الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
المازري: ولو فعلاه على أن ينظر إليهما ويتأملهما فإن رضي أمسك جاز. انتهى.
تنكيت:
ما وقع في الشارحين نهى عن بيعتين ولمستين، صوابه بالباء.
وكبيع الحصاة أي نُهيَ عنه؛ لخبر مسلم: "نهى رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم عن لحصاة وبيع الغرر"(1).
واختلف في تفسير بيع الحصاة (2): هل هو بيع منتهاهما، كأن يبيع
(1) رواه مسلم كما قال الشارح (5/ 3، رقم: 3881).
(2)
قال السيوطي في شرحه صحيح مسلم (4/ 138 - 139): "عن بيع الحصاة هو أن يقول بعتك من هذه الأثواب ما تقع عليه الحصاة التي أرميها أو بعتك من هذه الأثواب من هاهنا إلى ما انتهت إليه هذه الحصاة أو بعتك على أنك بالخيار إلى أن أرمي بهذه الحصاة أو إذا رميت هذا الثوب بالحصاة فهو مبيع منك بكذا.
وعن بيع الغرر قال النووي هذا أصل عظيم من أصول كتاب البيوع ويدخل فيه ما لا ينحصر من المسائل".
قال عياض في الإكمال (5/ 74 - 75): "قال الإمام: تضمنت هذه الأحاديث النهى عن بيع الحصاة وعن بيع الغرر، وعن بيع حبل الحبلة: فأما الغرر فهو اسم جامع لبياعات كثيرة، منها هاتان البيعتان: بيع الحصاة وحبل الحبلة، على أحد التأويلات فيها، فأما الغرر وبما تردد فبيئ السلامة والعطب وما في معنى ذلك؛ وذلك أنه يلحق بمعنى إضاعة المال لأنه قد لا يحصل المبيع، ويكون بذل وقد رأينا العلمَاء أجمعوا على فساد بعض بياعات الغرر وأجمعوا على صحة بعضها، واختلفوا في بعضها.
فيجب أن يبحث عن الأصل الذي يعرف منه اتفاقهم واختلافهم، فنقول: إنا لما رأيناهم اجمع على منع بيع الأجنة، والطير في الهواء، والسمك في الماء، ثم رأيناهم أجمعوا على جواز بيع الجبة وإن كان حشوها مغيبًا عن الأبصار، ولو بيع حشوها على انفراده لم يجز، وأجمعوا على جواز إجارة الدار مشاهرة، مع جواز أن يكون الشهر ثلاثين أو تسعًا وعشرين، وأجمعوا على دخول الحمام، مع اختلاف الناس في استعمال الماء وطول لبثهم في الحمام، وعلى الشرب من الساقي، مع اختلاف عادات الناس فيه -أيضًا- قلنا: يجب أن يفهم عنهم أنهم منعوا بيع الأجنة لعظم غررها وشدة خطرها، وأن الغرر فيها مقصود يجب أن يفسد العقود. =
من أرضه بقدر ما ينتهي إليه رميتها، ولا شك في جهله؛ لاختلاف قوة الرامي وضعفها، أو يلزم البيع بوقوعها من يده.
ابن عسكر: أي متى سقطت لزم البيع؛ لأنه بيع لأجل مجهول. انتهى.
وقال المازري: إن كان معناه إذا سقطت باختياره فهو بيع جائز، إذا وقع مؤجلًا، لا يمنع، إلا أن يكون ثمنه مجهولًا، أو مضافًا إليه شيء يفسده، مثل أن يقول: متى تركت حصاة ولو بعد عام وجب البيع.
أو يلزم البيع على ما تقع عليه الحصاة بلا قصد منه لشيء معين للجهل بعين المبيع.
= ولما رأيناهم أجمعوا على جواز المسائل التي عددناها، قلنا: ليس ذلك إلا لأن الغرر فيها نزر يسير غير مقصود، وتدعو الضرورة إلى العفو عنه.
