الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
ومنها:
كيف لا تبكي العالمون دماء
…
لفقيد قد أورث الخلق غما
سيد القطر واحد العصر فضلا
…
مع حسن الأعمال قد فاق علما
فهو محمود طاب حياً وميتاً
…
وغدا الاسم فيه طبق المسمى
الشيخ محمود بن علي بن منصور بن محمد بن عبود الحلبي الشافعي الشهير بابن
قنصه
وهو اسم أم جدهم الشيخ نور الدين. كان المترجم عالماً فقيهاً مقرئاً مجيداً من مشاهير القراء والحفاظ في حلب، ولد بها سنة خمس وأربعين ومائتين وألف، وقرأ القرآن العظيم وحفظه على أبي محمد عبد الرحمن بن إبراهيم المصري نزيل حلب، والشيخ فتيان، وعلى والده وتفقه بالأول، وقرأ العربية والفقه أيضاً وبعض الفنون على أبي محمد عبد القادر بن عبد الكريم الديري وأبي علي حسين بن محمد الديري الحلبي، وسمع على أبي اليمن محمد بن طه العقاد وأبي السعادات طه بن مهنا الجبريني، وسمع على الأول صحيح البخاري إلى كتاب الحج، وأجازه شيخه أبو محمد عبد الرحمن المصري وغيره، وأتقن وبرع وجود وأحسن التلاوة والحفظ، وأثرى ونال حظاً من الدنيا. ولم يزل في ارتقاء وعلو وتقدم وسمو، إلى أن اخترمته المنية في حدود عشرة ومائتين وألف رحمة الله تعالى عليه آمين.
محمود بيك بن خليل بك بن أحمد بيك بن عبد الله باشا العظم الدمشقي
الأديب الذي في ميدان الأدب لا يجارى، والأريب الذي في لطفه
وجماله لا يبارى، والفصيح الذي فاقت فصاحته والمليح الذي تسامت ملاحته، واللبيب الذي استوى على أوج الرقائق، والنجيب الذي لم يدع منهلاً في المعارف إلا وكرع منه الكأس الرائق.
ولد في سنة اثنتين وخمسين ومائتين وألف ونشأ في حجر والده، وقرأ القرآن وتعلم الكتابة الحسنة، وقرأ بعض الفنون على بعض الأفاضل، إلى أن صار له يد طولى، ثم انفرد في دار وحده، وكان غنياً غنى مفرطاً من جهة أمه، إلا أنه سلط عليها يد الإتلاف من غير إرادة ولا إنصاف، والدنيا كانت تعاكسه في كل مراد وتجذبه إلى خلاف ما أراد، وما زال على حاله لا يصغي إلى من يريد أن ينشله من أوحاله، إلى أن قل ماله وبدا له ممن كان يتردد عليه إهماله، فاختار العزلة في أكثر أوقاته، والانفراد عن أحبابه وذوي التفاته، إلى أن شرف إلى الشام العارف الكبير والهمام الشهير، الشيخ محمد الفاسي المغربي المالكي الشاذلي، فأقبل عليه وتوجه بكليته إليه، وأخذ منه الطريقة الشاذلية، وحصل له منها نفحات رحمانية، وكنا نجتمع معه في أوقات كثيرة هي بأن تذكر بأنها من الأعمار جديرة، لأن تجليه كان جالباً للفرح مذهباً للترح، موجباً للسرور مخرجاً من الغم والكدور. وكان حسن المعاشرة جميل المذاكرة، لطيف العبارة ظريف الإشارة، كثير الابتسام عذب الكلام، ملاطفته تذهب البؤس عن كل عبوس. وكان له قلم عال سبوق سيال، وله تأليفات أدبية، ورسائل عن العيب أبية، خصوصاً وقد اشتغل بعد الطريق بمطالعة كلام السادة الصوفية، ذوي المعارف والأسرار الإلهية.
