الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
المبعوث إلى كافة الأمم، وآله وصحبه الذين نبغوا من ضئضئ الكرم، وفازوا بأعلى درجات الحكم. وبعد فهذا الكتاب المسمى " بحديقة الأفراح لإزاحة الأتراح " المحتوي على مباهج قرائح البلغاء، المشتمل على نتائج أفكار الفصحاء، تذكرة لأولي الألباب، وتبصرة لذوي الآداب، قد ألفه الإمام البارع اللوذعي الألمعي، وحيد عصره وفريد دهره، العالم الرباني الأوحد الأديب الأمجد، الشيخ الأجل أحمد بن محمد الأنصاري اليمني الشرواني، لا زالت إفادته شاملة للخواص والعوام ما دامت غياهب الليالي وأنوار الأيام.
وله نثر فائق وشعر رائق، غير أني لم أقع منها إلا على ما كان باللغة الفارسية فلم أكتبه. توفي المترجم المرقوم رحمه الله تعالى سنة ألف ومائتين ونيف وثلاثين.
علي بن محمد العنسي جمال الدين اليمني
هو من رجال الحديقة وأهلها ذوي الآداب الأنيقة، فقال في ترجمة المرقوم الذي هو في سلك الأفاضل منظوم: علي المجد والمقام واحد في صناعة النثر والنظام، ثمرات أفنان نفائس آدابه فرائد، وجداول طيباته جارية بالجواهر لكل ملم بغياض فنونه ووارد، ألفاظه بخندريس الرقة وشراب الجزالة ممزوجة، ومعانيه الباهرة يبهر حسنها عقل من شاهد مروجه. فمن لطائفه قوله مجاوباً الفقيه الأديب أحمد الرقيحي:
كذا يتجنى في الهوى فارغ القلب
…
إذا رحت أشكو العتب غالط بالعتب
أيا ملزمي ذنباً وليس بمذنب
…
سواه ألا اصفح عن شج مغرم صب
رضيت بما ترضى علي ولم أقل
…
جرى الدمع ياقوتاً ولا قلت ما ذنبي
فديتك لولا أن لي فيك صبوة
…
لما شرقت عيني من المدمع الغرب
لقد آن أن ترضى عن المغرم الصب
…
وتصفح عما قد أتيت من الذنب
فلولاك لم أبكي بمحمر أدمعي
…
عقيقاً ولا أشتاق للرمل والكثب
ولا بت في دهم الليالي لشهبها
…
سميراً دموعي الحمر يا منيتي شربي
ولا رحت مسلوب الكرى واجب الحشى
…
أعذب بالإيجاب منك وبالسلب
أما وجفون منك تلتذ بالكرى
…
وتنشد أجفان الأنام ألا هبي
ونور جبين تحته نون حاجب
…
وقد على ردف كغصن على كثب
لقد تركت قلبي عيونك في الهوى
…
رهين غرام لا يفيق عن الحب
عجبت لها وهي التي بفتورها
…
على ضعفها تضني وإن صحفوا تصبي
أتدعى عيوناً وهي في فعلها بنا
…
أسود وما غاباتهن سوى الهدب
وأعجب من ذا أن خصرك ناحل
…
وفيه شفاء الواله المغرم الصب
لي الله ما لي في الهوى من مساعد
…
أبث إليه ما ألاقي من الكرب
ووا حزني من تائه في جماله
…
علي ومن أسياف عينيه واحزني
فتنت ببدر كمل الله حسنه
…
منازله في الطرف مني وفي القلب
وظبي كناس بالغضا من جوانحي
…
له مرتع لا بالغضا موضع السرب
يقولون صحبي هل سلوت وقد نأى
…
فقلت نعم عن صحة الجسم واللب
وقالوا وهل تقضي لبانة عاشق
…
فقلت نعم أقضي ولكن به نحبي
رعى الله دهراً كان لي فيه مسعداً
…
بلقياه ما خمري سوى لفظه العذب
ويجمعنا روض به الطير مطرب
…
وساقيه نهر فوقه راقص القضب
تراه بأنواع الزهور مطرزاً
…
كنظم صفي الدين طرز بالكتب
وقوله مكاتباً الفقيد أحمد الرقيحي:
تبدت فغاب البدر بالأفق واستخفى
…
وماست فكاد الجو يسرقها لطفا
وأرخت دجى شعر فقلت لصاحبي
…
أليلتنا قد أرسلت وارداً وجفا
ولاح عليها قرطها وهو خافق
…
فبتنا نرى الجوزاء في أذنها شنفا
حبابية الألمى مدامية اللمى
…
يدير الحميا كأس أجفانها الوطفا
