الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
لم يستقر المترجم في الجزيرة، فنزل بعشيرته على خزاعة في تلك السنة ليكتال، وكان بين الدريعي العنزي الرويلي وبينه ضغائن، فاقتفى الدريعي أثر بنية ونزل قريباً منه، وأرسل إلى حمود بن ثامر، فاستنفره لأنه صديق الدريعي، فنفر بفرسان عشيرته لمساعدة الدريعي، وخرج عسكر الوزير سعيد باشا وكبيرهم قاسم بن شاوي، ومعه عفاريت عقيل النجديون، وهم من عسكر الوزير إذ ذاك، لمساعدة من يحارب بنية، فقامت الحرب على ساق، وبنية يكر على الفرسان كأنه الأسد، فبينما هو يطرد بفرسه إذ جاءته رصاصة كانت فيها منيته فحز رأسه وأتي به إلى وزير بغداد سعيد باشا بن سليمان باشا، وذلك سنة إحدى وثلاثين ومائتين وألف.
الشيخ بكري بن الشيخ حامد ابن الشيخ أحمد بن عبيد العطار الدمشقي
العالم العامل الذي أشرق ضوء شهابه، والفاضل الذي تقتطف البلاغة من إيجازه وأطنابه، والجهبذ الذي أوتي الحكمة وهو شاب، واختار له
عرفانه سلوك منهج الصواب، فلا ريب أنه مظهر شموس التحبير في التقرير، وخزانة آداب التدقيق والتحرير، ومنهاج من أراد الوصول إلى المعالي، ومعراج من رام الحصول على فرائد اللآلي، حلال المشكلات بثاقب فكره، ومعطر دروس العلوم بنفثات صدره، كيف لا وهو الذي افاد من بدائع الفوائد، ما هو على رسوخ قدمه في بديع البيان شاهد، فلقد تفجرت ينابيع حكمه في كل واد، وأزهرت رياض تقريراته في كل فؤاد، لم يدع من الفنون فناً إلا دخل حصونه، وقرأ شروحه وحفظ متونه، وأما ديانته وعبادته فقد شهد له بها محرابه، وصيانته أقر له بها أترابه وأضرابه، فهو الفريد الآن في عوالي الشمائل، والوحيد لمن رام وقوعه على أنفع الوسائل. ولد سنة ألف ومائتين وخمسين تقريباً، ومن سن تمييزه امتاز على أمثاله، بحفظه وإدراكه وأقواله وأحاله، حفظ القرآن الشريف وهو غلام، وأقبل على طلب العلم بكل اهتمام، فقرأ على علماء عصره الأكابر، وأجازوه بما تجوز لهم روايته عن شيوخهم كابراً عن كابر ومن أجلهم سيدي الوالد، فقد قرأ عليه المترجم جزءاً في الحديث واستجازه، فأجابه لما طلبه منه وأجازه، ولزمه الطلبة للأخذ والاستفادة،
ولم يكن له سوى الإفادة والعبادة، شغل ولا عادة، مع جمال سيرة، وحسن سريرة، ووفور قدر وسلامة صدر، وسماحة وكرم، وهمة في قضاء مصالح الخلق فاقت الهمم، وبشاشة وإظهار سرور، وغقبال على الناس بغاية الحبور، وفي يوم الاثنين سادس جمادى الثانية سنة سبع وثلاثمائة وألف، توفي ابن أخيه الشيخ سليم بن الشيخ ياسين بن الشيخ حامد العطار، وقد انحلت وظيفة تدريس التكية السليمانية التي وظفها السلطان سليمان خان، وهذه التكية هي المعروفة في المرجة، فلقد أمر هذا السلطان المومأ إليه أن يقرأ قارىءٌ درس وعظٍ في كل جمعة مرة واحدة، وله على كل درس ثلاثون بارة، وأن التكية التي بجانب السليمية ويقال لها السليمانية، قد شرط المرحوم السلطان سليمان أن واعظاً يعظ بها في كل جمعة ثلاثة أيام، وله عن كل يوم عشرة دراهم فضة، عبارة عن كل سنة أربعة آلاف قرش تقريباً، قد دام هذا الحال إلى أن وجه هذا الدرس على العالم المفضال جناب المرحوم الشيخ حامد العطار، فجعل الدرسين درساً واحداًن والمعاشين معاشاً واحداً، وجعل قراءة الدرس في السليمية، وقصره على سبعة دروس في رجب وشعبان في كل يوم خميس منهما، ونقله من الوعظ إلى صحيح البخاري الشريف، فحينما توفي الشيخ حامد المومأ إليه، كان ولده المترجم صغيراً فتولاها ابن أخيه الشيخ سليم، ولم يزل قائماً بها إلى