الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
مجلس إلا وعظ وذكر، جواد كريم لطيف رحيم، كثير الوداد جميل الترداد. يسعى ماشياً من مكان إلى مكان لزيارة الأحباب والإخوان، وله أمور باهرة وكرامات ظاهرة، ما رآه إنسان إلا وأحبه وأخلص له في المحبة، وحينما ورد من بخارى إلى الشام أقبل عليه الخاص والعام، وكان يصرف صرف الأكابر والأعيان ولم يعلم له جهة ولا اعتماد على إنسان. ولم يزل على حاله من سلوكه في مناهج كماله، إلى أن توفي نهار الأربعاء الخامس والعشرين من ذي القعدة الحرام سنة سبع وتسعين ومائتين وألف ودفن في تربة الدحداح رحمه الله تعالى.
الشيخ عبد الستار أفندي بن الشيخ إبراهيم أفندي بن الشيخ علي أفندي
الأتاسي مفتي مدينة حمص البهية
العالم العامل والحبر المدقق الكامل، والدر المختار لتنوير الأبصار، وإمداد الفتاح للصعود على مراقي الفلاح، فلا ريب أنه محيي ربع العلم بعد اندراسه، ومنير كوكب الفضل بعد انطماسه، وقد استوى على عرش الورع والعبادة، واحتوى على ما يوجب التقدم للمعالي والسيادة.
ولد في طرابلس الشام وتربى على أيدي السادة الكرام، فأكب على تحصيل العلم من صغره، كما أنه تجرد لحسن العمل في كبره، وتولى رحمه الله التدريس في الجامع النوري. وقد حضر إلى دمشق المحمية، فأقبل على الأخذ عن علمائها بهمة قوية كالشيخ محمد الكزبري عمدة الأخيار، والشيخ محمد بن عبيد العطار. وأخذ الفقه على مذهب أبي حنيفة النعمان عن الشيخ نجيب القلعي والسيد شاكر العقاد وغيرهما من العلماء الأعيان. وكان مكملاً في العلوم من منطوق ومفهوم، تهابه القلوب لفضله وتعظمه، ويجله العموم ويحترمه، مع أنه لا تأخذه في الله لومة لائم،
ولا تدنيه الأماني من المعاطب والمآثم، وله شعر لطيف رقيق، ونثر أعذب من الرحيق، ومفاكهات أدبية، ومناسبات لما يخل بالأدب أبية. توفي رحمه الله في معان بعد أداء الحج الشريف ودفن هناك وقبره على يسار الداخل إلى معان من جهة الحجاز، وقد صين قبره بأربعة جدر من اللبن، وما شاع عند أهل معان من أن صاحب هذا القبر اسمه الشيخ عبد الله فهو مما جرت به العادة بين الناس غالباً من أن كل من مات غريباً في محل وكان ذا قدر ولم يعرفوه فإنهم يسمونه بالشيخ عبد الله، والتحقيق أن هذا المقام مقام المترجم المرقوم كما هو محقق عند أهالي حمص خلفاً عن سلف، وكان قد حضر دفنه في هذا المحل جماعة من أهل حمص، وكانت وفاته سنة خمس وأربعين بعد المائتين والألف رحمه الله تعالى.
وقال هذا الموشح في مدح الشام:
حبذا الشام مقر الشرفا
…
وديار الأنس فيها وطني
صانها المولى لطيف اللطفا
…
من صروف الدهر طول الزمن
دور
كم بها الأخبار حقاً وردت
…
وأحاديث روتها العلما
وكذا الأبدال فيها سكنت
…
وخيار من خيار الكرما
خيرة الله تعالى قد غدت
…
وإليها يجتبي أهل الحمى
فهي دار الأتقياء الحنفا
…
من بهم يشفى عليل البدن
كنبي الله يحيى ذي الوفا
…
وكذي الكفل جزيل المنن
دور
جامع الأموي حاوي العابدين
…
في دياجي الليل والناس نيام
في خشوع لم تراهم ساجدين
…
ووجوه زانها نور القيام