الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
تساعده على مرامه، إلى أن صار عنده جم غفير، وعدد من الشجعان كثير، فملك نجداً وما حولها وجلس على مهاد الامارة النجدية، ولم يبق له معارض ولا منازع، وطرد عساكر المصريين، واستقر على عرش الراحة والتمكين، إن أمر فما لأمره من عاص، وإن نهى فما لمخالفه من خلاص، وبقي على مهاد هذه الإمارة عشر سنوات. وفي أثناء هذه المدة تخلص بعمل الحيلة ابنه فيصل، وفر من مصر هارباً، ولم يزل يقطع البراري والقفار، ويقاسي الشدائد الكبار، إلى أن وصل إلى أبيه المترجم، وأحسن الله له بالخلاص من الأسر وأنعم، ثم إن ابن أخت المترجم مشاري ثار على خاله المترجم، وأراد نزع الإمارة من يده، فعمل الوسائل، وقام قيام الأسد الصائل. وفي أثناء هذه المدة توجه ابن المترجم فيصل غازياً البحرين، فوجد مشاري أنه قد خلا له الجو، ولم يبق للمترجم من مانع يمنعه، فاغتنم الفرصة وقتله واستولى على الإمارة مكانه، وذلك سنة ألف ومائتين وتسع وأربعين، ولما بلغ فيصل بأن مشارياً قتل أباه حضر إليه من غير مهلة وقتله، وكانت إمارة قاتل المترجم أربعين يوماً وتأمر فيصل مكانه.
توفيق أفندي بن محمد أفندي أبي السعود بن سعدي أفندي الأيوبي نسبة إلى
سيدنا الصحاب الجليل أبي أيوب خالد الأنصاري النجاري رضي الله تعالى عنه وعن ذريته
ذو التحقيقات الواضحة، والتدقيقات الراجحة، والإدراكات السامية، والاستنباطات النامية، والكمالات المعروفة، والآداب الموصوفة، ولد
كآبائه في دمشق الشام، وتربى بين علمائها الأعلام، ونهج أولي المناهج، وعرج للترقي أعلى المعارج، إلى أن بلغ مبلغ الكمال، ونبغ في محاسن الأقوال والأفعال، وتحلى بحلية من سلف، واستبدل الدر الثمين بالصدف، واعتصم بحبل الكتاب والسنة، ورأى أن توفيقه لذلك أعظم منة. وله نظم كالدر المنظوم، ونثر يفوق نثر النجوم، ومن نظمه المستطاب، في مدح السيد أحمد الرفاعي قطب الأقطاب، قوله:
غيري مناه ظبية وغزال
…
وهواه معسول اللمى مختال
ومناي كأس مدامة ما شابها
…
مزج وشابت دونها الآمال
عيناً بها شرب الأولى وطئوا السها
…
شرفاً ونالوا رفعة ما نالوا
عيناً بها انفجرت ينابع حكمة
…
وغدا شفاء ماؤها السلسال
عيناً بها سر تنزه عزة
…
عن أن تحيط بعشره الأقوال
بيد مباركة مقدسة لها
…
مدت يد منها الكمال ينال
يد أحمد أعني الرفاعي الذي
…
هو في البرية زينة وجمال
مدت لها يد أحمد خير الورى
…
هذا هو التعظيم والإجلال
وبطي ذاك بشارة نبوية
…
ما حازها الأقطاب والأبدال
إن الذين يبايعونك إنما
…
قد بايعوه وحفهم إقبال
وإشارة لكمو بإرث مقامه
…
وبأن عثرة، لائذيك تقال
هو آخذ بيمينكم ويمينكم
…
بيد المريد أبعد ذاك ضلال
ودعتموا فأجابكم وعليكمو
…
رد السلام وحسبكم إبجال
وسلامه أمن لكم ولمن بوا
…
ثق حبلكم علقت له آمال
ولذا دعاكم حين ناديتم وذا
…
مجد أثيل ما له أمثال
صح انتسابكمو لحضرة قدسه
…
بالمعنيين وانتفى الإشكال
يا صاحب العلمين يا قمر الدجى
…
يا طاهر النسبين يا مفضال
يا سيداً للفرقتين وحائزاً
…
للخلعتين علاك كيف يطال
ومجدد الدين الحنيفي بعد ما
…
درست معالمه وكاد يزال
بالانكسار سموت أسنى منزل
…
خضعت لعزة مجده الأقيال
وعنت وجوه أولي الوجاهة خشعاً
…
لما علاهم من سناك جلال
توجت تاج كرامة ورفلت في
…
حلل الصفا وثيابك الأسمال
ووقفت في باب المليك فأوقفت
…
في بابك الأقطاب والأبدال
وبلغت من فلك الكمال سنامه
…
فلك النجوم الشامخات نعال
وحللت ذرة هام أشرف رتبة
…
وخلال مجدك ما لهن مثال
يا نجل صيد طاهرين أماجد
…
بهم عن الأكوان زال وبال
آباء صدق لا يرام علاهمو
…
وهمو لفخر الأنبيا أنجال
نص الكتاب أتى يخبر عنهمو
…
بخصائل لم تحكهن خصال
فتحوا قلوباً سكرت ونواظراً
…
عميت وأسماعاً لها أفعال
عنهم روينا المكرمات ومنهمو
…
وعليهمو كل الأنام عيال
وإليهمو الأرواح حنت حيث لو
…
لاهم لما كانت لها أوصال
لا غرو يا ابن الأوصياء إذا غدت
…
عن وصف ذاتك تقصر الأقوال
أوتيت فهماً في الكتاب وحكمة
…
ومكانة بالسعي ليس تنال
ونطقت في مهد الطفولة منبئاً
…
بعلاك قولاً ما به: أيقال؟
وعليك مائدة المواهب أنزلت
…
فغدت تفصل ما به إجمال
فحكيت روح الله يا روح العلا
…
وسناك نسخته وأنت مثال
والنار قد خمدت لذكرك واغتدى
…
بكمو سلاماً حرها القتال
والشائل العجفاء درت عندما
…
فازت بلثم يد نداها خال
ولنخلة الجرعا أشرت فأذعنت
…
وسعت إليك يسوقها إرقال
وكذاك أسماكٌ ببصرة أبصرت
…
ذاك البهاء فأقبلت تنثال
من مثل هذا الوارث النبوي من
…
صبت عليه من العلوم سجال
أخلاق حضرة جده أخلاقه
…
وكذا له أحواله الأحوال
وشعاره آدابه ودثاره
…
آثاره وفعاله الأفعال
وطريقه أن تخلع الكونين مع
…
أدب يزين بهاءه الإذلال
وطريقه صدق وفقر دائم
…
وخلائق تزهو بها الأعمال
وطريقه جد بلا كسل فلا
…
قيل لديه بنافع أو قال
أنى أحيط بوصف ذات قدست
…
إذ ليس تقدر قدرها الأقوال
أعيت مناقبها الفصيح وأخرس
…
المنطيق عنها واستحى القوال
لكن أردت بأن أفوز بخدمة
…
لكمو ليخدمني بها الإقبال