الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
أن يفتح، فإذا شيء خرج منه رأس كرأس إنسان، ومن أسفله إلى سرته على هيئة زاغ وفي صدره وظهره سلعتان، قال ففزعت منه ويحيى يضحك؛ فقلت له ما هذا أصلحك الله، فقال لي سل عنه منه، فقلت له ما أنت، فنهض وأنشد بلسان فصيح:
أنا الزاغ أبو عجوه
…
أنا ابن الليث واللبوه
أحب الراح والريحا
…
ن والقهوة والنشوة
فلا عدوى يدي تخشى
…
ولا يحذر لي سطوه
ولي أشياء تستظر
…
ف يوم العرس والدعوة
فمنها سلعة في الظهر
…
لا تسترها الفروة
وأما السلعة الأخرى
…
فلو كان لها عروة
لما شك جميع النا
…
س فيها أنها ركوه
ثم صاح ومد صوته زاغ زاغ، وانطرح في القمطر، فقلت أعز الله القاضي وعاشق أيضاً، فقال هو ما ترى لا علم لي بأمره إلا أنه حمل إلى أمير المؤمنين مع كتاب مختوم فيه ذكر حاله، لم أقف عليه انتهى مات المترجم سنة ألف ومائتين. و....
السيد حيدر بن المرحوم
…
الحلبي
الأديب الشاعر، والأريب الماهر، من أشرقت بالفضل أقماره وشموسه وتموج بالعلم عبابه وقاموسه، وطار ذكره في الفيافي، واشتهر قدره الوافر الوافي، فكم نظم ونثر فنفث السحر الحلال، وتلاعب برقائق الحكم فجرت لبلاغتها وبراعتها مجرى الأمثال، وضمنها ما تتزين به الطروس، وتميل له
القلوب والنفوس، وقلدها من حلي البديع والمعاني، ما هو أبهى من ضم الخصور وعناق الغواني، فلله دره من همام تاه في ثوب البلاغة كمالاً، ودهش ألباب أولي الفصاحة لطفاً وجمالا، وكاد نظمه يكتب بماء القلوب على محيا المحبوب، فمن رفيع كلامه، وبديع نظامه، قوله من قصيدة يرثي بها الإمام الحسين روح الله روحه.
سبق الدمع حين قلت سقتها
…
فتركت السما وقلت الدموع
فكأني في صحنها وهو قعب
…
أحلب المزن والجفون ضروع
بت ليل التمام أنشد فيها
…
هل لماض من الزمان رجوع
ودعت حولي الشجى ذات طوق
…
مات منها على الغرام الهجوع
وسقتني بخمرتي مقلتيها
…
ما عليه انحنين مني الضلوع
شاطرتني بزعمها الدار حزناً
…
حيث أنت وقلبي الموجوع
يا طروباً بالقد والنهد دعني
…
ما حنيني صبابة وولوع
لم يرعني نوى الخليط ولكن
…
من جوى الطف راعني ما يروع
قد عذلت الجزوع وهو صبور
…
وعذرت الصبور وهو جزوع
عجباً للعيون لم تغد بيضاً
…
لمصاب تحمر فيه الدموع
أي يوم بشفرة البغي فيه
…
عاد أنف الإسلام فيه جديع
واستقل الهدى على غارة البين
…
وشدت للرشد فيه النسوع
يوم أرسى ثقل النبي على الحتف
…
فحفت بالراسيات الصدوع
حيث صكت بألطف هاشم وجه
…
الموت فالموت من لقاها مروع
وقفت موقفاً تضيفت الطير
…
قراه فحوم ووقوع
بسيوف في الحرب صلت فللجوس
…
سجود من حولها وركوع
موقف لا البصير فيه بصير
…
لاندهاش ولا السميع سميع
جلل الأفق فيه عارض نقع
…
بسنا البيض فيه برق لموع
فلشمس النهار فيه مغيب
…
ولشمس الحديد فيه طلوع
أينما طارت النفوس شعاعاً
…
فلطير الردى عليها وقوع
قد تواصت بالصبر فيه رجال
…
حفظت عترة النبي إذ أضيعوا
سكنت منهم النفوس جسوماً
…
هي بأس حفائظ ودروع
سد فيهم ثغر المنية سهم
…
لثنايا الثغر المخوف طلوع
وله الطرف حيث سار أنيس
…
وله السيف حيث بات ضجيع
لم يقف موقفاً من الحزم إلا
…
وبه سن غيره المقروع
كيف يلوي على الدنية جيداً
…
لسوى الله ما لواه الخضوع
طمعت أن تسومه القوم ضيماً
…
وأبى الله والحسام الصنيع
وبه يرجع الحفاظ لصدر
…
ضاقت الأرض وهي فيه تضيع
فأبى أن يعيش إلا عزيزاً
…
أو تجلى الكفاح وهو صريع
فتلقى الجموع فرداً ولكن
…
كل عضو في الروع منه جموع
رمحه من بنانه وكأن من
…
عزمه حد سيفه مطبوع
زوج السيف بالنفوس ولكن
…
مهرها الموت والخضاب النجيع
بأبي كالئاً على الطف خدراً
…
هو في حومة الحسام منيع
قطعوا بعده عراه ويا حبل
…
وريد الإسلام أنت القطيع
وسروا في كرائم الوحي أسرى
…
وعداك ابن أمها التقريع
لو تراها والعيس جثمها الحا
…
دي من السير فوق ماتستطيع
ووراها العفاف يدعو ولكن
…
بدم القلب دمعه مشفوع
يا ترى فوقها بقية وجد
…
ملء أحشائها جوى وصدوع
فترفق بها فما هي إلا
…
ناظر دامع وقلب مروع
قوضي يا خيام عليا نزار
…
فلقد قوض العماد الرفيع
واملئي العين يا أمية نوماً
…
فحسين على التراب صريع
ودعي صكة الجباه لؤي
…
ليس يجديك صكها والدموع
أفلطماً بالراحتين فهلا
…
بدم الطعن والرماح شروع
وبكاء بالدمع حزناً فهلا
…
بسيوف لا تتقيها الدروع
قللي الإقراع ملمومة الحيف
…
فواهاً يا فهر أين القريع
وقال
يا دار جائلة الوشاح
…
حيتك نافحة الرياح
وسقتك من ديم الحيا
…
وطفاء ضاحكة النواحي
كم فيك قد نادمت من
…
قمر يطوف بشمس راح
وخريدة تختال عن
…
لدن وتبسم عن أقاح
نشوانة الأعطاف من
…
خمر الصبا خود رداح
ملكت قلوب بني الغرا
…
م بلاحظ سكران صاح
جهد العواذل في أن
…
أسلو هوى الغيد الملاح
فمتى محب قد سلا
…
هيفاء تسفر عن براح
ومن الذي قد كلف الطير
…
ان مقصوص الجناح
هيهات أخطأ ظنهم
…
أن يستلين لهم جماحي
وهي قصيدة طويلة يرثي بها الإمام الحسين الشهيد رضي الله عنه وله قصائد كثيرة كلها غرر. ولقد توفي المترجم رحمه الله تعالى عام ألف وثلاثمائة وستة وكان عمره نحواً من خمس وخمسين سنة.