الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
فلا يجوز حينئذ منها إلا خمسة أوسق فأقل على الأرجح من الخلاف عند ابن يونس.
تنبيه:
تعقب الشارح ومن تبعه إتيان المصنف بصيغة الاسم بأنهم لم يروا ترجيحه لذلك، وقد ذكرنا الجواب عنه في الكبير.
ثم ذكر أن جواز العرية بالشروط السابقة معلل بإحدي علتين على البدل، فقال:
[1]
لدفع الضرر، بدخوله وخروجه على المعري بالكسر، مما لا يريد اطلاع أحد عليه.
[2]
أو للمعروف، وهو الرفق بالمعرى بالفتح؛ لكفاية حراسته ومؤنتة عنه.
وعلل مالك وابن القاسم بهما، وعلى العلة الأولى فلا يشتري بعضها لبقاء الضرر لدخوله بما بقي له، وأما على الثانية -وهو الذي ذكره المصنف بقوله: - فيشتري بعضها نصفًا أو ثلثًا أو غيره، إن كان خمسة أوسق فأقل، وإن كانت أكثر اشترى خمسة فأقل؛ إذ لا يمنع أن يقوم المعري بالكسر عن المعرى بالفتح ببعض ما يلزمه، ككل الحائط، إذا أعرى جميعه وهو خمسة أوسق فأقل، فيجوز له شراء جميعه على الثاني لا الأول؛ إذ لا ضرر على رب الحائط مع كون جميع الثمرة لغيره؛ لأنه لا يكثر دخول الحائط بأهله.
وقول البساطي في هذه: (إذا قلنا بحصول المعروف، فلا يجوز) خلاف قول ابن الحاجب لما ذكر العلتين.
فقيل: لدفع الضرر.
وقيل: لقصد المعروف.
وعلى الأول لا يشتري بعضها أولًا جميعها إن كانت كل الحائط.
وجاز للمعري بالكسر بيعه الأصل للمعري بالفتح، على أن المصدر
مضاف لمفعوله، فيصير مالكًا للرقاب والثمر، أو لغيره على أنه مضاف للفاعل (2)، كان ذلك قبل شراء العرية أو بعده، وذكر جواز بيع الأصل؛ لئلا يتوهم أن بعض تعلقات العرية لازمة له، فلا يجوز بيعه الأصل، وجاز لك سمراء ثمرة أصل كبلح وعنب ولوز مملوك ذلك الأصل لغيرك في حائطك بدا صلاحه بخرصه، إن قصدت المعروف فقط، لا إن قصدت بالشراء دفع الضرر، فيمنع؛ لأنه بيع ثمر برطب؛ لأنه لم يعره شيئًا فيشتريه بخرصه، ونحوه في المدونة.
قال البساطي: قياسًا على بيع العرية، والرخصة يجوز القياس عليها عند كثير، ولا سيما إذا عللت.
وبطلت عرية إن مات معريها أو فلس قبل الحوز لمعراها اتفاقًا؛ لأنها عطية كسائر العطايا.
واختلف في حوزها: هل هو حوز الأصول فقط، أو لا يكفي، ولا بد معه من أن يطلع ثمرها، بضم المثناة التحتية، أي: يوضع فيه الطلع، وهو التأبير، أو فتحها؟ تأويلان في فهم قولها في العوية:"وإن مات المعري قبل أن يطلع في النخل شيء، وقبل أن يحوز المعرى عريته، أو مات وفي النخل ثمر، لم يطلب، فذلك باطل، وللورثة رده، ويكون ميراثًا لهم".
وفي هباتها عن ابن القاسم: "إن وهبه ما تلد أمته أو ثمرة نخله
(1) إضافة المصدر إلى الفاعل أولى من إضافته إلى مفعوله، قال ابن جني في الخصائص (2/ 406) في فصل التقديم والتأخير: "ومن ذلك قوله:
فزججتُها بمزَجَّة زَجَّ القلوصَ أبي مزاده
أي: زَج أَبي مزادة القلوص، ففصل بينهما بالمفعول به، هذا مع قدرته على أن يقول: زجَّ القلوص أبو مزادة كقولك: (سرنى أكلُ الخبز زيدُ).
وفي هذا البيت عندى دليل على قوة إضافة المصدر إلى الفاعل عندهم، وأنه في نفوسهم أقوى من إضافته إلى المفعول؛ ألا تراه ارتكب ههنا الضرورة مع تمكنه من ترك ارتكابها، لا لشيء غير الرغبة في إضافة المصدر إلى الفاعل دون المفعول".
عشرين سنة جاز، إذا حازه الأصل والأمة، أو حاز ذلك له أجنبي" انتهى.
وانظر الكلام في البساطي في تعقبه على المصنف التأويل الأول في الكبير.
