الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
والشفا والمواهب، وشرح المنهج لشيخ الإسلام، وشرحي المنهاج لكل من الرملي وابن حجر، وحضر دروس الشيخ الحفني، وأجازه الملوي والجوهري والمدابغي، وأخذ عن الديربي وغيره، وحضر أيضاً دروس الشيخ علي الصميدي، والسيد البليدي، وشارك كثيراً من الأشياخ كالشيخ عطية الأجهوري وغيره. وكان إنساناً حسناً حميد الأخلاق متجمعاً عن مخالطة الناس مقبلاً على شأنه، وقد انتفع به أناس كثيرون، وكف بصره في آخر عمره، ومن تآليفه: حاشيته على شرح المنهج أربع مجلدات، وأخرى على الخطيب وغير ذلك، وقبل وفاته سافر إلى مصطية بالقرب من بجيرم فتوفي بها ليلة الاثنين وقت السحر ثالث عشر رمضان سنة إحدى وعشرين ومائتين وألف ودفن هناك رحمة الله تعالى عليه.
الشيخ سليمان الفيومي المالكي الأزهري
العمدة النحرير، والنبيل الشهير، كريم الأفعال، جميل الخصال، ولد بالفيوم، وحضر إلى مصر وحفظ القرآن، وجاور في الأزهر، وكان في أول عمره يمشي خلف حمار الشيخ الصعيدي وعليه دارعة صوف وشملة صفراء، ثم حضر دروسه ودروس الشيخ الدردير وغيرهما، واختلط مع المنشدين على الاذكار، وكان له صوت حسن مطرب، فيذهب إلى بيوت الأعيان في الليالي فينشد الأنشادات ويقرأ الأعشار من القرآن، فيعجب الحاضرون به ويكرمونه زيادة على غيره، واختلط ببعض الأعيان البرقوقية من ذرية السلطان برقوق، وهم نظارعلى أوقافه، فراج أمره، وكثرت معارفه بالأغوات الطواشية، وبهم توصل إلى نساء الأمراء والسعي في حوائجهن، وصار له قبول زائد عندهن وعند أزواجهن، وتجمل بالملابس وركب البغال. ولما مات الشيخ محمد العقاد
تعين المترجم لمشيخة رواق الفيمة، وبنى له محمد بيك المعروف بالمبدول داراً عظيمة بحارة عابدين، وكانت تأتيه الهدايا من الأمراء وغيرهم، وتزوج ببنت عبد الله الرومي وتصرف في أوقاف أبيها، وكان مع قلة بضاعته في العلم مشاركاً بسبب التداخل في القضايا. وكان كريم النفس جداً يجود وما لديه قليل، مع حسن المعاشرة والبشاشة والتواضع والمواساة للكبير والصغير، والجليل والحقير، وطعامه مبذول للواردين فكل من دخل عليه لابد أن يقدم له طعاماً، ولا يرد طالباً بلا شيء ولو أنه يقترض، ويدفع فوق المأمول، وكان لا يتأخر عن مساعدة ذي حاجة أصلاً، مع كونه نافذ الكلمة، مقبول الشفاعة، ولا يقبل من أحد شيئاً مكافأة على فعله، فمالت إليه القلوب، ووفدت عليه الناس من كل جانب، وطارت شهرته في البلاد والأماكن، وكان إذا نَزَلَ عنده ذو حاجة فلا يخرج من داره حتى تقضى حاجته، فيودعه ويزوده ما يكفيه إلى وطنه.
ولما أخذ الفرنساويون مصر عام ثلاثة عشر، كانت داره ملجأ القاصدين ومنهل الواردين من الناس، لأنه كان عند الفرنساويين من المقدمين على غيره، ولم يزل في ازدياد إلى أن نزل به مرض فأبطل شقه، وعقد لسانه، ولم يزل حتى توفي ليلة الأحد الخامس والعشرين من ذي الحجة سنة أربع وعشرين ومائتين وألف.