فمن مؤلفاته كتاب رسائل الأشواق في وسائل العشاق في ثلاثة مجلدات، وهو كتاب يشتمل على العبارات الرقيقة والقصائد الأنيقة، وأنواع الموشحات والمقاطيع العاليات، وكثير من فنون الشعر مما لا يوجد بغيره من كتب النظم والنثر، ويشتمل على حكم ومواعظ ونوادر ونكات،
وله شرح مناجاة سيدي العارف بالله الشيخ عبد الغني النابلسي بلسان عال جميل، وله عدة دواوين شعرية، تدل على معارفه العلية، وله كتاب في التصوف سماه البحر الزاخر والروض الزاهر، ومن كلامه في مدح النبي صلى الله عليه وسلم:
سلوني فأحكام الهوى بعض حكمتي
…
وأحكام آيات الغرام مزيتي
بدا لي به نور الحقيقة ظاهراً
…
فشاهدت ذاتي تنجلي لبصيرتي
ومنها:
فمحبوب قلبي إن تأملت واحد
…
أنست به للانفراد بوحدتي
مظاهر أسماء له قد تعددت
…
ولا ثم إلا واحد في الحقيقة
فطوراً بليلى والرباب تغزلي
…
وطوراً بزيد واللوى والثنية
فلم يبق شيء ما تعشقت حسنه
…
وما ثم كون ما تراءى لمقلتي
إلى أن رأيت الكل بالكل فانياً
…
وذاتي هي المقصود من كل صورة
وهي تقارب المائتي بيت كلها قد بلغت في الحسن مبلغاً عظيماً، ومن قوله في الفخر والحماسة:
عديني وامطلي مهما تشائي
…
ففي التعليل تعليل لدائي
وتسويف الملاح إذا تمادى
…
على المضنى ألذ من الشفاء
بعادي في الهوى عين اقترابي
…
وغاية مقصدي وبه منائي
فما أحلى العذاب لكل صب
…
إذا أمسى الذي يهواه نائي
له في كل وقت طيب وصل
…
يجيء به التخيل والترائي
يشاهد من يحب بلا رقيب
…
ولا واش عليه ولا مرائي
فلم أترك لقاها عن ملال
…
ولا عن علة تركت لقائي
ولكنا نرى للعز أهلا
…
وأهلا للمذلة والشقاء
رويدك أين تبلغ من لحاقي
…
أمامك أيها العادي ورائي
سل الخطار والبتار عني
…
وسل جود السحائب عن سخائي
ظمئت فما شربت الماء صرفا
…
ولا أدليت دلوي في الدلاء
أأشرب والزلال يخاض فيه
…
ومن نهر المجرة كان مائي
ولما أن سموت إلى الثريا
…
أنفت بأن أسير على الثراء
فما رتب العلا إلا حظوظ
…
مقسمة على أهل الولاء
وحسبك فاقتنع بالبعض منها
…
ولا تلقي بنفسك للبلاء
وإياك التطلع نحو مجدي
…
ولا تقس الغياهب بالضياء
فإني لست أقنع بالتهاني
…
ولا يرضى بغايتها رضائي
وإني سوف أبتكر المعالي
…
وأبلغ من نهايتها منائي
ولي نفس الملوك بجسم عبد
…
تنزه أن يذل له ثرائي
ولكني أرى في قوم سود
…
رضوا بالغيم عن زرق السماء
سأصبر صبر مرتاض كريم
…
وأجعل كل ما أرجو ورائي
ومن قوله رحمه الله تعالى في النصائح والمواعظ
يا مهجتي مهلا إلى كم تتعبي
…
وإلى متى بهوى الظبا تتعذبي
خلي معاناة الصبابة والهوى
…
وعن المحبة فاذهبي لا تذهبي
إن الهوى فيه الهوان فقللي
…
ذكر الغزالة والغزال الربرب
كم ذا تداري الكاشحين بحبهم
…
وعلى الغضا وعن الهدى تتقلبي
وإلى متى هذا النحيب وذا البكا
…
فلقد يشك من الجوى أن تعطبي
إن كنت لا تصغي لقولة ناصح
…
فتقطعي بهواهم وتأربي
في مذهبي ترك الصبابة في الصبا
…
شرع أدين بدينه في مذهبي
ودعي كؤوس الراح لا تعني بها
…
وتهذبي إن كنت لم تتهذبي