الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
ولا يسأل عن شيء إلا وبأحسن الأجوبة أجاب. وله شرح على مولد العلامة الدردير، لقد حمله من المعارف ما يحتاج إليه كل نحرير، وحضر في الجامع الأزهر، والمحل الأنور، على أفاضل سادة وجهابذة قادة، كالشيخ إبراهيم الباجوري، والشيخ محمد الأمير، وأمثالهما من كل همام خبير، وساح في كثير من الأقطار وأخذ عن علمائها الأخيار، حتى شهد له العموم بأنه قطب دائرة المنطوق والمفهوم. وكان له مع والدي محبة عظيمة، ومودة جسيمة، ومذاكرات تشهد لهما بالفضل والسيادة، ونصائح تدل على سلوكهما مناهج السعادة. وكان كثير التلاوة، ملازماً للصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم متمسكاً بالشريعة الغراء لا ينفك عن العمل بها إن فعل أو تكلم، متخلقاً بالأخلاق النبوية متحلياً بالشمائل الأحمدية، إن جلس في مجلس كان نقطة مدار كلامه، وواسطة عقد نظامه. مع ما عنده من الجسارة في إظهار الملائم، والديانة التي دعته أن لا تأخذه في الله لومة لائم، وكان لا يهاب في الحق كبيرا، ولا يخشى حاكماً ولا وزيرا، فلذلك كان يهابه كل من رآه، ويتأمل منه الخير كل من رجاه، وقد كان منهل لكل وارد، وملجأ لكل راج وقاصد، ولم يزل على حاله متزايداً في تقواه وكماله، مستقيماً على أطواره متحلياً بأجمل أوطاره، إلى أن دعاه المنون لمقامه الأجل المصون، فلبى الدعوة العليا واختار الآخرة على الدنيا، سنة تسع وسبعين ومائتين وألف ودفن في تربة باب الصغير.
الشيخ يوسف بن الشيخ عمر البشتاوي النابلسي محتداً الدمشقي وطنا
النقشبندي طريقة
فاضل نجيب وعالم أريب، وغصن في رياض المعالي رطيب، وبدر في سماء الأدب لا يغيب. لم يزل صدراً للإفادة، يرعى في ربيع فضله ذوو الاستفادة، وله نظم ونثر تنقله الركبان، وتقف دونه سوابق الحسن
والاستحسان، قد ألقى الدهر له مقاليد الإسعاد، وجعل من جملة مريديه الحاج محمد نجيب باشا والي بغداد، واطلع محيا بدره في أفق الجلالة والتعظيم، وخفض له جناح ذوي الفضل والتكريم، ومن جملة نظمه مستغيثاً بسيدنا يحيى الحصور صلى الله عليه وسلم:
باكر مصل بني أمية في الدجا
…
واعطف على كنز السماح معرجا
وارقب مهب الجود من أعتابه
…
والزم لذياك المقام أخا الحجا
يمم وقف متضرعاً بجنابه
…
وابسط أكف الفقر في باب الرجا
وادعوه يا يحيى الحصور وقل له
…
عطفاً على جان إليك قد التجا
يا سيداً وصف الإله كماله
…
في محكم التنزيل أضحى مدرجا
ذو الجاه يرجى في الخطوب ولم يزل
…
عند الشدائد مسعفاً ومفرجا
إني رجوتك حاجة فاشفع بها
…
عند الكريم ومن رجاك فقد نجا
عجل بها يا ابن الكرام أجب أجب
…
فالأمر ألجأ للجاج وأحوجا
سل خالقي فيما رجوت إجابة
…
واسأله لي من كل ضيق مخرجا
صلى عليك الله ربي دائماً
…
ما البدر أشرق فاستنار به الدجا
ومن نظمه:
زر والديك وقف على قبريهما
…
فكأنني بك قد حملت إليهما
لو كنت حيث هما وكانا بالبقا
…
زاراك حبواً لا على قدميهما
ما كان ذنبهما إليك فطالما
…
منحاك نفس الود من نفسيهما
كانا إذا ما أبصرا بك علة
…
جزعا لما تشكو وشق عليهما
كانا إذا سمعا أنينك أسبلا
…
دمعيهما أسفاً على خديهما
وتمنيا لو صادفا لك راحة
…
بجميع ما تحويه ملك يديهما