فإذا أثبت هذا ووضح ما استنبطناه من هذين الأصلين المختلفين قلنا: يجب أن ترد جميع مسائل الخلاف الواقعة بين فقهاء الأمصار في هذا المعنى إلى هذا الأصل، فمن أجاز قدر أن الغرر فيما سئل عنه غير مقصود، وقاسه على ما تقدم. فمن منع قدر أن الغرر مقصود، وقاسه على ما تقدم أيضًا.
وأما بيع الحصاة فاختلف في تأويله اختلافًا كثيرًا، وأحسن ما قيل عنه تأويلات منها:
أن يكون المراد أن يبيع من أرضه قدر ما انتهت إليه رمية الحصاة، ولا شك أن هذا مجهول لاختلاف قوة الرامي، وعوائق الرمي.
وقيل: معنل، أي ثوب وقعت عليه حصاة رمى فهو المبيع.
وهذا -أيضًا- مجهول، كالأول.
وقيل: معناه: ارم بالحصاة، في خرج كان لى بعدده دنانير أو دراهم، وهذا -أيضًا- مجهول.
هذه ثلاث تأويلات تتقارب وكلها يصح معها المنع.
وقد قيل تأويل رابع وخامس، قيل: معناه: أنه إذا أعجبه الثوب ترك عليه حصاة.
وهذا إذا كان بمعنى الخيار، وجعل ترك الحصاة علمًا على الاختيار لم يجب أن يمنع، إلا أن تكون عادتهم في الجاهلية أن يضيفوا لذلك أمورًا تفسد البيع، ويكون ذلك عندهم معروفًا ببيع الحصاة، مثل أن يكون متى ترك حصاه -وإن كان بعد عام- وجب له البيع فهذا فاسد.
وقيل -أيضًا-: كان الرجل يسوم الثوب وبيده حصاة، فيقول: إذا سقطت".
والظاهر: أن قوله: (بلا قصد) خاص بهذه، وجعله بعضهم للتي قبلها أيضًا، أو بعدد ما يقع؟ عليه، بأن يقول البائع للمشتري: ارم الحصاة فما يخرج فلي بعدده دراهم أو دنانير، كذا عزاه بعضهم للمعلم، وعزا له المصنف في توضيحه كابن شاس أن يقول: ارم بالحصاة، فما خرج فلك بعدده دنانير أو دراهم وتبعه الشارحان تفسيرات، هو معنى قول المازري في هذا الحديث تأويلات، وعدل عن لفظه لئلا يتوهم عودها على المدونة، كما هو في اصطلاحه.
وكبيع ما في بطون الإبل أو ظهورها أو إلى أن ينتج النتاج، القاموس: نتجت الناقة كعني نتاجًا.
وفسر المصنف الثلاثة لفًا ونشرًا مرتبًا، فقال: وهي المضامين والملاقيح وحبل الحبلة، والنهي فيه خبر الموطأ عن سعيد ابن المسيب: "لا ربا في الحيوان، وإنما نهى فيه عن ثلاثة: المضامين والملاقيح وحبل الحبلة.
والمضامين: ما في بطون الإبل.
والملاقيح: ما في ظهور الفحول.
وحبل الحبلة: بيع الجزور إلى أن ينتج نتاج الناقة" (1). كان أهل الجاهلية يبيعون لهم.
الجزولي: حبل الحبلة وخبل الحبلة: أن ينتج الناقة ثم يحمل الذي تنتجه.
ونقله الصقلي عن مالك مطلقًا، لا بقيد كونها في الإبل.
وكبيعه دارًا مثلًا بالنفقة عليه، أي: على البائع من المشتري حياته؛ إذ لا يدري ما يعيش، فإن وقع فسخ، ورجع المشتري على البائع بقيمة ما
(1) رواه مالك (2/ 654، رقم: 1334)، وعبد الرزاق (8/ 20، رقم 14137)، والبخاري تعليقًا (2/ 776).