الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
ثم بعد موت المبارك لازم دروس الشيخ الفاضل الشيخ محمد الطنطاوي، فما قرأنا على حضرة الشيخ كتاباً ولا فناً إلا وحضره معنا، ثم إنه ما مضى عليه مدة إلا وانتقل من حالته الجلالية، إلى حالته الجمالية، فصار فيه دعابة ومجون، وحالة لا تدخل تحت دائرة الظنون، مع لطافة تذهب الكدر والبؤس، وتضحك الجامد العبوس، وألفه الأكابر من الناس، وعده الكثير من الأكياس، لا يتقيد بجلالة ولا تعظيم، ولا يلوم من لا يعامله بالتوقير والتكريم، وكان موظفاً بإمامة جامع عز الدين وتدريسه وخطابته. وفي سنة ألف وثلاثمائة وعشر ذهب إلى الحجاز، وحضر إلى الشام مريضاً، ولم يزل تزداد آلامه، ويختل نظامه، إلى أن توفي سنة ألف وثلاثمائة وإحدى عشرة ودفن في تربة باب الصغير.
الشيخ بدر الدين محمود المرعشي الحنفي
أشرق بدره في العلوم واستنار، واشتهر صيته في العالم وطار، مع تقوى تثبت له حسن الطوية، وعبادة لا يقدر عليها إلا ذو همة في الدين قوية، وحضر مجالس السادة، ولازمهم إلى أن بلغ من العلم مراده. وكان له شهرة بمحامد الخصال، وفرائد الشمائل العوال، وكانت ولادته في الشام سنة ألف ومائة وخمس وسبعين، وظهرت عليه مخايل السعادة من صغره، ولم يزل ناهجاً منهج السيادة إلى كبره، وكان قدومه إلى الآخرة، والدار الفاخرة، سنة أربعين ومائتين وألف رحمه الله.
بهجت أفندي بن عبد الله أفندي الحلبي القاضي بدمشق الشام
أحد العلماء الأعلام، وأوحد القضاة المشهورين في الأحكام، ولد في حلب سنة ألف ومائتين وست وأربعين وسار به والده إلى الآستانة سنة
سبع وأربعين، وكان والده أحد قضاة العساكر، فلما بلغ المترجم سن التمييز، قرأ القرآن الشريف وجوده وأتقنه، وأقبل على طلب العلم بهمة قوية. ثم في سنة ستين توجه بمعية والده إلى خربوط، فقرأ بها النحو والصرف والفقه، وأحسن اللغة الفارسية. وفي سنة ثلاث وسبعين توفي والده بمصر وهو متوجه إلى الحجاز، ودفن في جوار السيدة زينب، وذهب المترجم إلى حلب وتولى نقابة أشرافها. وفي سنة ثمانين رجع إلى الآستانة. وفي سنة إحدى وثمانين تعين قاضياً في كرسول، وفي اثنين وثمانين تعين قاضياً في طربزون، وفي ثلاث وثمانين تعين قاضياً في كوزلي حصار، وفي أربع وثمانين تعين قاضياً في مدينة بيروت. وبقي بها أربع سنين ونصف، وفي تسع وثمانين تعين قاضياً إلى طرابلس الغرب، وبقي بها سنتين ونصفاً، وفي سنة إحدى وتسعين تعين قاضياً إلى مدينة ازمير، وحيث لم يوافقه الهواء طلب نقله إلى محل آخر، فعين رئيس ديوان التمييز بولاية قسطموني، وبعد عشرة أشهر نقل إلى رئاسة ديوان التمييز في مدينة حلب، وفي سنة أربع وتسعين تعين قاضياً في ولاية حلب، وفي سنة ست وتسعين رجع إلى الآستانة، وفي رجب منها تعين مفتش عدلية بغداد، ثم بعد سنتين ونصف عزل، فرجع إلى الآستانة، ثم تعين مفتش عدلية طربزون، وبقي بها سنتين، ثم منها إلى مفتشية عدلية أزمير، وبقي بها نحواً من سنتين ثم ألغيت تلك الوظيفة فرجع إلى الآستانة، وبقي بها أربعة أشهر، ثم تولى قضاء جزائر بحر سفيد. وفي سنة ثلاثمائة وسبع تعين بقضاء الشام وبعد سنتين رحل إلى الآستانة ولم يمض قليلاً حتى اخترمته المنية ومات بها في حدود ألف وثلاثمائة وعشرة رحمه الله تعالى.