الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
السيد سعيد أفندي ابن الشهاب أحمد الأيوبي الأنصاري رئيس الكتاب بمحكمة
الباب
كان شهماً أديباً، وكاملاً لبيباً، ذا سيرة جميلة، وسريرة جليلة، وشمائل حسنة، وفضائل مستحسنة.
ولد بدمشق الشام سنة أربعين ومائة وألف، ونشأ في حجر والده، وقرأ القرآن وأتقنه، ثم حضر دروس الأفاضل الأعلام، إلى أن بلغ المأمول والمرام، وأحسن صنعة الكتابة، وكان ذا تؤدة في أموره لا يعرف حماقة ولا طيشاً، وتولى رئاسة الكتاب في محكمة الباب، وحصلت له شهرة عظيمة، وسيرة وافية جسيمة ولم يزل يتفوق مقامه، ويمازج القلوب احترامه، إلى أن دعاه الحمام إلى دار المقام، سنة ست وثلاثين ومائتين وألف ودفن في باب الصغير.
الشيخ محمد الشيرازي
هو من رجال الحديقة، بل هو فردها في المجاز والحقيقة، قال في ترجمته، لكي يبدي لنا شمس معرفته: سعيد الحظ والطالع، لا فرق بين وضاءة سعده وبهاء البدر الساطع، نبغ في جنة المعارف شيراز، فظفر من ظهوره كل طالب بلطائف الأدب، وفاز، له النظم الحسن والنثر الذي دل على أنه ذو بلاغة ولسن، ديوان شعره الفارسي بستان، وبيان نظامه العربي حديقة ورد وريحان، فمن ظريف نظمه قوله:
فاح نشر الحمى وهب النسيم
…
وتراني من فرط وجدي أهيم
إن ليل الوصال صبح منير
…
ونهار الفراق ليل بهيم
ووداع الحبيب خطَب جزيل
…
وفراق الأنيس داء أليم
فتن العابدين صدرٌ وسيم
…
آه لو كان فيه قلب رحيم
يا وحيد الجمال إني وحيد
…
يا عديم المثال قلبي كليم
سلوتي عنكم احتمال بعيد
…
وافتضاحي بكم ضلال قديم
معشر اللائمين فيما جهلتم
…
لو رأيتم جماله لم تلوموا
إن نار الهوى لدى كل صب
…
مع ذكر الحبيب روض نعيم
كل من يدعي المحبة فيكم
…
ثم يخشى الملام فهو مليم
وما أحلى قوله:
يا نديمي قم ونبه
…
واسقني واسق الندامى
خلني أسهر ليلي
…
ودع الناس نياما
اسقياني وهدير الرعد قد أبكى الغماما
في زمان سجع الطير على الغصن وحاما
وأوان كشف الور
…
د عن الوجه اللثاما
أيها المصغي إلى الزهاد دع عنك الملاما
فز بها من قبل أن يجعلك الدهر عظاما
قل لمن عير أهل الحب بالجهل ولاما
لا عرفت الحب هيهات ولا ذقت الغراما
لا تلمني في غلام
…
أودع القلب سقاما
فبداء الحب كم من
…
سيد أضحى غلاما
انتهى. فهذا المترجم قد طار ذكره وفاق، وانعقد على انفراده في بلاده الاتفاق، قد قصده الطلاب من الأقطار، ونحاه الرغاب لما يعلمون لديه من بديع الأوطار. قد أخذ عن العلماء الأفاضل، إلى أن امتاز بالفضائل والفواضل، فدرس وأفاد، وجاد، وأجاد، وأظهر من المعارف التحقيقية ما لم يكن على بال، وبهر في فنونه التدقيقية من بحر ذهنه السيال:
فكأنما هو روضة
…
تهتز في يوم مطير
أزهارها ككواكب
…
قد زينت فلك الأثير
علامة لم يلق في
…
هذا الزمان له نظير
إن جال في التفسير فالتفسير أعسره يسير