الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
من رقى أوج الفضل وحل بناديه وتحلى بعقود مقاصد العالم ومباديه. كان كثير العبادة مهاباً محترماً عليه جلالة ووقار، وهيبة بين الأعيان والصغار والكبار، وكان حسن الأسلوب في التعليم، صاحب معرفة في التدريب والتفهيم.
قدم من الآستانة إلى دمشق الشام سنة سبع وسبعين ومائتين وألف واستقام بها، وكان موظفاً من معارف الآستانة بأن يكون معلماً أول في مدرسة الجقمقية شمال جامع بني أمية، وكانت هذه المدرسة مكتباً مقدماً على سائر المكاتب، كما أن شيخه مقدم على سائر مشايخ المكاتب، وحصل على يديه نفع كثير للطلبة في كثير من الفنون والألسنة من تركية وعربية وفارسية، وبعد مدة وجه عليه تدريس الشفا في حقوق المصطفى صلى الله عليه وسلم في تكية السلطان سليم خان، ولم يزل قائماً بوظائفه مع كمال الهمة وبذل الجد والاجتهاد حسب الطاقة، إلى أن توفي أواخر شهر رمضان المبارك سنة إحدى وتسعين ومائتين وألف، ودفن في مقبرة باب الصغير عند قبرة العلامة العلائي صاحب الدر رحمه الله تعالى.
الشيخ عبد الرحمن العراقي الشافعي الأشعري
قد ترجمه السيد عثمان بن سند فقال: إن المشار إليه، ممن تضرب أكباد الإبل للثم يديه، ويعول في المنقول والمعقول عليه، وهو ذو فنون كم من طيها من فنون، وإشارات لها نواظر العرفان عيون، ومحاسن يشهد بحسنها الحاسدون، وشمائل يتنافس بها المتنافسون. وآيات
محكمة الآثار، وروايات تستفيض منها الأسرار، وسيادة بأرجها الكون معطار. فهو من الكمل الذين هزوا من العلوم فناً وفنا، والأجلاء الذين بهم طير الفضائل تغنى، والوجوه الذين أسفر بغرورها الزمان، والصدور الذين راق بهم كل صدر وزان، والأقطاب الذين تدير أنظارهم رحى العرفان، والشرفاء الذين لعالية الشرف كالسنان، والفضلاء المرتقين على الأقران، والأذكياء المحرزين قصب السبق في كل رهان، والأكارم الذين افتخر بهم الأوان، فهو لا ريب أنه على كمال الصفات أبهى عنوان، وهو الفاضل الذي أحيا للشافعي آثاره وأعلى من الفقه بالدقائق مناره، والقمر الذي له العلوم دارة، والمعتبر الذي أبان من روض الإسناد أزهاره، والمتصدر الذي رفعته على صهوتها الصدارة، والمحرر الذي شكره المحرر وعطر المحافل بما أملى وقرر، والمدرس الذي أبرز النكت وأظهر وأدنى قطوف الفوائد، وكان الصلة لطلاب العلم والعائد:
ولع بأبكار المعاني فكره
…
فكأنها عرب إليها يطرب
صفى من العلم الدقيق زجاجة
…
فوها عن السر الإلهي معرب
يا ربع فقه الشافعي بشارة
…
إذ جاد روضك منه دان صيب
أصبحت مفتر الأزاهر ضاحكا
…
من علمه فغناك منه مخصب
أضحت مواردك الشهية في الورى
…
مورودة إذ طاب منك المشرب
حكم أراها ما بدون لعارف
…
إلا سما وله أتم المطلب
ونوادر ما زلن منه شورداً
…
نادي العلوم بها مريع مخصب
رقت زجاجة طبعه فطلبته
…
لأنال منه ما به أتقرب
والشيب لم يكرع بفودي ذوده
…
وقضيبه برد النجابة يسحب
فصرفت عنه لسوء جد في الورى
…
وبقيت لا شرف لدي ومنصب