع بن خديج بلفظ: "المسلمون عند شروطهم فيما أحل": الطبراني (4/ 275، رقم 4404). قال الهيثمي (4/ 203)؛ فيه حكيم بن جبير، وهو متروك، وقال أبو زرعة: محله الصدق إن شاء اللَّه. وأخرجه أيضًا: الإسماعيلي (3/ 749)، وابن عدي (6/ 42 ترجمة 1586 قيس بن الربيع).
ورواه بلفظ: "المسلمون عند شروطهم ما وافق الحق من ذلك" من حديث أنس: الدارقطني (3/ 28)، والحاكم (2/ 37، عقب رقم 2310)، والبيهقي (7/ 249، عقب رقم 14213).
ومن حديث عائشة: الحاكم (2/ 37، رقم 2310)، والبيهقي (7/ 249، رقم 14213).
ومن حديث أبي هريرة: البيهقي (6/ 79، رقم 11211). وأخرجه أيضًا: ابن الجارود (ص 161، رقم 637).