أغالط فيها واشياً ومفنداً
…
لأكتم حبي والصبابة لا تخفى
فإن قلت آهاً للعذيب فإنما
…
أردت الشنيب العذب لهفاً له لهفا
وإن همت في بان الحمى وكثيبه
…
فما رمت إلا قدها اللدن والردفا
أما وأبيها ما رأتني بخالها
…
أخا لوعة إلا زهت وانثنت عطفا
ومال بها خمر الشبيبة والصبا
…
فصدت ولولا الصد لم تعرف الحتفا
أتوردني من طعن عسالها الردى
…
وتمنعني من طعم معسولها الرشفا
ولولا حلى نظمي وأحمر مدمعي
…
لما طوقت جيداً ولا خضبت كفا
أرى خدها يا طرف للحسن جامعاً
…
فأجري عليه مدمعي أبدا وقفا
ويا فرعها قد كنت أصل ضلالتي
…
وكم ضل سار في الظلام إذا التفا
لئن ضعفت خصراً وجفناً وموثقاً
…
فقد زاد ذاك الضعف جسمي به ضعفا
نديمي قد بان الفريق وفرقت
…
يد البين عن ألف معنى الحشا إلفا
فعلل بذكراها فؤادي واسقني
…
سلافاً يحاكي شعر شمس الهدى لطفا
وقوله مكاتباً بعض خلانه
عوفيت من نار أشواقي ومن كلفي
…
ماذا تريد بهذا البين من تلفي
يا نازح الدار والذكرى تقربه
…
أضنيت نازح در الدمع بالذرف
ويا حبيباً همى دمعي لفرقته
…
والغيث إن تحتجب شمس الضحى يكف
سل الدجى هل رآني راقداً وسل العذال هل شهدوني خالي الأسف
تركتني ما لسقم في من طمع
…
قد صرت للبين ذا روح تردد في
كم قلت بعدك للطرف القريح وقد
…
رمته يا بدري العذال بالسرف
انفق ولا تخش إقلالاً فقد كفلت
…
لك الصبابة والأشواق بالخلف
يا من إذا قال ظبي البيد يشبهه
…
جيداً قضينا لظبي البيد بالخرف
مالي ودهم الليلي فيك أسهرها
…
تطول عمداً لتضنيني على كلفي
والله ما أنصفتني في معاملة
…
أحببتها وتجد السعي في تلفي
بالله أين ليال باللقا قصرت
…
يكاد دمعي بها يا بدر يعثر في
تلك الليالي التي يرتاح إن ذكرت
…
قلبي الكليم ارتياح المجد بالشرف
أعني به شرف الدين المعد إذا
…
عد الكرام كبسم الله في الصحف
وقوله مكاتباً أحد الأئمة الأعلام:
لو فتشوا عن قلبي المرهون
…
وتحرشوا جمر الغضا المكنون
لتيقنوا أني حفظت وضيعوا
…
عهد الهوى وابنت خير أمين
فعلام قالوا مال عنا وارعوى
…
عنا وخان وكان غير خؤون
ما ملت لا والله بل مالوا وقد
…
شهدت ركائبهم بصدق يميني
هزت قدودهم وقالوا للصبا
…
هزؤاً أعند البان ميل غصون
هل أنكروا ميل الغصون فيطلبوا
…
برهان دعوى العاشق المفتون
فإذا شرى برق الغوير وبعته
…
دمعي رجعت بصفقة المغبون
ولفرط أشواقي وشدة لوعتي
…
وتهتكي في حبهم وجنوني
لا بد لي من أن أقول صدقتم
…
والله يعلم حرقتي وأنيني
وإذا بكيت على الربا فتضاحكت
…
أنفاسها بمباسم النسرين
قالوا عيون السحب ترسل دمعها
…
والدمع دمعي والعيون عيوني
أحبابنا والله ما صنع العدى
…
ما تصنعون بقلبي المحزون
أيصيبني كيد الأعادي عندكم
…
أسفي وإخلاص الهوى من ديني
ولشقوتي قد كنت أعتقد الهوى
…
هذا الذي أخلصت فيه يقيني
لولا هواكم لم أقل جنح الدجى
…
والبرق يذكي لوعتي وشجوني
يا بارقاً ألقى سناه على الربا
…
ولهيبه في قلب كل حزين
قف بالحمى الغربي لكن واضعاً
…
خداً ومن لي إن وضعت جبيني
واسأل بروج الحي عن أقمارها
…
وبرغم أنفي إن تراها دوني
وبمهجتي البدر الذي لو قسته
…
بالشمس لا يرضى ولا يرضيني
لم يكفه سهري فعلم طيفه
…
ظلماً وقد غضب الكرى يشكوني
خذ في التجني كيف شئت تحكماً
…
وامطل وإن كنت الملي ديوني
لا أستطيع أقول لست بمنصف
…
يا بدر إجلالاً لبدر الدين