وزكاتها أي: العرية إن كانت خمسة أوسق فأكثر وسقيها حتى تنتهي على المعري بالكسر، وكلامه مشعر بأن الموهوب الثمن فقط، وهو كذلك، وإن لم يكن فيها خمسة أوسق كملت من ثمر الحائط، وزكاها المعري بالكسر.
وإنما قال: وكملت؛ لأن الزكاة لا تجب في أقل من خمسة أوسق، والعرية قد تكون أقل، وهذا بخلاف الواهب، لا زكاة عليه ولا سقي، وإنما هو على الموهوب له، والفرق: أن العرية لما جاز بخرصها دفعًا للضرر عن المالك، جعلوا الزكاة والسقي عليه، ولا كذلك الواهب.
قال المصنف: وانظر لو أعسر المعري أي: بالكسر، هل تؤخذ من المعري بالفتح، ولها نظائر.
وتوضع جائحة الثمار المبيعة على رؤوس الشجر، وهي كما قال ابن عرفة: ما أتلف من معجوز عن دفعه عادة قدرًا من ثمر أو نبات بعد بيعه.
ولما كان لا فرق فيما توضع جائحته بين أن ييبس ويدخر كالبلح والعنب والجوز واللوز، وما لا ييبس كالموز والخوخ والأترج مما يطرح بطنًا، كما ذكر، أو بطونًا، ولا يحبس أوله على آخره، بل يؤخذ شيئًا فشيئًا، ذكر ما يعم ذلك، وهو قوله: الثمار كالورد والياسمين والمقاثئ.
وتوضيح الجائحة إن لم تبع الثمرة على الجذ، وإن بيعت على الجذ أي: على أن لا تؤخر، فأصابتها الجائحة قبل الجذ، وإن كانت من عريته بأن اشتراها من معيرها، أو من تنزل منزلته، ثم أجيحت؛ لأنها مبيعة، فله حكم المبيع، ولا تخرجها الرخصة عن ذلك على المشهور.
لا ثمرة مأخوذة في مهر، فليس للزوجة قيام بجائحتها على الأصح؛ لأن النكاح مبني على المكارمة، وليس بيعا حقيقة، خلافًا لابن الماجشون.
وشروط وضعها ثلاثة، أشار لأحدها بقوله: إن بلغت ثلث المكيلة فأكثر اتفاقًا، لا ثلث القيمة على الأصح، فلو كان المجاح الربع من جميع الثمرة، وقيمة الثلث فأكثر، لم يوضع شيء، ولو ساوى ثلثها فأكثر أقل من ثلث القيمة، ونفعت، ولو كان في الحائط أصناف أجيح من صنف من نوع اشتمل على أصناف، كصيحاني وبرني وعجوة أصيب الصيحاني أو بعضه، فكان المصاب منه ثلث مكيلة جميع الحائط وضعت، وإن كان دون الثلث لم توضع، وهو مذهب المدونة.
وأشار للثاني بقوله: وبقيت على رؤوس الشجر، لينتهي طيبها، ففيها الجائحة اتفاقًا، وخرج بذلك ما طاب وبقيت فيه رطوبة، كالعنب بعد بدو صلاحه، فلا جائحة فيه عند ابن القاسم.
وأشار لثالثها بقوله: وأفردت عن أصلها بالعقد عليها، أو أفردت ثم ألحق أصلها في الشراء، ففيها الجائحة، لأنها مقصودة بالشراء، لا عكسه، وهو: شراء أصلها، ثم شراؤها بعده أو معه، فلا جائحة في الصورتين، على خلاف في الأولى، وباتفاق في الثانية.
وإذا أصابت الجائحة شيئًا مما يطعم بطونًا، نظر ما أصيب من البطون إلى ما بقي سليمًا، فإن كان المصاب الثلث فأكثر وضع ما يقابله من الثمن، والنظر بقيمة كل منهما إنما هو في زمنه، فيقوم المجاح يوم الجائحة، ويستأنى بالثاني كما يأتي، لا يوم البيع، أي: لا يقوم المصاب وغيره يوم البيع بقدر قيمة كل بطن في زمنه، بل يوم يزول الجائحة، وتأوله سحنون وابن أبي زمنين على قول المدونة: "من اشترى مقتاة بمائة فأجيح منها بطن، ثم جنى بطنين فانقطعت، وإن كان المجاح مما لم يجح قدر ثلث النبات قوم في زمانه، فإن قيل: قيمته ثلاثون لغلاء أوله، والبطن الثاني عشرون، والثالث عشرة لرخص آخره رجع بنصف الثمن.
ولا يستعجل فيقوم البطن الثاني والثالث مما لم يصب وقت تقويم المصاب على ما جرى من عرف عادتها، بل يستأنى حتى يجني جميع بطونها فيقوم على يقين، لا على حدس وتخمين، وعليه تؤولت المدونة