الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
غير يسير حتى ظهر لهم الماء كالسيل أعذب ما يكون من الماء، ففرحوا به وما صبروا فأيقظوا السيد أحمد وذكروا له الحال، فقال بارك الله بكم لو صبرتم لجرى على وجه الأرض كما قلت لكم ولكن هذا قسم في الأزل، وهذا البئر المذكور باق إلى الآن في الكبيسة ولا نظير له بين مياه تلك الديار، ولو صرفنا عنان القلم لتعداد خوارق صاحب الترجمة لطال المجال، إذا مر منها مفخر جاء مفخر، بيته معمور، وذكر منشور، وشأنه مشهور، والولاية تتسلسل بذريته إلى آننا هذا انتهى.
توفي صاحب الترجمة سنة خمس وعشرين ومائتين وألف، ودفن بزاويته بعانة، وقبته مزار الخواص والعوام وذريته المباركة براوة وعانة وكلهم أعلام أفاضل وكراماتهم شهيرة وسيرتهم الحسنة في بلادهم وغيرها معروفة قدس الله أسرارهم أجمعين.
الشيخ أحمد بن الشيخ عبد الجواد بن الشيخ عبد اللطيف بن الشيخ حسين بن
الشيخ عطية بن الشيخ عبد الجواد القاياني يتصل نسبه بسيدنا أبي هريرة رضي الله عنه
دوحة فضل ثمرها يانع، وسماء مجد كوكب عنقها لامع، وحديقة جمال قد احتفت بالجداول، وحقيقة كمال قام لإثباتها واضحات الدلائل، من بمدحه تحلى أجياد الطروس العاطلة، وبنتائج فضله تدحض الحجج الباطلة، كيف لا وهو من صدور الأعيان الأعاظم، الحائزين قصب السبق بشهادة كل ناثر وناظم، ولد في الحادي والعشرين من ربيع الآخر سنة سبع وخمسين بعد المائتين والألف ونشأ في حجر والده إلى أن حفظ القرآن وبعض المتون، ثم أرسله والده إلى الأزهر للطلب وإتقان الفنون، وأوصى به تلميذ أبيه الشيخ خليفة السفطي فأنزله منزلة الولد وكان له في سائر أموره سنداً وأي سند، إلى أن علا ذكره وفاق، وانعقد على تقدمه
الاتفاق، ولما توفي الشيخ خليفة السفطي وضع في مكانه شيخ رواق السادة الفشنية لما ناله من الكمال، وبلغ به مبلغ القادة من الرجال، وذلك في شهر محرم الحرام سنة ثلاث وتسعين بعد المائتين والألف، وذلك بعد أن أجازه شيخ الإسلام الشيخ مصطفى العروسي شيخ الأزهر، وأجازه بقية العلماء بما تجوز لهم روايته عن مشايخهم ذوي المقام الأبهر، وقد نظم رسالة اليونسي في البيان، وشرح منظومة الحميدي، وله منظومة في النحو على نسق منظومة الشبراوي وله رسائل كثيرة، وتقريرات شهيرة، ولما حصلت الوقعة العرابية، مع الدولة الإنكليزية، واستولى الإنكليز على مصر، ووقع بأعيانها وعلمائها كل ضيق وعسر، كان من جملة من انتفى منها المترجم وأخوه الشيخ محمد إلى بيروت ومدة نفيهما أربع سنوات، وفي سنة ثلاث وثلاثمائة وألف حضرا إلى الشام وزارهما الشاعر الأديب الشيخ محمد الهلالي فخاطبه المترجم في الحال، على طريق الارتجال بقوله:
في آخر الشهر جئنا
…
دمشق ذات الجمال
فكان أمر عجيب
…
وذاك رؤيا الهلال
وفي هذه السنة بعينها اجتمعت بهما في مدينة بيروت وانعقدت بيننا محبة عظيمة، ومودة جسيمة، وكان درسهما في الصباح يشهد لهما بعلو المقام، وسمو المعرفة، إلا أن الأخ الكبير الشيخ محمد كان يغلب عليه حال الطريق مع كماله في العلم، وأما المترجم فإنه يغلب عليه العلم وإن كان متمكناً في الطريق، وبالجملة فإنهما فرع شجرة زكية، وصفوة لسادة أهل رتبة علية، ما منهم إلا كامل وأكمل، وفاضل وأفضل، وللناس بهم اعتقاد كامل، فيجعلونهم لحل مشكلاتهم من أعظم الوسائل، توفي رحمه الله وأعلى في دار الرضواه مرتقاه، في شهر جمادى سنة الف وثلاثمائة وثمانية ودفن في بلد أبيه وجده في القايات؟