الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
حرف العين
الملا عباس الكردي الكوسنجقي النقشبندي الخالدي
نهج مناهج الفضل منذ ماز الأخماس من الأسداس، وجنح إلى صدق القول وجميل الفعل والابتعاد عن الأرجاس، فتحلى بحلية التقوى والعبادة والزهد والورع، وتخلى عن الرذائل وإيثار الزائل والولع بالطمع، فكان زاهداً تقياً، عابداً نقياً، عالماً عاملاً ورعاً فاضلاً، يحب العزلة ما أمكن، ويهوى من الناس من هو له على العبادة أعون. ولما ارتوت نفسه من أجمل النفائس، وتجردت عما يوقع في المهلكات والدسائس، رام الدخول إلى حرم المعارف، والعدول إلى طريق القوم الموصل إلى لطائف العوارف، فأخذ الطريقة النقشية، عن بحر الفيوضات الربانية، والمجد التالد ذي الفضل الزائد، مولانا شيخ الحضرة الشيخ خالد. فسلك سلوك أهل الجد والاجتهاد، إلى أن حصل له ما أحب وأراد، فلما رأى فيه الأهلية لإعطاء الطريقة العلية، أذن له بالإذن العام أن يأذن لمن شاء ورام، بالشرط المعروف والعهد الموصوف، وقد دعته المنية إلى الدار العلية سنة ألف ومائتين ونيف وأربعين. رحمه الله تعالى.
السيد عارف أفندي بن المرحوم محمد أفندي بن عثمان أفندي الجابي الحنفي
الدمشقي
أحد المشهورين الأكابر، ومن عليه يدور محور المفاخر، المديد الباع الفريد الانطباع، الذي ملك زمام المحاسن، وافتخرت به السادات الأحاسن،
ورقى إلى ما أحبه، وتيقظ إلى ما نفعه وتنبه، فبدأ من أول أمره سابقاً، ولمن سلفه من الأفاضل لاحقاً، مع صون لسانه عن كل قبيح، وترديه بكل رداء مليح، واشتهاره بكل كمال، وانتشار ذكره باللطف والجمال، واتباعه لرغائب السنة، وانتباهه للشكر على كل نعمة ومنة، فله لعمري القدر المبرور، والفخر الذي لا تبليه الدهور.
ولد بدمشق الشام ونشأ بها في حجر والده الهمام، فرباه على الكمال والأدب، إلى أن بلغ به المنى والأرب. ثم ذهب في حياة والده إلى الآستانة العلية فمكث بها زمناً طويلاً، ونال من المراتب التي وجهت عليه قدراً جليلاً، وتولى رتبة قضاء بغداد، ثم بعد موت والده في الشام رجع إلى الشام وعاد، فأحبه الخاص والعام، وحصل له من الشهرة ما لا يرام، وفاقت معاملته، وراقت مجالسته ومنادمته، والتفتت إليه الوزراء والأعيان، وأنزلته الأكارم من العين مكان الإنسان. وله غيرة غريبة ومروءة عجيبة، وخصال نبوية وصفات مصطفوية، ومجلسه ليس فيه سوى الفوائد العلمية، والمذاكرات اللطيفة الأدبية، بلسان يتحاشى عن كل عيب، وكلام خال عن الملام والريب، يتمنى جليسه أن لا يفارقه، ويود أن يكون مدى الأيام مشاهده وموافقه، وكان من أعز الناس علي، وله التفات في جل أموره إلي، يقصدني في كل مدة، مظهراً غاية المحبة والمودة. وقرأ من الفنون عدة، باذلاً في طلبه اجتهاده وجده، إلى أن بلغ مطلوبه ونال مرغوبه. وفي ثالث يوم من جمادى الأولى قام في الصباح فصلى الفلجر، وقرأ أوراده وسأل من المولى المنان الثواب والأجر، وبعد الضحوة الكبرى حصل له نوع انحراف، إلا أنه قليل مأمول الانصراف، وبعد صلاة الظهر شرب كأس حمامه، وكان هذا اليوم من الدنيا آخر أيامه، وكان موته فجأة من غير مرض، بل دعاه داعي المنية في الحال فأسرع إلى إجابة الأمر المفترض، وذلك سنة أربع وثلاثمائة وألف، فتأسف له