الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وقدس الله بالتقوى سرائره
…
فمن أراد له شأواً طغى فنأى
وأكرم الله مثواه على قدر
…
تنزلت آية تستتبع النبئا
كأن يوسف معناه أقام له
…
في مقعد الصدق للألباب متكئا
أكرم بأحمد أشياخ اليقين لقد
…
حمى اليقين فمن لم يقفه خسئا
شيخ عيال عليه كل ذي أثر
…
بدا فأبدى طريقاً قيماً بدأ
بحر من العلم لا زالت جداوله
…
تزيل عن وادي ساحاته الظمأ
هيهات يعرف أبطال الوجود له
…
شأواً تعالى وشأناً عز ما فتئا
أنى يضاهى وطه مد راحته
…
إليه والجمع من شم الأنوف رأى
كأنه آية من ربه سبقت
…
فجسمت فهو من آياته نشأ
فقل لمن رام تفضيلاً وتكرمة
…
الله أدرى بمن أولى وما درأ
عليه رضوان مولاه وما برحت
…
علياه ذكراً يطيب الكون ما فقرئا
وقد توفي رحمه الله تعالى عام ألف وثلاثمائة وأربعة عشر.
ملا حسن أفندي الشهير بالبزار بن ملا حسين ابن ملا علي الموصلي
ترجمه صاحب العقود الجوهرية، في مدائح الحضرة الرفاعية، أحمد عزت باشا، فقال: هو الأديب الفاضل، والأريب الكامل، ولد في الموصل بمحلة حسان البكري يوم الثلاثاء عاشر شهر جمادى الأولى سنة إحدى وستين ومائتين وألف. وكان فطناً ذكياً، وشاباً لوذعياً، وبعد إكماله قراءة القرآن الكريم، باشر في قراءته العلوم على علامة وقته الشيخ صالح أفندي ابن المرحوم الحاجي طه الخطيب المشهور، ولما انتهى إلى المنطق، ترك ذلك، واشتغل بنظم الشعر مع كونه مشغولاً في صنعة البزارة ولا زال
شعره يترقى ويروق، ويعلو على شعراء عصره ويفوق، فإن غزله ونسيبه أرق من نسيم الصبا، وأمداحه محصورة في مدح حضرة المصطفى، والأولياء والصلحاء. وديوان شعره طبعوه في حلب، تتداوله أيدي الفضلاء، وأكف البلغاء. ولما كنت في الموصل لا زال يزورني ويهدي إلى فكري لطيف إنشاده، وما كان يقطع زيارته على معتاده. ثم إنه أخذ الطريقة الرفاعية عن الشيخ حاجي سلطان، والطريقة النقشبندية من المرحوم الشيخ السيد محمد أفندي النوري. ولا زال يترقى حاله في الصلاح، وطريق النجاح، حتى استخفه الشطح، فكان طوراً تجذبه حبال الجذبة، وطوراً يعقله زمام العقل، وحالاته أصبحت ممتزجة بالقبض والبسط، والرفع والحط. ثم إنه فقد بصره، وبقي أغلب أحيانه يمشي بالأزقة ويرقد فيها ليلاً، ويجر في أوحالها ذيلاً، لكنه قبل وفاته كما قيل لي بأنه قد عاد إليه عقله، واصطلح فرضه ونفله، وإنه عند أغلب أهل جلدته، وأكابر بلدته، مظنة الولاية، مع ما ينضم إليها من الدراية، ومن نظمه:
قلبي إليكم بأيدي الشوق مجذوب
…
والصبر عن قربكم للوجد مغلوب
لا أستفيق غراماً من محبتكم
…
وهل يضيق من الأشواق مسلوب
يا قلب صبراً على هجر الأحبة لا
…
تجزع لذاك فبعض الهجر تأديب
همو الأحبة إن صدوا وإن وصلوا
…
بل كل ما صنع الأحباب محبوب
إني رضيت بما يرضونه وبهم
…
والله يعذب للمشتاق تعذيب
فالروح والقلب بل كلي لهم هبة
…
وكيف يرجع شيء وهو موهوب
لي فيهمو سيد طاب الوجود به
…
فمنه في كل ناد يعبق الطيب
هو الرفاعي سامي الجد أحمد من
…
قد لاذت العجم فيه والأعاريب
أكرم به سيداً طابت عناصره
…
وكيف لا وهو للمختار منسوب
أنعم به منهلاً راقت موارده
…
فكم صفا منه للأحباب مشروب
هذا الذي يفخر الفخر السني به
…
هذا الذي هو للمطلوب مطلوب
هذا الذي شرف الأشراف تم به
…
هذا الذي هو للعلياء مخطوب
هذا الذي يسعد العبد الشقي به
…
فكم وكم نال فيه الأمن مرغوب
غيث مغيث لمن فيه استغاث وكم
…
نجا بهمته العلياء مكروب
وكم ذليل به قد عز جانبه
…
وكم بعيد به أدناه تقريب
سر من الله في كل الوجود سرى
…
منه إلى الخلق ترغيب وترهيب
شمس المعارف من إشراق حكمته
…
للعارفين بدت منها أعاجيب
بني رفاعة سدتم رفعة وعلاً
…
وذكركم في جباه الفخر مكتوب
تمت محامدكم في عز أحمدكم
…
فمجدكم مثل في الكون مضروب
هو الإمام الذي ديوانه أبداً
…
في الكائنات مدى الأيام منصوب
فرد به مفردات الفضل قد جمعت
…
ندب بكل شديد الهول مندوب
روحي وراحي وريحاني مدائحه
…
وحبه لفؤادي فيه تهذيب
يا أحمد الأولياء انظر إلي وقل
…
لا تخش أنت علي اليوم محسوب
يا صاحب الهمة العلياء خذ بيدي
…
إني وحقك للأعداء مغلوب
يشفى لديغ الأفاعي من عزائمكم
…
وعبدكم بأفاعي البعد ملسوب
حاشا لمجدك أن ترضى ببعد فتى
…
له إلى بابكم بالذل تأويب
يا عترة المصطفى أنتم أكارم لا
…
يخيب فيكم لدى الآمال مطلوب
إن تقبلوني على عيبي فيا شرفي
…
فليس لي غيركم قصد ومرغوب
فأنعموا بقبولي واملؤوا قدحي
…
من راحكم فهو للأرواح مصحوب
صلى الإله على المختار جدكمو
…
ما فاح في الكون من ذكراكم الطيب
والآل والصحب ما نادى محبكمو
…
قلبي إليكم بأيدي الشوق مجذوب
توفي رحمه الله في شهر ربيع الأول من عام ألف وثلاثمائة وخمسة وما بقي في البلد كبير ولا ولد حتى شيع جنازته، رحمة الله عليه آمين.