الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
فما ارعوى عن مقال في تزوره
…
فشق من غيرة أيدي الزمان فمه
وله أيضاً
إذا التجأ اللهيف حذار خصم
…
إلى باب الملوك يرى السكينة
فكيف أخاف معتدياً وإني
…
لملتجئ إلى باب المدينة
وله أيضاً
دع الدنيا وزهرتها لوغد
…
وجانبها إذا كنت الرشيدا
أترجو الخير من دنيا أهانت
…
حسين السبط واختارت يزيدا
توفي سنة ألف ومائتين وإحدى وخمسين ودفن بمقبرة الموصل رحمه الله تعالى.
الشيخ محمد بن أبي بكر بن محمد المغربي الطرابلسي الشهير بالأثرم
الشيخ الفاضل والعمدة الكامل، ولد بقرية انكوان من أعمال طرابلس في حدود سنة خمس وأربعين ومائة وألف وبها نشأ، وكان مبدأ أمره أنه توجه إلى تونس برسم التجارة، فاجتمع على رجل من الصالحين هناك ولازمه، فلما قربت وفاته أوصى إليه بلمبوس بدنه، فلما توفي جمع الحاضرين وأراد بيعه، فأشار إليه بعض أهل الشأن أن يضن به ولا يبيعه، فتنافس فيه الشارون وتزايدوا فدفع الدراهم من عنده في ثمنه وأبقاه، وكان المتوفي فيما قيل قطب وقته فلبسه الوجد في الحال، وظهرت له أمور هناك واشتهر أمره، وأتى إلى الاسكندرية فسكنها مدة، ثم ورد مصر في أثناء سنة خمس وثمانين ومائة، وحصلت له شهرة تامة، ثم عاد إلى الاسكندرية فقطنها مدة، ثم عاد إلى مصر، وهو مع ذلك يتجر في الغنم وأثرى بسبب ذلك وتمول، وكانت الأغنام تجلب من وادي برقة، فتشارك عليها مشايخ عرب أولاد علي وغيرهم، وربما ذبح بنفسه بالثغر
فيفرق اللحم على الناس ويأخذ منهم ثمن ذلك. وكان مشهوراً بإطعام الطعام والتوسع فيه في كل وقت، وربما وردت عليه جماعة مستكثرة فيقر بهم في الحال، وتنقل له في ذلك أمور، ولما ورد مصر كان على هذا الشان لا بد للداخل عليه من تقديم مأكول بين يديه. وهادته أكابر الأمراء والتجار بهدايا فاخرة سنية، وكان يلبس أحسن الملابس وربما لبس الحرير المقصب، يقطع منها ثياباً واسعة الأكمام فيلبسها، ويظهر في كل طور في ملبس آخر غير الذي لبسه أولاً، وربما حضر بين يديه آلات الشرب وانكبت عليه نساء البلد، فتوجه إليه بمجموع ذلك نوع ملام، إلا أن أهل الفضل كانوا يحترمونه ويقرون بفضله وينقلون عنه أخباراً حسنة. وكان فيه فصاحة زائدة وحفظ لكلام القوم وذوق الفهم، ومناسبات للمجلس، وله إشراف على الخواطر فيتكلم عليها فيصادف الواقع.
ثم عاد إلى الاسكندرية ومكث هناك إلى أن ورد حسن باشا، فقدم معه وصحبته طائفة من عسكر المغاربة، ولما دخل مصر أقبلت عليه الأعيان وعلت كلمته وزادت وجاهته، وأتته الهدايا، وكانت شفاعته لا ترد عند الوزراء، ولما كان آخر جمادى الأولى من هذه السنة توجه إلى كرداسته لإيقاع صلح بين العرب وبين جماعة من القافلة المتوجهين إلى طرابلس، فمكث عندهم في العزائم والإكرامات مدة من الأيام ثم رجع، وكان وقت شديد الحر فخلع ثيابه فأخذه البرد والرعدة في الحال، ومرض نحو ثمانية أيام، حتى توفي نهار الثلاثاء ثالث جمادى الثانية سنة ألف ومائتين وسنة. وجهز وكفن وصلي عليه بمشهد حافل بالأزهر، ودفن تحت جدار قبة الإمام الشافعي في مدافن الرزازين، وحزنت عليه الناس كثيراً، وقد رآه أصحابه بعد موته في منامات عدة تدل على حسن حاله في البرزخ رحمه الله.